حرب إسرائيل الصوتية

mainThumb

03-07-2024 12:15 AM

الإغراق بنقمة المحيط : سياسة اسرائيل اما تخوّفها من جدية خطر تهديد حزب الله ؛ هذا التهديد الذي يمتد استراتيجيا - بحكم التجاور والتجارب السابقة في العراك معه – وتكتيكيا ؛ بفعل تهديده الذي بات يحمل درجة أعلى في جديّة الخطر الذي أظل فيه حزب الله اسرائيل متوسّلا في امتداده برهنته على حجم قدراته في ضرب عيون التجسس وتحديد مواقع عسكرية إسرائيلية حساسة " الهدهد " وما سيتبعه علاوة على اثبات تفوّقه في اسقاط مسيرات اسرائيلية متقدمة ما كان من متّسع يسمح بوجودها في مساحة التوقعات الاسرائيلية.

نقمة المحيط هذه تجري على اكثر من محور ؛ باعتبار ان اسرائيل لا تخفي مخاوفها من هجوم مفاجيء على حزب الله تعتقد أن فيه قلبا لمعادلة الدولة والحزب او المليشيا حين يتواجها ، اعلانها هذا التخوف لم يكن صريحا بل اتخذ صورة غريبة تمازج بين التصريح بالكلام والتلميح والتضمين بالافعال ، التصريحات لا تقل عن الحديث عن ضربة قاضية واجتياح مزلزل ، أما الأفعال فقد سارت باتجاه تلطيف حدة الأقوال.

اتخذ شكل تلطيف الاقوال هذا مسارا ناعما مشاكسا ، حيث اعتلى موجة تسليط الضوء على الحدث واثارة بحث واستقصاء وسؤال وإجابة في ذات الاوان عن مشكلة المنطقة ووضع الحلول لها في ذات اللحظة ؛ واضعة بذلك مهمة الركض في سباق الخلاص من خطر المحدق من المشكلات في ملعب وكلائها الذين فرضت عليهم بحكم مواقعه توكيلها هذا سواء رضوا به ام لا وسواء اتفقوا معها ام عارضوها ؛ فظروف الحال لا تمنحهم خيارا.

باقتران نظرية النقمة هذه مع نظرية الوكالة الجبرية ينتج لدينا محصلة مفادها : ان اطياف الحكم في لبنان ؛ باتت جميعها مسؤولة عن الاطاحة بحزب الله ؛ بغض النظر عن موقف هذه الأطياف منه باعتبار وجوده هدد ولا زال مصالح الشعب اللبناني ولا اقول الدولة ؛ لان الحديث عن الدولة يجعل حزب الله طرفا فيها وهو ما لا تريده اسرائيل باعتبارها تنكر وجوده بهذه الصفة ؛ وباعتبار ان المطلوب بناء كراهية شعبية ورفض وطني وتحوّل عدائي للتعامل مع حزب الله حتى وان كان الربط مصلحة تقرّها اعراف السياسة ، هذا على صعيد محلي استعملت اسرائيل مختلف الظروف بغض النظر عنّا اذا كانت من قام بترتيبها او الاستفادة من آثار حضورها على مسرح الاحداث ؛ هجوم السفارة الأمريكية في بيروت ، حث الدول رعاياه على مغادرة لبنان وعدم الذهاب اليها ، مسألة مخازن السلاح في مطار بيروت ، شغور الرئاسة ، وغيرها الكثير ؛ جعلت وجود حزب الله في نظر كثير من اللبنانيين سدا حافظا للمشاكل مانعا لحلّها ، عليه ان يتخلص او يساند من يحاول التخلص منه بل كلاهما معاً.

امتد نطاق استعمال هذه النظرية بحكم الضرورة التي استدعته الى المستويين الإقليمي والعالمي ففي حين صنعت اسرائيل على مستوى العالم صورة حشدت من خلالها رأيا مؤيدا داعما على المستوى الرسمي لا مجال لذكر اسبابه هنا ، اردفت - بحكم الوظيفة الأصيلة لفكرة الوكالة الجبرية – بتصوير دخان ايران الذي يشي بقرب اشتعالها في وجه الاقليم ، رسمت بأقلام التحريض صورة وحش لا ينبغي تركه طليقا وعلى من يتحسس خطره ان يبادر بثنيه قبل ان يكون ضحيته وان لم يكن من مقتضيات التعامل معه بلوغ هذا الحد ، اذكر هنا ما صرّح به نتنياهو قبل ايام امام جنرالات سابقين في وفد المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي ، مستفيدا نتنياهو من توظيف الظروف لخدمته في مسالة متاعب حدود الاردن الشمالية ورفع شأنها الى حد تهديد ايران بغزو الاردن سيّما مع تلميحات من جهات اقليمية أخرى تصبّ في ذات المغزى.

ارادت اسرائيل من كل ذلك امتصاص صدمة مواجهة محتومة في حرب محسومة ، ازالة حزب الله فيها من حسابات اي طرف او التخفيف منها او من تأثيرها أمرا يصدمها بالواقع.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد