اعتياد الذبح .. قتل لآدمية الإنسان
أتذكر أنّنا، في سنٍ مبكرة من أعمارنا، كنّا نتمتع بفضولٍ جارف، قد يكون دافِعُه التعلُّم والاستكشاف، فأثناء مغادرتنا المدرسة وقت الظهيرة، وخلالَ رحلة العودة إلى منازلنا من شارعٍ إلى آخر في القرية، تستوقفنا عمليات ذبح المواشي في المَلاحم «المجازر المحليّة»، والتي كانت تتمُّ على أطراف الشّوارع أو أمام الملحمة.
نتابعُ بشغفٍ تدفّق الدم من رقبة الشاة الذبيحة، حتّى تعلقَ وتسلخ وتقطّع، وأحيانًا نفرحُ عندما تكون الذبيحةُ ثورًا كبيرًا أو جملًا؛ فـ«العرضُ» في ذلك اليوم سيكونُ مليئًا بالإثارة والمتعة. وكنّا فهمنا في المدارس أنّ ذبح الشاة حلال؛ لنأكل لحمها ونستفيد من جلودها.. إلخ. لذا؛ استوعبنا الفكرة، وتمتّعنا بالمشاهدة دون تأثر.لكنّ الذي لم نكن نستوعبُه أنّنا كنا نشاهد بعض الخراف التي ينتظرها دور الذبح تهيجُ في البداية، ثم تستلمُ وتقادُ إلى المذبح، كأنّها استسلمت لـ«قدرها».
يومًا عن يوم، بدأنا نراقب الخراف في الحظيرة، فرغم عمليات الذبح أمامها إلا أنّها ماضيةٌ في حياتها، فهي تأكل وتشرب، بل إنّني أذكر أنّ كبشًا صخم الحجم، وذا قرنين لم يترك نعجةً إلّا لقّحها بـ«فحولته المنفلتة»، دون أنْ يأبه لسكّين الجزار، التي لم تكن عائقًا أمام ممارسة لغرائزه. أعجبنا هذا كلُّه نحن الصغار، وصار طبيعيًا هذا المشهد اليومي، المليء بالدم و«الجنس الحيوانيّ» وبرودة ردة الفعل، رغم أنّها في نهاية الأمر أفعالُ قاسية؛ إذْ تُهرقُ «روحٌ» بلمح البصر.
هذا المشهد، استطيعُ أن استوعبه، فهو يمارس على الأنعام، التي أحلّ الله ذبحها لفائدة الإنسان الذي فضّله على خلقه: «ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا» «الإسراء: 70»، لكنْ أن نعتادَ ذبحَ أخوتنا الفلسطينيين في مذبحة لم تتوقف منذ 270 يومًا، أزهِقتْ خلالها أرواحُ حوالي 38 ألف إنسان حتى اللحظة، فهذا أمرٌ غير طبيعي، بل قد أصابنا خلل في إنسانيتنا وآدميّتنا، يستوجب أنْ نتوقف قليلًا، ونعيد ترتيب الذات والنفس لتنسجم مع حجم الألم والجرح لمن أحسّ بهذا الظلم والوجع.
نحن اليوم أمامَ «أدوات ذبح» صُنعت في بلاد الغرب، فلم نعد نشاهد سكين الجزار البسيطة التي كان يذبح بها المواشي، فاليوم يذبح الشعب الفلسطينيّ بأكثر الأسلحة الأميركيّة المتطورة في التدمير والقتل، وبتنا نشاهدُ بأمِّ أعيُننا نسفَ مربّعات سكنيّة كاملة على رؤوس ساكنيها، ومجازر ترتكب بشكل منتظمٍ ومستمرٍّ في المستشفيات ومخيّمات اللجوء والمدارس دون توقّف، وسطَ عجزٍ عربيٍّ ودوليّ على وقف هذا الكيان «اللقيط» عن ارتكابِ المزيد من جرائمه، كأنّ الجميع راضٍ عمّا يفعله، والجميعُ هنا أقصدُ كلَّ مَن له القدرةُ على التدخلِ لوقف هذا العدوان، ولم يحرك ساكنًا.
هذا على الصعيد الرسميّ، أمّا شعبيًا فقد بدأ الناسُ بممارسة حياتهم الطبيعية، وتنظيم الحفلات والأفراح والمناسبات، كأنّ الذبح بالنسبة إلينا أصبح مشهدًا يوميًا، وجزءًا من حياتنا الطبيعية، فأخطر ما في الأمر أن ينجح هذا «الكيان» في إدخال ثقافة ذبح المواطن العربيّ إلى نفسية العربي، بحيثُ يصبحُ التّعايشُ مع الفكرةِ أمرًا طبيعيًا.
وقد يسأل شخصٌ، ماذا علينا أنْ نفعل؟، قد لا نملك أن نفعل شيئًا في الظرفِ الراهن، لكن علينا أنْ لا نفقدَ إنسانيّتنا، وعلينا أنْ نفهم أنّ هذا الكيان الذي ارتكب في أشهر قليلة مجازر فاقت في بشاعتها وحجمها المجازر التي ارتكبها منذ «اغتصاب» فلسطين، وأنْ نعي في ذاكرتنا دائمًا وأبدًا أن هذا الكيان هو «جسم» غريب في جسد الأمة، ولا بُدّ أن يأتي يومٌ لاستئصاله منّا.
وعلينا أيضًا أنْ لا ننسى أبدًا أنّ هذا الكيانَ ورغم تسلّحه بأكثر الأسلحة تطورًا، عجز عن مقاومة فصيلٍ دون طلب الإغاثة من العالم، فقد شاهدنا كيف هُرع العالم الغربيُّ بالبوارج والأسلحة ليبقيه متفوقًا على فصيل يحارب بأسلحة بدائيّة، ورأينا كيفَ «يبتزُّ» الولاياتِ المتّحدة الأميركيّة لترسلَ له المزيدَ من الأسلحة. هذا الكيانُ الذي لا يملك عمقًا استراتيجيًا؛ إذْ تستطيعُ طائرةٌ مُسيّرة واحدة أنْ تدخلَ عمقه في ثوانٍ معدودة، وهو الكيانُ المفكّك في نسيجه الاجتماعيّ؛ حيثُ فشلَ في تحويلِ الأعراقِ كلّها إلى «أُمّة»، بل كرّس التمييز العنصريّ. لأجلِ هذا كلّه فإنّه من الممكن أنْ يتعرّض لهزة قويّة في أيّ مواجهةٍ قادمة، وعلينا أنْ تستحضر مع قاله الأسيرُ الفلسطينيّ الذي تحرّر في عمليّة نفق الحريّة عام 2021: «إنّ هذا الوحش هو وهمٌ من غُبار».
من علامات الساعة الصغرى .. متى تعود جزيرة العرب مروجا وأنهارا
“مالية الأعيان” تبحث السياسة المالية العامة
84 محاميا يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل
النائب عطية يسأل الحكومة عن هرب 13 ألف عاملة منزل
الناجون بتحطم الطائرة الأذربيجانية كانوا بالمقاعد الخلفية .. فيديو لحظة خروجهم
الأوقاف تدعو إلى أداء صلاة الاستسقاء الجمعة
الصفدي يزور سفارة أذربيجان معزياً بضحايا تحطم الطائرة
وفد طلابي من عمان الأهلية يزور اللجنة البارالمبية الأردنية
محاضرة توعوية في عمان الأهلية حول العنف الأسري
عدد السوريين المغادرين للأردن منذ سقوط نظام الأسد
منها علاج للسرطان وزلازل .. تنبؤات العرافة البلغارية فانغا لعام 2025
سماء الأردن تشهد ظاهرة فلكية الجمعة المقبلة
الأردن .. مساعٍ لتنشيط التبادل الاقتصادي عبر الحدود مع سوريا
ولي العهد ينشر مقطع فيديو برفقة إبنته الأميرة إيمان
نبات قديم يعزز نمو الشعر ويمنع تساقطه
فصل الكهرباء عن مناطق واسعة بالمملكة الأسبوع القادم .. تفاصيل
قرار هام من الأمانة بخصوص المسقفات .. تفاصيل
هام لطلبة التوجيهي بخصوص الامتحان التكميلي
كتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن في هذا الموعد
تخفيضات في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية
تفاصيل الحالة الجوية بالتزامن مع دخول مربعانية الشتاء
إحالات إلى التقاعد المبكر في التربية .. أسماء
إعلان صادر عن مديرية الخدمات الطبية الملكية
9 بنوك أردنية ضمن لائحة أقوى 100 مصرف عربي
توقعات برفع أسعار البنزين والديزل الشهر الحالي