أثقال السياسة في مسار التطبيع مع النظام السوري

mainThumb

01-07-2024 12:47 AM

يدرك الجميع بأن مساعي التطبيع مع النظام السوري لم تأت بنتيجة ؛ كانت النتائج معاكسة لما اريد من هذا التطبيع ، ليس السبب في أن التطبيع أمر غير جيد أو أنه غير مُجد ؛ انّما يكمن السبب في نيّة اطراف عمليّة التطبيع التي تغاير تماما أفعالهم .
في الجانب السوريين - وهو يعلم جيدا بان في الامر غير حسن النيّة تجاه نظامه – بدأ بالتعامل بحذر شديد مع هذه المساعي التي كان من نتائج التعامل الحذر معها ؛ اتخاذ بعض الإجراءات ؛ التي لم يرى فيها أطراف العمليّة الآخرون قيمة ذات معنى ، مثل : ما تقتضيه عملية التقارب التطبيعيّة هذه من ضبط للحدود وانتاج المخدرات ، والتخفيف من أعداد المقاتلين غير النظاميين ، أو كف يد إيران و الميليشيات التابعة لها الى حد ما ؛ وغير ذلك من الإجراءات المطلوبة ، منها : الانتقال السياسي الذي يستشعر فيه النظام السوري فخّا عبّر غير مرّة عن تحسّسه ووعيه جيّدا بمخاطره .
اضطره هذا الوضع الى اتخاذ بعض الاجراءات ، منها مثلا : تغيير في شكل التنظيم الاداري - ليس السياسي - وان كان في مواقع سياسية في القصر الجمهوري ؛ الأمر الذي اعتقد فيه بعض من أولئك الذين يطلقون على أنفسهم اسم " المعارضة السورية " بل ويتصدرون مشهدها ويعتلون منصّات قيادتها ؛ اعتقد هؤلاء في هذه الإجراءات اعترافا من النظام السوري أمام ذاته بضعفه وقرب انتهائه ، وهو – بحسب رأيهم - يعدّ العدّة لمرحلة الرحيل ، وفي ذات الوقت يهيّئ الدولة السورية لما بعد رحيله ، وكأنه طفل تاب عن خطئه واراد تدارك نتائجه بعد اقترافه ، هؤلاء يقرأون السياسة في كتب تربية اولادهم ، لن أعلق على هذا بغير ما قلت .
هذه الاجراءات ، ومثلها الإجراءات الأخيرة ؛ التي كان من جزئياتها إعادة هيكله الجيش وترتيب مسألة الاحتياط ، وتحويل الجيش إلى جيش محترف ، كذلك إحالة بعض المسؤولين والحزبيين إلى المسائلة ، وكف يد البعض منهم ، وغير ذلك من إجراءات ؛ لا نرى فيها سوى : بناء حاجز فاصل للمسؤولية ؛ يفصل رأس النظام عن بقيّة أجزائه ، بمعنى : وقوف المسؤولية في حدّها الأقصى عند أعلى نقطة تحت رأس النظام إن لم تكن قبل ذلك بكثير ؛ تفاديا للاحراج او اتخاذ مزيد من الاجراءات القانونية ، منها : إصدار أحكام بحق رأس النظام وتصديق هذه الأحكام ، ناهيك عن تخفيف التكاليف الرابضة على كاهل الدولة ، بالإضافة إلى : تصوير طابع جديد يقوم على دولة الأمان والاستقرار والاقتصاد ؛ بديلا عن دولة العسكر والجيش التي استمرت اكثر من عقد من الزمان ؛ سيّما في إطار التقاربات مع اطراف إقليمية أخرى ، وإنشاء او استثمار مجموعات شعبية او غير سورية كبديل لفرق الجيش على أساس العمل بالقطعة وعلى مسؤولية قادتها وامرائها لا مسؤلية الدولة .
النظام يرى في هذه الإجراءات - علاوة على ما سبق - تملّصا من صلابة قبضة القوى الحليفة ؛ وخلاصا من احتكارها نعمة البقاء في السلطة ؛ الأمر الذي تنبّه له هؤلاء الحلفاء ؛ بالنسبة لنا : انّه جرس ينذر بتغيير سياسة الحلفاء هذه ؛ التي لطالما حاول النظام تعزيزها بإجراءات غير تقليدية ، بل واقتصادية واجتماعية ؛ من خلال منح هذه القوه الحليفة امتيازات متعدّدة في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي والعسكري والاجتماعي ؛ امعتقدا في خلق مصالح لهذه القوى الحليفة داخل الدولة السورية قاعدة وأساسا لتمسّكها بالحفاظ على وضع هذه الدولة القائم ؛ مهما كلّفها الأمر .
لن نطيل ، نختم بتأكيد مخاوف مؤسسة النظام السوري بشأن الفخّ الذي يستدرج إليه ، ونقول : بأنّه لن يستدرج إليه لأنّه بات في أعماقه ، النتائج ستبدو قريبا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد