أهميّة تماسك الدولة في مواجهة الاستحقاقات المقبلة

mainThumb
طايل الضامن

30-07-2024 01:06 AM

جاءت التعديلات الدستورية لعام 2022، بتغيرات جوهرية على مسار الحياة السياسيّة والحزبيةّ في البلاد؛ هدفت بشكلٍ أساسيّ للوصول إلى بناء مؤسسات عامة قادرة على النهوض بالوطن تحقيقًا للتنمية والاستقرار والازدهار على كافّة الأصعدة.
ونعيش هذه الأيام ترجمةً حقيقيةً لهذه التّعديلات الإصلاحية، عبر الاستعداد والمشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمعِ عقدها في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل من العام الجاري، وفق قانونَيْ انتخاب وأحزاب جديدين انبثقا عن الإصلاحات الدستورية الأخيرة.
إذن؛ نحن أمام فرصة حقيقية لاستثمار "النّصوص الإصلاحية"، ونحولها إلى قوّة تنعكس على مؤسساتنا التشريعية والرقابية، وبالتالي على مرافق الدولة كافة، وهذا يتطلب من الجميع تحمل المسؤولية والمشاركة في صناعة الإصلاح، والابتعاد عن العزوف أو «التّخندق» في خندق «الهامشيين غير المكترثين»؛ فالوطن في أمَسِّ الحاجة للوقوف إلى جانبه؛ إذ علينا الانتباه إلى ما يلي:
أولًا: الواقع المأساوي وما أحدثه العدوان الإسرائيليّ في قطاع غزة لن يعود كما كان، فنحن مقبلون على واقع جديد في القطاع، قد يصل إلى حدِّ تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وضم القطاع إلى دولة الاحتلال والبدء في بناء المستوطنات.
ثانيًا: تصاعد مخاطر العدوان على لبنان، بُغية تحجيم قدرات حزب الله اللبناني أو القضاء عليه، وهذا قد يتطلب إعادة احتلال «إسرائيل» لجنوب لبنان مجددًا من أجل حماية المناطق الشمالية أو تفريغ حزب الله منه ونشر قوات دولية تابعة للأمم المتحدة.
ثالثًا: إنّ المطامع الإسرائيلية بالسيطرة والتوسع لن تتوقف عندَ حدٍ معين، فملف الضفة الغربية سيكون تاليًا؛ فـ«إسرائيل» منذ سنوات بدأت بابتلاع الارض وضمها إلى «كيانها» مع فصل السكان عن الأرض من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية، وإقامة الحواجز والقواطع، ومحاصرة البؤر السكانية الفلسطينية، وتسمين الاستيطان، وهي اليوم مرشّحة أكثر من أيّ وقت مضى أن تقوم باستهداف السكان من خلال التهجير، وأعتقد هنا، أنّ العملية ستكون أسهل بكثير من قطاع غزة على دولة الاحتلال التي لا تتمتع بأية معايير أخلاقية أو إنسانية وفق مبادئ القانون الدوليّ.
رابعًا: إنّ إعادة انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، ووقوفه الأعمى والصّريح إلى جانب دولة الاحتلال وما يحمله من أفكار فيما يسمى بــ «صفقة القرن» سيترك أثرًا كبيرًا وخطيرًا على الأردن، وسيقضي على حلِّ الدولتين.
خامسًا: ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف مئات الاف الشباب العاطل عن العمل، واتساع الفجوة بين الرسمي والشعبي، يشكل خطورة على المكون الاجتماعي الأردنيّ.
سادسًا: تمركز الميليشيات الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإيراني في الجنوب السوري، والقريبة من حدودنا الشمالية، وما تشكله من خطر استراتيجي على الأمن الوطني، وإطلاق الطائرات المُسيّرة الأخيرة قد ينشط في المرحلة المقبلة إنْ وقعت الحرب على لبنان ويتم استهداف الساحة الأردنية.
في ظلِّ هذه التحديات أو الأخطار يتطلب من الجميع سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، العمل على ما يلي:
أولًا: توفير أسباب ضمان نجاح العملية الانتخابية وفق القانون، بعيدًا عن التدخلات أو أية عمليات قد تعكر نزاهتها، والتركيز على قدسيّة الصندوق في فرز النائب الذي يستحق، وهذا أمر منوط بيد الدولة.
ثانيًا: شعبياً، المطلوب اليوم من الجميع هو المشاركة الفعالة، والتركيز على اختيار الأنسب والأفضل للمرحلة المقبلة، وعلى الكيانات السكانية أو العشائرية أنْ تفرز أفضل مما لديها، فلا نريد نوابًا هدفهم اصطياد العطاءات والعطايا، فالمرحلة المقبلة لا تحتملُ أيّ انحراف.
ثالثًا: يحتاج الوطن إلى حكومة قوية صاحبة ولاية عامة مسؤولة أمام البرلمان، تقود البلاد في المرحلة المقبلة، التي قد تكون من أخطر المراحل.
رابعًا: البدء بثورة إدارية بيضاء، تضع الرجل القيادي في المكان المناسب، بعيدًا عن أي معيار إلّا معيار الكفاءة والقدرة على تحمل مسؤولية المرحلة.
خامسًا: تفعيل مبدأ المحاسبة، وتطوير آلياته، وتشديد العقوبات بحق أيِّ متجاوز على المال العام أو الوطن.
سادسًا: بناء مشاريع وطنية وخلق فرص عمل للشباب الأردني، وبناء شراكات مع دول عربية صديقة لتزويدهم بالأيدي الأردنية المدرّبة.
سابعًا: النهوض بالقطاع التعليمي بشقيه المدرسي والجامعي وبكل فئاته، وصولاً إلى حالة من الاستقرار والثبات والتقدم، والتركيز على التعليم التقني والمهني.
كما أنّ الالتفاف خلف القيادة الهاشمية والجيش، صفًا واحدًا، يُعدّ ركنًا أساسيًا لا حاجة أنْ أذكِّرَ به في النقاط السابقة، فهذا الركن يعد حجر الأساس، إذا أردنا حماية الوطن والعبور به من العاصفة الهوجاء المقبلة، ولنكن على يقين أنّنا مع القيادة الحالية استطعنا أن نعبر تبعات حروب كثيرة في الإقليم، إضافة إلى تصدعات ما سمي ثورات الربيع العربي التي انعكست ويلاتٍ على الشعوب العربية، والتي ما زالت آثارها البائسة إلى يومنا هذا، وبإذن الله سنعبر المرحلة بسلام.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد