السياحة في الأردن تفوق الوصف

mainThumb

11-07-2024 04:56 PM

مفهوم السياحة بالعالم العربي يرتكز على ما يتم إدراكه غالباً عبر التغذية البصرية بمشاهدة الشلالات والمياه الجارية والمنتزهات الخضراء، أو يدور حول التزود بالأطعمة والمشروبات والجلوس في المقاهي العصرية التي انتشرت في كل شارع وزاوية، أو التسوق بالأسواق التجارية، أو حضور الفعاليات والأنشطة التي تستهدف شريحة محدَّدة دون غيرها.
الشريحة الأكبر من السياح تتطلع بأن تكون السياحة أكثر ثراءً بتنويع الأنشطة السياحية من خلال عقد دورات تربوية أو علمية أو مسابقات ثقافية أو ممارسة مهارات يدوية حرفية أو اكتشاف مهارات خطابية أو صوتية، وغيرها من المناشط التي يبحث عنها السياح ويتطلعون إليها، هذا ما تفتقده معظم بلادنا العربية، فلا تزال السياحة تبحث عن أفكار سياحية أخرى غير التي اعتاد عليها معظم السياح.
في الوقت الحاضر باتت السياحة صناعة تعتمد عليها معظم البلدان في الناتج القومي المحلي لدعم الاقتصاد، هذا يدعونا لاستثمار كل ما لدينا من الكوادر البشرية والمقومات السياحية والمادية، لا سيما في الوطن العربي الذي يتميز بالتاريخ والآثار والجغرافيا والطبيعة الخلابة والمناخ اللطيف والأمن الوارف.
كنت في زيارة استطلاعية سياحية للأردن في الأعوام الماضية، رأيت أفواجاً من السياح غير العرب تتقاطر على نوافذ المكاتب السياحية بالعاصمة عمَّان بهدف الحصول على تذاكر للذهاب والعودة للانتقال عبر الباصات السياحية إلى الأماكن الأثرية -البتراء تحديداً– والتي كانت على قائمة المواقع المستهدفة بالزيارة الاستطلاعية، اللافت أنه بمجرد الوصول لتلك المواقع الأثرية التاريخية في البتراء التي تعود للعهد الروماني والنبطي كانت نسبة الزائرين العرب تساوي الصفر حسبما ذكر لي أحد المسؤولين في شباك التذاكر على الرغم من انخفاض قيمة التذكرة للزوار العرب التي لا تزيد عن دينار واحد في حين تبلغ 50 ديناراً للزائرين من غير العرب.
استطاعت الأردن استقطاب السياح من كل أقطار العالم عبر الاستثمار في المواقع الأثرية والتاريخية التي تزخر بها الأردن في البتراء وعمَّان وجرش، في أثناء زيارة البتراء لفت نظري سلوك السائحين غير العرب القادمين من أوروبا تحديداً، فلديهم اهتمامات ربَّما لا تُلفت انتباهنا عادةً، تأملت أحد السائحين يتفحص أجزاء نبات أخضر للتعرف على الخصائص لهذا النبات، وآخر يُمسك بالقلم ليرسم على ورقة منظراً من الطبيعة الجبلية تأثر بمشاهدته، بينما لاحظت إحدى السائحات تنقل نصاً مرسوماً على صخرة صمَّاء أثرية تحوي نقوشاً ورموزاً لفك شفراتها لاحقاً.
الأردن بلد سياحي بامتياز، فالأمن الوارف في كل الأرجاء، والمقاهي العصرية تنتشر بكثافة في العاصمة عمَّان تشاهد عبر شرفاتها المُطلة على وسط المدينة عبق الماضي وأصالة الحاضر، هناك في عمَّان نشأت الثقافة العربية، فلا تعجب إن شاهدت المواطن الأردني العادي يقرأ في صحيفته بشغف ويتحدث بلباقة واقتدار قلَّما تجده عند باقي الشعوب العربية الأخرى.
من المعالم في شمال الأردن جرش الأثرية، وتلفريك عجلون، والقلعة التي تعلو المرتفعات الجبلية، أما في الجنوب فتجد البتراء الأثرية وهي معلم تاريخي قلَّ نظيره يرتاده السياح من كل أرجاء العالم، ومن المناطق التي تكتظ بالسياح مدينة العقبة الساحلية، فهناك الفنادق الفخمة والمطاعم الفاخرة ونسيم البحر، وباقي المدن الأخرى تكتظ بالسكان المحليين الذين يرحبون بالسياح، بها أماكن مميزة للإقامة وباقي الخدمات متوفرة بكثرة.
في الختام هذه دعوة لحضور فعاليات جرش التي تعقد كل عام، ذلك المهرجان سوف يقام في الفترة بين 24 يوليو حتى 3 أغسطس من هذا العام 2024م في الدروة 38 حسب اعلان إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون؛ إنَ حضورك للمهرجان دعم للقضية الفلسطينية إعلامياً ومادياً، سوف تكتشف من خلال الزيارة بالإضافة للمقومات السياحية كرم الضيافة والأصالة وطيب المعشر لدى شعب الأردن؛ وأكاد أجزم عن يقين أن الأردن سوف يكون هو وجهتك السياحية في كل عام عندما تكتشف أن هذا البلد قد غابت عنه عدسة الاعلام السياحي لعقود من الزمن.

 

* كاتب سعودي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد