نواب الحمل الكاذب

mainThumb

02-08-2024 07:13 PM

إلى كل المرشحين الذين سيصبحون نوابا للأمة بعد الاستحقاق الدستوري، لا تكونوا كالكثير ممن سبقكم وقضى نحبه؛ نائمين على كراسي نيابتكم، ولا تكونوا الخانعين على مصالحكم الخاصة وصفقاتكم الشخصية، كفانا خذلانا للوطن، فهذا الوطن يستحق منكم التضحية والبذل والعطاء أو التنحي، ونحن - ابناء جلدتكم - لنا عليكم حق النصرة والعون، وللوطن علينا كمواطنين حقٌ ألا نخذله في اختيار النائب الذي تظهر عليه علامات المواطنة الصالحة. بالله عليكم لا تقتلونا حيثُ ثقفتمونا ولا تقعدوا لنا كل مرصد. الوطن غالي؛ فلا تبيعوه بثمن بخس، والانسان أغلى ما نملك؛ فلا تجعلوه سلعة يلتقطه بعض السيّارة. هذا ما أحببتُ أن أبدأ به موضوع مقالتي هذه.

عودنا المرشحون الذين يطرحون أنفسهم ليكونوا أعضاء في المجالس النيابية على امتداد تعاقبها خلال الدورات الماضية أن تكون بياناتهم الانتخابية حبلى بتوائم المشاريع الإنتاجية، ومشاريع القوانين الإصلاحية، والمشاركة في اعداد الأجندة الوطنية التي من شأنها الارتقاء بالوطن وانجازاته ومقدراته، وبالمواطن ومستوى معيشته. وكعادتنا نحن أبناء الشعب "المسخّم"، نرحب دائما بقدوم كل ما سينجبه لنا ذلك الحمل من مواليد نأمل لهم مستقبلا زاهراً وعامراً ومكللاً بالنجاح والتوفيق؛ ليكونوا سنداً لنهضتنا الوطنية، وسبباً في تحقيق الرؤية الإصلاحية المنشودة، فتُرانا في كل حمل نستنجد بالأحبال الصوتية لـــِ " مهدبات الهدب " لإطلاق الزغاريد، ونستثير نخوتهن لرش " المخشرم" لحظة الولادة، ونستعطف العجائز والجدات بعدم تقديم خبراتهن المغلوطة في كيفية التعامل مع هؤلاء المواليد الجدد، والاستعانة بنصائح الأطباء والمختصين المبنية على أسس علمية وطبية واضحة، وإذا لم يفلح ذلك الاستعطاف ؛ تُرانا نخفي كل أكياس الملح المركونة في خزانات "المطوى" حتى لا يتم تمليح هولاء المواليد؛ فهؤلاء المواليد إذا ما تم تمليحهم سيؤدي ذلك الى جفاف وتشققات وتصدعات في الجلد، ثم نُبعد بعد ذلك "الملفع والقماط" الذي قد يكبل ذلك المولود ويعيق حركته، ونمزّق " الخروق" تلك القطع التي تم استحداثها من ثوب لحاف قديم "ملحفه"، والتي قد يؤدي استخدامها الى جعل المولد "يسمّط".

لنبدأ بعد ذلك، بتجهيز البدائل، فتُرانا نكثر من شامبوهات وبلسم الأطفال الفاخر من نوع " بيبي جوي" واطلع، ونكثر من حفاظات "البامبرز" الفاخرة ونتخير "ملفع" من اجود أنواع الأقمشة القطنية وبألوان جذابة وبراقة ومُطعّمة برسومات كرتونية مستوردة وجميلة من أمثال "بسيط" و "نظيف" و" سبونج بوب" وإن كان كل ذلك على حساب قوتنا وقوت عيالنا، انطلاقاً من إيماننا المطلق بأن الوطن أغلى ما نملك.
ومع توخّينا كل سبل الحيطة والحذر في التعامل مع ذلك المولد، إلا اننا نتفاجأ في كل مرة وبعد كل دورة نيابية ومجلس نيابي مُنتهية ولايته بأن ذلك المولد سرعان ما يصاب بالجفاف رغم "قلابات" الأكواسال التي نقذفها في فمه، ويعرّي جلده السماط رغم استخدام " البامبرز" والاستعانة بـــــــــــِ " الصودا كريم " لتفادي المشكلة، وتبدأ عليه ملامح الضعف والهزل رغم أن رضاعته وطنية وطبيعية ظاهريا! ونحاول تدارك الموقف بتعزيزه بحليب صناعي مستورد وتحت اشراف طبي مباشر، ولكن دون فائدة تُرجى، ويقف "السيميلاك" و "التيميلاك" وكل الأغذية الصناعية مكتوفة اليدين أمام ذلك الضعف والهزل الذي أصاب ذلك المولود إلى أن يذبل ويجف ويسقط من بين ايدينا إلى ضيق اللحود ومراتع الدود، لنبدأ بعدها بالبكاء والعويل في وقت لا ينفع فيه بكاءٌ ولا عويل. وهنا أسأل كمواطن:
من المسؤول عن هذه النتيجة؟
هل كان الاختيار مناسبا ما بين الخاطب والمخطوب؟
هل كان هناك خلل في عملية الاختيار (اختيار النائب الذي نريد)؟
هل فعلا كان هناك حمل؟
أم أن الحمل كان غير شرعيا؟
أم أن الحمل قد تم خارج كيس الرحم مما ادى إلى حدوث حمل كاذب؟
أم هل كان هناك خلل في عملية التلقيح؟
أم أن الولادة كانت قيصرية؟
وهل حدثت أخطاء طبية في عملية استخراج الجنين؟
أم أن البيئة التي وضع فيها الجنين غير ملائمة لنموه؟

أسئلة واستفهامات تنتظر إجابات واضحة الدلالات.

وأخيرا؛ أيّاً كان السبب فهو غير مهم إلا في قضية واحدة، وهي تفادي تكرار حدوث ذلك مرة أخرى، فكما قال الشهيد وصفي التل رحمه الله: "حينما يتعلّق الأمر بالوطن، لا فرق بين الخيانة والخطأ؛ لأن النتيجة هي ذاتها' . لذا فلنختار نائب الوطن الذي تظهر عليه علامات المواطنة الصالحة، وع رأي العجائز والجدات: " المليح اللي الله بوفقه"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد