صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة

بعد سوق هبوطي طويل أطلق عليه الكثيرون شتاء العملات الرقمية في عام 2022، انتعشت عملة البيتكوين علي مدار العام الماضي (2023) واستمرت في الصعود القوي لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في مارس 2024 عند 73000 دولار، لكن السعر الحالي البالغ 67500 دولار (اعتبارًا من 12 يونيو) لا يزال يمثل مكسبًا يزيد عن 60% منذ بداية هذا العام وزيادة هائلة بنسبة 160% مقارنة بـ 12 شهرًا مضت.
كان أحد العوامل الرئيسية الداعمة للعملة المشفرة هي الموافقة على صناديق الاستثمار الفورية المتداولة للبيتكوين والتي أدت إلى تبني أوسع بين المؤسسيين والمستثمرين الأفراد التقليديين بسبب زيادة إمكانية الوصول، ثم شهدنا حدث النصف للبيتكوين الذي طال انتظاره في أواخر أبريل والذي ربما لم تظهر آثاره السعرية طويلة الأجل بعد.
الآن، مع توجهنا نحو النصف الثاني من العام، أصبح البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو محور الاهتمام بالنسبة لمتداولي العملات المشفرة حيث يراقب السوق عن كثب أي علامات تشير إلى موعد خفض أسعار الفائدة الموعود، وهي الخطوة التي من المتوقع أن تدعم الأصول عالية المخاطر.
يتساءل الكثيرون هل من الممكن أن يصل سعر تداول البيتكوين إلى مستوي 100000 بحلول نهاية العام؟، في الواقع، يمكن أن تساهم بيئة السوق الأوسع الإيجابية والسياسة النقدية الحمائمية وتأثير حدث النصف في ذلك، في هذه المقالة، سننظر في التأثير المحتمل لهذه العوامل على سعر عملة البيتكوين ونحاول تقييم مسار السوق في النصف الثاني من عام 2024.
مناخ مواتٍ
بجانب أساسياتها القوية الأخرى، فإن أكبر قوة لعملة البيتكوين الآن هي تبنيها على نطاق واسع، أخيرًا، بعد سنوات من السخرية وعدم اليقين، أصبح المستثمرون المحافظون وحتى المؤسسات على استعداد لقبول عملة البيتكوين كجزء جاد من محافظهم الاستثمارية، ليس هذا فحسب، بل إنهم يزيدون بنشاط من حيازاتهم من العملات المشفرة، على سبيل المثال: في استطلاع حديث للمستثمرين المحترفين أعرب 36% منهم عن نيتهم في زيادة مخصصاتهم للأصول الرقمية والعملات المشفرة، والواقع أننا شهدنا تدفقات بقيمة تزيد عن مليار دولار من عملات البيتكوين من المستثمرين المؤسسيين في عام 2023 وتجاوزت القيمة السوقية لعملة البيتكوين تريليون دولار لأول مرة في تاريخها.
ومع تسارع وتيرة هذا الاتجاه بعد الموافقة على صناديق الاستثمار الفورية المتداولة للبيتكوين (وهي وسيلة سريعة وسهلة للأشخاص للحصول على طرق للاستثمار في العملات المشفرة دون الحاجة إلى امتلاك العملة الرقمية فعليا) يمكننا أن نتوقع المزيد من التحركات نحو الصعود خلال بقية عام 2024.
وعلى الرغم من تسجيل مكاسب كبيرة في الفترة بين عامي 2023 - 2024، كان المناخ الاقتصادي في الواقع معادياً للغاية للأصول الخطرة مثل البيتكوين، وسوف يراقب المستثمرون اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في يوليو القادم بعناية بحثاً عن أي تلميحات واضحة حول موعد تخطيط باول لتغيير سياسته، إذا نفذ البنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة المفترض في سبتمبر، فقد يكون الطريق ممهدًا أمام البيتكوين للاقتراب من مستواه الرئيسي البالغ 100 ألف دولار بحلول نهاية العام.
حدث النصف
ربما كان الحدث الأكثر ترقبًا في عام 2024 بين مستثمري العملات المشفرة هو حدث النصف، ولكن كان لحدث النصف في أبريل تأثير مخيب للآمال إلى حد ما على الأسعار، ومع ذلك، فمن المعروف أن هذا الحدث الذي يحدث كل أربع سنوات غالبًا ما يكون له تأثير متأخر على قيمة العملة، حيث تأتي معظم المكاسب بعد ستة أشهر من الحدث في المتوسط.
والنتيجة المترتبة على التنصيف هي أن مكافآت كتلة التعدين أصبحت الآن أقل بنسبة 50% مما كانت عليه، وهو ما يعني نظريًا أن سعر الأصل الأساسي يجب أن يرتفع لضمان استمرار نشاط التعدين من الناحية المالية، باستثناء أي قفزة نوعية في تكنولوجيا ASIC ومع الأخذ في الاعتبار الحديث عن ضريبة خضراء بنسبة 30% على أنشطة التعدين لإثبات العمل، فمن الصعب أن نرى كيف لا يمكن للأسعار أن ترتفع.
ما الذي يعطي قيمة للبيتكوين؟
عادةً لا تدعم أي سلطة مركزية العملات المشفرة بنفس الطريقة التي تدعم بها العملات الورقية أو أي وسيلة تبادل أخرى معتمدة من الحكومة، يمكن أن يؤدي دعم الحكومة إلى تحسين الثقة في قيمة العملة بين المستهلكين كما يوفر منفقًا كبيرًا وجامعًا للعملة، ولكن نظرًا لأن العملات المشفرة لامركزية بشكل عام، فإنها تستمد قيمتها من مصادر أخرى، بما في ذلك:
1 .العرض والطلب على العملات المشفرة
يتم تحديد قيمة العملات المشفرة من خلال العرض والطلب، تمامًا مثل أي أصل آخر، إذا زاد الطلب بشكل أسرع من العرض يرتفع السعر.
إن آلية العرض الخاصة بالعملة المشفرة معروفة دائمًا، حيث تنشر كل عملة مشفرة خطط سك وحرق الرموز الخاصة بها، فبعضها مثل البيتكوين لديه حد أقصى ثابت للعرض ونحن نعلم أنه لن يكون هناك سوى 21 مليون بيتكوين، والبعض الآخر مثل الإيثر ليس لديه حد أقصى للعرض، تحتوي بعض العملات المشفرة على آليات "حرق" الرموز الموجودة لمنع العرض المتداول من النمو بشكل كبير وإبطاء التضخم، ويعني حرق الرمز إرساله إلى عنوان غير قابل للاسترداد على البلوكشين.
إن السياسة النقدية لكل عملة مشفرة مختلفة، يزداد عرض البيتكوين بمقدار ثابت مع كل كتلة جديدة يتم تعدينها على البلوكشين، تقدم الإثيريوم مكافأة ثابتة لكل كتلة يتم تعدينها ولكنها تدفع أيضًا مقابل تضمين الكتل في الكتلة الجديدة مما يساعد في تسهيل كفاءة البلوكشين، ونتيجة لذلك، فإن زيادة العرض ليست ثابتة، بعض إمدادات العملات المشفرة يتم تحديدها بالكامل من قبل الفريق المسؤول عن المشروع والذي يمكنه اختيار إصدار المزيد من الرموز للجمهور أو حرق الرموز لإدارة المعروض النقدي.
يمكن أن يزداد الطلب مع اكتساب المشروع للوعي أو مع زيادة الفائدة، كما أن التبني الأوسع للعملة المشفرة كاستثمار يزيد الطلب مع الحد بشكل فعال من العرض المتداول، على سبيل المثال: عندما بدأ المستثمرون المؤسسيون في شراء وتخزين البيتكوين في أوائل عام 2021 ارتفع سعر البيتكوين بشكل كبير حيث تجاوز الطلب وتيرة إنشاء العملات الجديدة، مما أدى فعليًا إلى تقليل إجمالي المعروض المتاح من البيتكوين.
2 .تكلفة الإنتاج
يتم إنتاج رموز العملة المشفرة الجديدة من خلال عملية تسمى التعدين، يتضمن التعدين للعملة المشفرة استخدام جهاز كمبيوتر للتحقق من الكتلة التالية على البلوكشين، ويتطلب التحقق من البلوكشين قوة حوسبة، يستثمر المشاركون في معدات باهظة الثمن والكهرباء من أجل تعدين العملة المشفرة.
في نظام إثبات العمل مثل تلك المستخدمة من قبل البيتكوين والإثيريوم كلما زادت المنافسة على تعدين عملة مشفرة معينة زادت صعوبة التعدين، وذلك لأن عمال التعدين يتسابقون بشكل أساسي مع بعضهم البعض لحل مشكلة رياضية معقدة من أجل التحقق من كتلة، وعلى هذا النحو، تزداد تكلفة التعدين مع الحاجة إلى معدات أكثر قوة للتعدين بنجاح، مع ارتفاع تكاليف التعدين فإن ذلك يتطلب زيادة قيمة العملة المشفرة.
3 .بورصات العملات المشفرة
يتم تداول العملات المشفرة السائدة مثل البيتكوين والإثير على بورصات متعددة، ستقوم أي بورصة عملات مشفرة تقريبًا بإدراج الرموز الأكثر شيوعًا.
ولكن بعض الرموز الأصغر قد تكون متاحة فقط في بورصات مختارة وبالتالي تحد من الوصول لبعض المستثمرين، إذا تم إدراج عملة مشفرة في المزيد من البورصات فقد يؤدي ذلك إلى زيادة عدد المستثمرين الراغبين والقادرين على شرائها وبالتالي زيادة الطلب، مع زيادة الطلب يرتفع السعر.
4 .الحوكمة الداخلية
نادرًا ما تلتزم شبكات العملات المشفرة بمجموعة ثابتة من القواعد، يقوم المطورون بتكييف المشاريع بناءً على المجتمع الذي يستخدمها، بعض الرموز (تسمى رموز الحوكمة) تمنح حامليها رأيًا في مستقبل المشروع بما في ذلك كيفية تعدين الرمز أو استخدامه، ومن أجل إجراء أي تغييرات على حوكمة الرمز يجب أن يكون هناك إجماع بين أصحاب المصلحة.
بشكل عام، يحب المستثمرون الحوكمة المستقرة، حتى لو كانت هناك عيوب في طريقة عمل العملة المشفرة، فإن المستثمرين يفضلون العملة التي يعرفونها على العملة التي لا يعرفونها، وعلى هذا النحو، فإن الحوكمة المستقرة يمكن أن تكون ذات قيمة من خلال توفير أسعار أكثر استقرارًا.
5 .اللوائح والمتطلبات القانونية
هناك بعض الارتباك حول من يجب أن ينظم بورصات العملات المشفرة، تقول لجنة الأوراق المالية والبورصة (SEC) إن العملات المشفرة هي أوراق مالية مثل الأسهم والسندات، بينما تقول لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) إنها سلع مثل القهوة أو الذهب.
إن التنظيم مطلوب للسماح بطرق أسهل لتداول العملات المشفرة، توفر المنتجات مثل صناديق الاستثمار المتداولة أو العقود الآجلة المزيد من الوصول إلى العملات المشفرة للمستثمرين، مما يزيد من قيمتها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتنظيم تمكين المستثمرين من اتخاذ مواقف قصيرة أو الرهان ضد سعر العملات المشفرة بعقود آجلة أو خيارات، من المفترض أن يؤدي ذلك إلى اكتشاف أفضل للأسعار وتقليل تقلب أسعار العملات المشفرة.
يمكن أن تؤثر اللوائح أيضًا سلبًا على الطلب على العملات المشفرة، إذا غيرت هيئة حاكمة القواعد لعدم تفضيل الاستثمار في العملات المشفرة أو استخدامها، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض سعر العملات المشفرة.