يوم الحساب

mainThumb

16-07-2024 02:25 PM

قال تعالى في كتابه العزيز (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (الحجر: 21))، فهذا القدر المعلوم يتم عن طريق ملك إسمه ميكائيل (مِيكَائِيل أو مِيكَال هو مَلَكٌ من الملائكة جاء ذكره في القرآن و‌الأحاديث من سيرة النبي محمد ﷺ وهو مَلَكٌ من الملائكة العظام يُروى أنه مُوكَّل بـالمطر والنبات وهو ذو مكانة من ربه عز وجل ومن أشراف الملائكة المقربين وهو الموكل بموازين السموات والأرض من كل شيء (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (البقرة: 98)). فوضع الله الميزان لوزن ما دق وما عظم من كل شيء خلقه الله ومن أعمال البشر. فلو تطرقنا لتعريف الميزان: فهو كلّ وسيلة تُستعمل للقياس، سواء كان قياس الحقّ من الباطل، أو العدل من الظلم والجور، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الاجتماعية المختلفة.

والميزان يشمل كذلك كلّ نظام تكويني ودستور اجتماعي، لأنّه وسيلة لقياس جميع الأشياء. والميزان لغة: هو وسيلة لوزن الأجسام الماديّة المختلفة، إلاّ أنّ المقصود في هذه الآية (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (الرحمن: 7)) والذي ذكر بعد خلق السماء أنّ لها مفهوماً واسعاً يشمل كلّ وسيلة للقياس بما في ذلك القوانين التشريعيّة والتكوينية، وليس وسيلة منحصرة بقياس الأوزان الماديّة فقط. ومن هنا فلا يمكن أن تكون الأنظمة الدقيقة لهذا العالم، والتي تحكم ملايين الأجرام السماوية بدون ميزان وقوانين محسوبة. وعندما نرى في بعض العبارات أنّ المقصود بالميزان هو "القرآن الكريم"، أو "العدل"، أو "الشريعة"، أو "المقياس" ففي الحقيقة إنّ كلّ واحدة من هذه المعاني لها مفهومها الخاص والواسع الشامل. ونستنتج من الآيتين اللاحقتين استنتاجا رائعاً حول هذا الموضوع حيث يضيف الله بقوله تعالى العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه وافيا غير منقوص (ألاّ تطغوا في الميزان، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (الرحمن: 8 و 9)).

وجمع الميزان مَوَازِين، والميزان آلة تستعمل لقياس الكتلة، ووزن الشيء أو ثقله، والميزان ما يوزن به شيئان أو أكثر. والتوازن في الميزان هو تساوي الثِّقَل في كلتا كِفَّتَي الميزان، وللأوزان قياسات منوعة حسب البلدان، وتستعمل الموازين في الأعمال التجارية والعملية لتحديد أوزان أثقال تتراوح بين المواد الخفيفة جدًا مثل الذهب والأدوية، والمواد الثّقيلة جدًا مثل الصخور وعربات السكة الحديدية التي يصل وزنها إلى عدّْة أطنان. وهناك ثلاثة أنواع من الموازين، وحسب تطورها التاريخي أولاً: الموازين التقليدية، وثانيا:، الموازين الميكانيكية، وثالثا: الموازين الإلكترونية. والموازين عند ربنا تختلف بإختلاف الأهداف التي خلقها الله من أجلها ولكن في الآخرة أي يوم الحساب كل أنواع الموازين تصب أوزانها في الميزان العام الذي يستخدمه الله في حساب أعمال جميع خلقه (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ، فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ، وَأَمَّا مَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ، فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ، وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَهۡ، نَارٌ حَامِيَةُۢ (القارعة: 6-11))، فالموازين تعني أوزان أعمال كل مخلوق من خير ومن شر ومن خفت موازيين أعمال الخير وثقلت أعمال الشر فستكون نهايته إلى النار والعكس تكون نهايته إلى الجنة. فنسأل الله أن يثقل موازيننا يوم الحساب وأن لا تكون أمّنا الهاوية بل تكون الجنة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد