مهمة هوكستاين في اللاحرب لا سلم

mainThumb

08-07-2024 05:14 PM

لم تنتج جولات موفد الرئاسة الامريكية الى لبنان Amos Hochstein وطلعاته الجوية خارجها بالنسبة للمهتمين بأمرها سوى خيبة يقال لها دوما : " تيتي تيتي متل ما رحتي متل ماجيتي " ، ؛ كان آخرها اقتراح - محسوم امر رفضه – بهدف ضبط التوتر بين اسرائيل وحزب الله مفاده انسحاب مقاتلي الحزب ؛ في طريقة تضع عقدة الحل في منشار التقسيم الذي لم يعر احدا له بالا حتى اللحظة .
اخفاق المساعي هذا ليس صدفة ولا عفويا ، لم تضعه الظروف او تحتمه الأحوال ، بحسب ما يعتقد بسطاء السياسة وهواتها.
التدخل " بالتوسط " سياسة لازمة في تقرير سياسة " من يحكم العالم " هذا السائس لايترك الامور للصدف ؛ تخوّفا من تفلّتها وحدوث مفاجآتها التي قد يحدثها تهوّر احد أطرافها أو عدم إتقانه فهم المطلوب ، بالرغم من انعدام رغبة كل من طرفي التصعيد في اللجوء الى حرب تحتم هي – أي الحرب – اندلاعها ، إلًا أن غاية الضغط من أجل اثبات الوجود ؛ هذا الوجود الذي يحتمه داخل وخارج كلا الطرفين ، علاوة على مخاوف الانزلاق في درك العنتريات وفرد عضلات السلاح والتكنولوجيا التي من شأنها الدفع بمسؤولية كبير العالم الى الواجهة الأمامية التي لا تسمح له بمنح دور بطولي لأي من حلفائه قبل أعدائه.
أمام حقيقة حتمية اندلاع الحرب إذا ما استمر الحال على ما هو عليه ، وأمام حقيقة خسارة ضخمة لكلا طرفيها ، ناهيك عن استحالة نصر احدهما مقرونا باستحالة ابقاء خطر أحدهما على الآخر من قبل خصمه ، ابتدعت الولايات المتحدة فكرة ازاحة جبل المستحيلات هذا بضمان عدم تغيّر الأوضاع الراهنة " لا حرب لا سلم ".
تضمن طريقة الولايات المتحدة هذه نجاح مشروعاتها المعتادة في خلق كيانات موالية يمكنها تحقيق مصالحها في اضعاف تقدم خصومها ، والادلة على هذا كثيرة ، منها مثلا : الاكراد ومجموعات موالية لها في عدة مناطق ، وهي تتخذ في سبيل خلق مثل هذه القطع جبهات مضادة لحزب الله داخل لبنان ذاته تتبدى في طريقة وشكل التعامل مع هذه الوساطة التي تذهب باتجاه يبني اقطابا متعددة تصنع شرخا بين أطياف السياسة اللبنانية ؛ لطالما لهثت الدولة اللبنانية من أجل تضييقها.
فكرة المبعوث الأمريكي هذه تقوم على فكرة ذئب ليلى الذي يبني خطة افتراسه على تقسيم دوره الى مراحل من الاطمئنان والاندماج في مشهد الصراع حتى بات جزءا اصيلا منه من حيث لا يدري احد كيف تسلل هذا الجزء ، في اثناء التسلل هذا كان المبعوث قد اسّس – على حين غرّة – جبهات لبنانية أزاحها عن لبنانيّتها الى جهة تبعيتها وانقيادها الى رئاسته ؛ التي انتجت بحكم الطبيعة أقطابا تخاصم في مجموعها حزب الله من جهة ، وتخاصم بعضها ؛ باعتبار تأييد بعضها للحزب ومعارضة بعضها الآخر له حتى بات امر التعامل مع الحزب رهينا بيده علاوة على فصل الحزب عن الدولة اللبنانية باعتباره خصما لها لا جزءا منها.
لا تروق لنا " كذبة " تهديد احد الخصمين وجود الآخر التي نعتقد انها تنطلق من انعدام فهم حقيقة الواقع وطبيعة دور الولايات المتحدة ومبعوثها الرامي الى التمهيد لخلق كيانات جديدة فاصلة لخطر حزب الله عن اسرائيل من جهة ومانعة لتقدم ايران في المنطقة عموما من جهة اخرى.

ان في ضمان التشرذم اللبناني ضمان للقدرة على التنقل في مساحة إنشاء مجموعات مسلحة ودعمها من اجل تحقيق المصالح الامريكية وحفظ النار مشتعلة ، لكن بعيدا عن الولايات المتحدة ومدلّلتها اسرائيل ، مع امكانيّتها سحب البساط من تحتها في اي وقت تريد ؛ ما يعني انها تستثمر في مشاريع مؤقتة في مقابل استثمار ايران بعيد المدى بمشاريع دائمة.
اخيرا ينبغي الانتباه الى ان المبعوث الأمريكي عمل سابقا مع ادارة الرئيس اوباما وهو موفد للرئيس بايدن الذي كان نائبا لأوباما والمعنى من كل هذا : انه تلميذ مدرسة التخدير من اجل الجراحة ، الولايات المتحدة تفكر بشيء وتنوي شيء وتقول شيء وتفعل شيء وتبرر بشيء مغاير.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد