لا يحتاج دونالد ترامب أن يكون ضحية

mainThumb

20-07-2024 10:47 PM


تكاد تجمع مختلف الأطياف السياسية والاعلامية العالمية على ترصيد حادثة محاولة اغتيال مرشح الرئاسة الامريكية دونالد ترامب في حساب اهليته للفوز باعتبار موجة التعاطف العالمية التي سارعت في مستواها الشعبي الى الاهتمام والالتفات نحو ترامب من خلال فلسفة " الجهة المقابلة " اقصد من خلال تصريحات وافعال الرئيس بايدن التي عدّها بعض المنحازين والمحايدين تحريضا ، ناهيك عن ادارة بايدن الفاشلة في نظر قطاع كبير من الشارع الامريكي سواء في السياسة الداخلية او الخارجية او الاقتصاد الذي يشغل الداخل اكثر من السياسة .

موجة التعاطف العالمية هذه رافقها موجة رسمية من التضامن والشجب الذي ارتدت ثوبا دبلوماسيا محايدا لم يستطع اخفاء تخوّفها من تاثير هذه الحادثة على السياسة الامريكية عموما ، بخاصة في منطقتنا اثر مخاوف من دوافع ارهابية تقف خلف الحادث يخشى من اتهام المنطقة بإرهاصاتها .

اننا اذ نتخيل عددا من سيناريوهات تدبير محاولة الاغتيال _لا مجال لذكرها _ يمكننا قبول ما صرحت به FBI باعتبارها العمل ذو دوافع فردية ، تكرس هذه الدوافع حالة من ظلم القوانين او القائمين على تنفيذها حين تتيح الظروف لهم سلطة التقدير فيها ادت الى اختزال دوافع الانتقام داخل نفسية الفاعل في شخص المسؤول الاول عنها وهو راس هرم السلطة التي تولت هذه العملية حركت خيبة امل الفاعل في اشخاصها ومراجع تدقيقها فطرة الانتصار الى النفس ولو بطريق الجريمة .

علينا ان نقر ان مشهد الضحية وما يستلزمه من التعاطف يجلب اعوانا على المصيبة في حالات كثيرة اهمها مشاكل العاطفة والعلاقات الاجتماعية ؛ غير انه لا يجدي نفعا في شؤون السياسة واقتضاء الحقوق ، دليل ذلك ما نشهده يوميا من ملايين اجراءات التعاطف مع الضحايا دون طائل ولا فائدة تُجنى .

مؤدى ما سبق : ان القوة وحدها _ بغض النظر عن شكلها _ اداة السياسة ولا جدوى من كل ما قيل في تعاطف الناخبين وغيرهم مع ترامب ؛ فهو يعتلي قدرا كبيرا منها يغنيه عن حاجتها ، لقد امتلك قوته هذه بفعل جرأته التي مكنته من التعامل مع منصبه _ حين كان يعتليه _ التي اعتبرها من راى في خلافة بايدن له بديلا مناسبا للخلاص من خطأ ارتكبه وسرعان ما اكتشف عدم ص اب فكرته بعد معايشته ايام بايدن الاولى هذا من جهة ، من جهة ثانية ضعف منافسه الرئيس بايدن سواء في طريقة التعامل مع كرسي الرئاسة او سياسة الدولة في مواجهة المخاطر المحيطة من حيث التعاطي مع التحالفات ، او سواء من حيث قدرة الرئيس الادائية سواء على مستوى الجرأة الشخصية او القدرة الذهنية .

نتذكر هنا مثلا شعبيا مفاده " ما بتعرف خيري الا لما تجرب غيري " رجل الاعمال والتاجر ترامب افضل عند الامريكي من بايدن الذي يتعامل ببيروقرطية الوظيفة وقيود حركتها مقابل سرعة الصفقة وجدوى اتمامها لدى ترامب ، غير ان الصورة تنعكس تماما عند الحديث عن الشؤون الخارجية ؛ فالعالم والمنطقة بالذات : يتقنون التعامل مع شخص مثل بايدن في حين لا يتقنون ذلك مع ترامب ان لم يكونوا غير راغبين في هذا التعامل اصلا .

ضعف الرغبة هذا او انهدامها مقترنا مع التخوف من اثر محاولة الاغتيال هذه على نفسية ترامب وتغيير رؤيته لكرسي الرئاسة وطريقة التعامل معه ، مضافا اليه تغير الظروف الراهنة عما كانت عليه اثناء تولي ترامب رئاسته الاولى ، وتفاعل هذه العناصر مع فرضية ارجحية فوز ترامب _التي سبق ان قلنا بأنها ليست بحاجة لمثل هذا التعاطف _ معادلة تجعل من امر ارتفاع نسبة القلق الى حد غير معتاد امرا ضروريا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد