قايد الدبكة

mainThumb

22-07-2024 06:40 PM

قد يأخذكم العنوان إلى الفلكلور الشعبي الذي يتميز به مجتمعنا من فنون، ومن باب الدلالة على المشاركة في احتفال أو عرس، أو كمصطلح حديث للشهرة "ترند" على مستوى الحارة أو المنطقة بل الدائرة الانتخابية. لكن، صدقاً لم أجد أقرب للمشهد الذي نحن فيه الآن إلا قايد الدبكة الذي يختار أن يكون على خط الدبكة ويلوح بيده المنديل أو المسبحة.

لماذا قايد الدبكة بالذات؟ يشتهر قايد الدبكة بأنه دبيك صاحب أهداف، يضرب العصفورين بحجر واحد. تعلم ذلك من أحد مشاهد مسلسل "مرايا" حيث يقلد الممثل ياسر العظمة الرجل الطموح الواثق بنفسه الذي قرر تعلم فنون الدبكة من ترشحه الأول في مجلس النواب كمحاولة لأن يصبح اجتماعياً ويشارك في كل المناسبات. وعلى مر الدورات الانتخابية ومجلس النواب التي شهدتها الأردن، يتكرر المشهد بنفس الشخصية ونفس الأسلوب ونفس الدبكة.

هل يعقل ذلك؟ نائب لم يتكلم في مجلس النواب منذ أربع سنوات، لم يبدِ رأياً أو يوجه للحكومات أي سؤال، لم يطالب بزيادة الرواتب أو حل مشكلات الشباب، يعود الآن ليدبك معنا؟ لكن، عاد كالعادة من باب الخجل. واجبه الشخصي يذكره بأنه "قايد دبيك"، بخطوته الثابتة كما يعرف عنه، ويحاول التفنن بها ليتقنها أكثر، يعتقد أن ذلك يجذب الناخبين إليه ليستمر في الحصول على مقعده على مدار الدورات الانتخابية.

تمضي الانتخابات كالعادة، ومع تقادم الأيام والسنوات وتمر القرارات، يغضب الشارع ويسأل المواطن: أين النواب؟ أين الدبيك؟ ويصاب المواطن بالخذلان من ارتفاع الأسعار وفواتير الكهرباء والمياه، وارتفاع المشتقات النفطية والضرائب، وتدني الرواتب. تنقطع الاتصالات بقايد الدبكة فجأة، "الرقم المطلوب مغلق حالياً أو خارج الخدمة" حينما يتخرج الابن، وحينما تحتاج إلى خدمة. عندها، يسأل عنه فيقال: "شفناه يوم عرس فلان قبل سنوات حينما كان قايد الدبكة". يعاد مشاهدة المشهد من قبل الأهالي "العرس القديم" ليتذكروه، يا لروعته وبداعته، كان فنان دبيك بارع يتزاحم الجميع على المسك بيده، بل يصر على دعوة الجماهير بالمشاركة في العرس. كم كان حريصاً على إظهار نفسه في كل الصور ومقاطع الفيديو من قبل المصور، ليكون ترند الحفلة، ويعتبرها دعاية انتخابية مجانية يراها الجميع عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

هذا هو الواقع وما يحصل هذه الأيام. هل بالفعل ما نبحث عنه هو دبيك؟ أم شخصية جديدة تحرص على كسب فئات الشباب ليشاركهم همومهم ويحاول حل مشاكلهم؟ هل نريد دبيك يعلمنا الدبكة، أم يعلمنا كيف من خلاله نستغل حماسه لنذهب لصندوق الاقتراع ونشارك معه في عرس وطني، وكلنا تفاؤل بأن هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، ونحظى بمجلس نيابي مميز يناسب الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، أهمها اقتصادياً وسياسياً؟ وقتها سيقل "الدبيكة"، وهذا ما نحتاجه في مجلس النواب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد