ملامح السياسة الامريكية في مناظرة الرئاسة

mainThumb

28-06-2024 05:12 PM

طوال الساعات الماضيه كانت مناظره مرشحي الرئاسة الأمريكية مدار حديث معظم صحف العالم ومحلليها ، سنلقي نظرة من خلال هذه السطور على اطالع مستقبل منطقه الشرق الاوسط والسياسة الأمريكية تحديدا في أيامها القادمة بغض النظر عن هويّة الفائز بمقعد الرئاسة الامريكية .
تبادل كل من مرشحي الرئاسة الاتهامات بشأن السياسات الداخلية والخارجية . سنترك السياسات الداخلية فهي شان داخلي ونتعامل مع السياسات الخارجية باعتبار اهميتها لنا ، كي لا نطيل فاننا سنسلط الضوء على بعض محاور هذه السياسات .
في صعيد التعامل مع الحرب في اوكرانيا ؛ تبادل كلا الطرفين الاتهامات ؛ فبينما اتهم بايدن ترامب بمساعد روسيا على التمدد و ومجاراة حلم اقامة امبراطوريتها السوفيتية ؛ اتهم ترامب بايدن بتقديم اموال وصلت رقما ضخما من المليارات كان يمكن أن تصرف في الداخل الأمريكي ، كانت الولايات المتّحدة فعليا في غنى عن صرف هذه الأموال سيّما أنها لم تؤدي إلى نتيجة حسم الحرب حتى اللحظة ، ناهيك عن نظرة ترامب إلى الرئيس الاوكراني .
في هذا الصدد ، وبغض النظر عمّن سيتولى كرسي الرئاسة ، ولنفرض أنه المرشح ترامب ، فإنّه سيتعامل حتما مع السياسة الأمريكية تجاه روسيا واوكرانيا وفقا لهذا المنظور الذي يرى فيه تهورا باتجاه اشعال الحرب كان من الممكن منع حدوثها ، وهو بالتالي : سيتصرف بناء على هذا الاساس الوقائي الذي يمكنه من خلاله وقف النزف المالي والعسكري المقدّم لأوكرانيا ؛ بطبيعة الحال : سيدفع هذا الوضع روسيا باتجاه تغير موقفها في هذه الحرب والتعامل في السياسة الدولية ، في حين اننا اذا تخيلنا وصول بايدن مرّة أخرى إلى كرسي الرئاسة ؛ فإنّنا لن نتخيل معه صرف مزيد من الاموال ؛ باعتبار أن ان الحديث بدأ يدور حول مبالغ المليارات الضخمة التي صرفت على الحرب التي كانت ستغير من واقع الحال الامريكي المتدهور نحو السوء والذي اتهم بتبذيره الرئيس بايدن ؛ ما يجعل من فكرة الانفاق ذاتها فكرة غير مقبوله للشارع الامريكي الذي سيحدّد سير وتصرف الرئيس الامريكي القادم - بغض النظر عن هويته – بعدما تحوّل هذا الانفاق الى اداة حرب بين المرشحين.
علينا ان نعرف جميعا بأن الولايات المتحدة لن تصنع بيئة تقتنص منها روسيا مزايا بأي شكل من الأشكال مهما بلغ الأمر ؛غير أن قطع طريق روسيا في الاستفادة من مزاياها تختلف بين رئيس وآخر .
في صعيد آخر : تبادل الطرفان اتهامات بشأن غزه ؛ ففي حين يرى بايدن – في اطار اظهار براعته بتحقيق مصالح امريكا باقل الاثمان - بأن حماس لا تريد إنهاء الحرب وفقا للخطه التي وضعها ؛ يرى ترامب بأنه كان يمكن التعامل مع هذه الحرب بطريقة أخرى ان لم يكن بالإمكان تفاديها – وقد فشل بايدن بتحقيقها - من خلال العقوبات المفروضة على إيران ؛ باعتبارها الداعم الرئيس لحماس ، وقد وجّه ضربة لبايدن إذ عدّه مقصّرا في تقديم الدعم العسكري المناسب لاسرائيل كي تحسم المعركة ؛ ما جعل ترامب يصل الى حدّ اتهام بايدن بأنه " فلسطيني ضعيف " في حين ردّ بايدن بانّه كان محددا مقيّدا بتقديم اسلحة لا تكون سببا في قتل المدنيين . ردّ بايدن هذا لم يكن ردّاً مباشراً على سؤال ترامب بقدر ما كان يرمي إلى مهادنة رأي عام أمريكي ودولي يتهم الادارة الامريكية بدعم قتل المدنيين في غزه ، بهذا الردّ : أراد بايدن إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد ؛ الرد على السؤال خصوصا وإعلان هذه السياسة عموما ؛ التي رأت في التردد بين إعلان دعم مطلق لإسرائيل بالتزامن مع اعلان عدم ارسال انواع معينه من الاسلحة مخرجا مناسبا يرفع عنها الحرج .
على أيّة حال : الجامع المشترك بين كلا المرشحين هو كسب ودّ اسرائيل والتسابق نحو الرتبة الأولى فيه ، بالتالي حيازة القوّة الانتخابيّة الضاغطة الإسرائيلية اليهودية في الولايات المتّحدة ؛ بغض النظر عن الشكل السياسي الذي يجسد ضغط هذه القوّة .
يوحي هذا المشهد بأن هناك اهتماما من كلا الطرفين خصوصا والسياسة الأمريكية عموما بفكرة سرعة الحسم التي تعني وفقا لمفاهيم السياسية الأمريكية " الابتعاد وجني المكاسب " غير أنّ سرعة الحسم هذه وضروراتها تتباين بين جهة وأخرى بحسب طريقة التعامل ومكانه : ففي حين يرى السياسي الأمريكي - الذي تجتمع فيه جميع هذه النظريات السابقة – ضرورة حسم معركه أوكرانيا - روسيا بطرق دبلوماسيه أكثر مما هي عسكرية بغية عدم الانخراط في معارك استنزاف مع خصم شرس وهو روسيا تكلف الولايات المتحدة مزيد من المليارات دون طائل علاوة على تهيئة الفرصة لايران والصين للاستفادة م هذه الأوضاع ، فانها – أي السياسة الأمريكية - تتجه في ذات الوقت نحو سرعة الحسم العسكري في منطقة الشرق بالذات في معركة إسرائيل مع حماس و حزب الله اذا اندلعت هذه الحرب او بالأقل الابتعاد كثيرا عن تحمّل المسؤولية عنها ، في كلتا الحالتين ستتغير سياسة الولايات المتحدة باتجاه الاهتمام او تركيز الاهتمام بعيدا عن منطقه الشرق ؛ ما يعني معه أنها ستترك هذه المنطقة وشأنها تلاطم شياطين الفوضى فيها .
يؤكد ما سبق : فكرة الرئيس ترامب التي سيعمل بمقتضاها حال وصوله الرئاسة وهي ذاتها التي سيستفيد منها بايدن ويعمل بمقتضاها من استمر في رئاسته ؛ ألا وهي سياسة العقوبات ضد ايران كبديل عن سياسة تدخل الولايات المتحدة العسكري ؛ وإن كان بالوكالة : عن طريق إمداد إسرائيل بالسلاح أو التعاون مع حلفاء آخرين في الجانب العسكري من أجل مواجهة إيران ؛ التي يعتبر فيها ترامب العقوبات ضدها السياسة الأقل كلفة والأكثر فاعلية في كفّ هجماتها ضد المصالح الأمريكية أو تمدّدها باتجاه السيطرة على مزيد من مناطق النفوذ ، او الاستفادة من نظرية وكيل الوكيل في مواجهتها والتي سنفرد لها بحثا خاصا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد