الانتخابات النيابية ومجرد رأي

mainThumb

08-07-2024 06:42 PM

في هذه الظروف الصعبة وما تمر به المنطقة والعالم من تحديات مصيرية لوطننا العربي الكبير وموقعه على خارطة العالم ، وما يتعرض له أهلنا وشعبنا الصامدين الصابرين في فلسطين، وحرب الإبادة الوحشية البربرية على غزة، وسيف التهجير المسلط على رقاب شعبنا بما في ذلك فلسطين المحتلة عام (1948).
في هذه الظروف التي تتطلب منا في الأردن وحدة وطنية حقيقية بكل معنى الكلمة، ومؤسسات قوية من البرلمان لغاية أصغر مجلس قروي، في هذه الظروف يأتي الاستحقاق الانتخابي والمفترض في موعده، ولكن هل الساحة الأردنية اليوم مستعدة لذلك الاستحقاق؟
وكم ستكون نسبة المشاركة ؟
الحقائق على أرض الواقع تؤكد لنا أنه منذ حل آخر مجلس نواب منتخب بشكل ديمقراطي حقيقي قال الشعب كلمته وأفرز حكومته، كان عام 1956م، برئاسة القطب الناصري سليمان النابلسي رحمه الله. وللأسف لم تعمر تلك الحكومة المنتخبة أكثر من ثلاثة أشهر ؛ لتحل ويعلن الأحكام العرفية التي لا زالت مستمرة حتى اليوم ، بل وزادت أكثر في الربع القرن الأخير.
وبعد حالة الانفراج النسبي عام 1989م ، على اثر انتفاضة 17 نيسان المجيدة ودماء شهدائها الأبرار ، وما تلا ذلك من انتخابات لم تكن جميعها في المستوى المطلوب ، لا وطنيا ولا دستوريا ومع الكوتات التي قسمت الوطن عرقيا ودينيا وجنسيا .
وماذا أفرزت تلك الكوتات مع الاحترام لجميع الأشخاص .
وأخيرا الأحزاب الوطنية ( إذا وجد منها غير اليافطات) أصبحت لها أشبه بالكوتة بدلا من انتخاب كل حزب على ضوء عمله وبرنامجه الوطني .
إذا كل ما هو على الساحة الأردنية مأزوم ، الشعب مأزوم ، الحكومة أكثر من مأزومة ، وعلى الجانب الآخر أشقاءنا يخوضون بكل رجولة وإباء معركة تحرير وطنهم الذي هو معركة ومصير أمة بأكملها ، نحن في قلبها وفلسطين هي توأم وطننا ، وعلاقة فلسطين بكل أشقاءها العرب تختلف عن علاقتها بالأردن ، وكلاهما جزء من سوريا التاريخية .
فهم إذا الشعب الواحد غربي النهر الخالد وشرقيه ، وكيف في هذه الظروف ودماء شعبنا تنزف نذهب لانتخابات نيابية بنفس الأنظمة والقوانين وبنفس الصيغة القديمة ، وكأن تجاربنا مع الانتخابات النيابية السابقة موفقة ، وليس وصولنا كوطن وشعب لحافة الهاوية ، مديونية ، غلاء معيشة ، بيع مؤسسات الوطن الناجحة قبل الفاشلة بمعنى النواب الذين خرجوا من الباب سيعودون أنفسهم أو بديلا عنهم لا يختلفوا عنهم شيئا .
وللأسف وطننا منذ إبرام  وادي عربة وهو لا يفرز إلا مجالس نيابية من السيئ للأسوأ ، والقوائم الحزبية التي قيل عنها الكثير لن تفرز إلا ما يشبه نواب الكوتات الأخرى .

ليست الحزبية هي المعيار الأمثل للوطنية ، ومثلا الدكتور طراد سعود القاضي والدكتور عبد الرحيم ملحس رحمهما الله ، لم يكونا حزبيين ولكن كان لهم دور يقدر ويحترم ، وكذلك الأخت توجان فيصل حفظها الله وهي أفضل وأنبل ظاهرة نسائية عرفها مجلس النواب الأردني ، ولم تكن الأستاذة توجان أيضا حزبية .

للأسف الشديد الحياة الحزبية في الأردن ومع الأحكام العرفية ، وتجفيف كل الينابيع السياسية لم تعد إلا مجرد ديكور يراد منه إرضاء الخارج وليس المصلحة الوطنية العليا ؛ وإلا ما كانت المرحلة العرفية حيث كانت الحزبية جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات .

إن الحكومات المختلفة اليوم تريد أحزاب للديكور أحزاب على الريموت ، الموالاة موالاة ... والمعارضة بالتعيين .

لذلك أرى تأجيل الانتخابات النيابية ضرورة وطنية وإعادة النظر بكل القوانين العرفية وبالأخص من حكومة أبو الضرائب كما يسميها الأردنيون .

نحن في أمس الحاجة أن نعيد للمواطن العادي ثقته في مؤسساته الوطنية التي انهارت جميعها للأسف ، وبعد ذلك يكون هناك مؤتمر وطني يشارك فيه كل أصحاب الاختصاص من الرموز الوطنية بمختلف ألوانها ، ويضعوا برنامج عمل ملزم ، وبعد ذلك يمكننا أن نتحدث عن الانتخابات وغيرها إلا إذا كان شعار الحكومة الاكتفاء بمن يشارك حتى لو كانوا دون 20% .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد