ملتقى رفح وصفقة بايدن

mainThumb

22-06-2024 03:03 AM

قطاع غزة أشبه بمدينة مترامية الأطراف، وأكثر سكانها من اللاجئين الفلسطينيين، وهم محرومون منذ عقود من العودة لأراضيهم، ويعيشون تحت الاحتلال والحصار الجائر. شعب في هذه الحالة لابد له أن يقاوم ويسعى لإنهاء الاحتلال والوصول لحقوقه المشروعة بالنضال، كما أقرته شرائع الأمم والقوانين الدولية.

عملية "طوفان الأقصى" هزت إسرائيل والولايات المتحدة وفاجأتهما؛ إذ كيف لحركة مقاومة أن تتجرأ وتدخل المناطق التي تحتلها إسرائيل في غلاف غزة، وتأخذ أسرى ومختطفين وتبقى لمدة 72 ساعة؟ علمًا أن إسرائيل دخلت فلسطين وتحتلها منذ عشرات السنين واليوم تهاجم وتدخل غزة ولها أكثر من ثمانية شهور تقتل وتدمر وتبيد الشعب الفلسطيني. الولايات المتحدة كانت تسوق لإسرائيل وتمتدحها على أنها الشريك القوي للحفاظ على الأمن والسلم في الشرق الأوسط، والواقع أنها الخطر الداهم والدائم على دول وشعوب الشرق الأوسط، وتدير إسرائيل جبهة حرب أخرى في الضفة الغربية فتقتل وتدمر وتعتقل ما تريد، كما تقوم ببناء المستوطنات وهدم المنازل.

إسرائيل تشن حربًا شاملة على المدنيين في غزة بطيرانها وأسلحتها المختلفة، وتقوم بالإبادة وارتكاب المجازر والتدمير المستمر الممنهج لكل البنى التحتية والخدمات والمؤسسات المدنية والدولية والمستشفيات. كما تقوم إسرائيل بشن حرب نفسية وحرب تجويع مستمرة على سكان غزة. الولايات المتحدة تدعي أنها ستزيد دخول المساعدات الإنسانية والدوائية وغيرها، ولكنها منذ ثمانية شهور لا تدخل المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ وتتوقف أحيانًا بسبب القصف المستمر ومنع الجيش الإسرائيلي من دخول هذه المساعدات.

الولايات المتحدة وقفت ضد قرارات وقف إطلاق النار عدة مرات وكانت ولا تزال تصر على الاستمرار في الحرب حتى القضاء على حماس، وألا تتكرر عملية "طوفان الأقصى". وقد سمحت وأيدت دخول إسرائيل منطقة رفح، وتدعي أن عمليات إسرائيل في رفح محدودة وأنها تتجنب القتل والإضرار بالمدنيين، وهذا غير وارد فالجيش يصرح أن عملياته تسير كما يريد، والقصف والمذابح والهدم والتدمير وإغلاق معبر رفح مستمر. وكل ما يدور بقطاع غزة يجري بإرادة وتصميم الولايات المتحدة وقادة إسرائيل.

قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لم يُطبق، وقرار محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار في رفح لم يُطبق. وقد قال بايدن إن هذا القرار "شائن"، كما أن محكمة الجنايات لم تقم بواجبها بسبب التهديدات من قادة إسرائيل والكونغرس. وقال عنها بايدن إنه "لا يعترف بقراراتها". وقال بايدن في اجتماع ليهود الولايات المتحدة قبل شهر إنه يفتخر بالإرث الحضاري الذي قدمه اليهود للولايات المتحدة، وفي آخر كلمته قال إن إسرائيل لا ترتكب إبادة في حرب غزة. وفي آخر ما قاله نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي لم يرتكب جرائم حرب ضد المدنيين وإنه أحرص جيش في العالم على تجنب ذلك، وأن نسبة القتل لكل مدني تقابله قتل مسلح أي "واحد إلى واحد". هل مقتل 16 ألف طفل يكون نصفه من المسلحين؟ وهل قتل 10 آلاف امرأة نصفهن مسلحات؟ وهل قتل كبار السن والمرضى نصفهم مسلحين؟

سيزور نتنياهو الولايات المتحدة ويخطب في الكونغرس ويكرر شكر إسرائيل لمساعدة الولايات المتحدة لها. ويطمئن الرئاسة وقادة الكونغرس بالنجاح والحصول على الكراسي التي تلوثت بدماء أطفال غزة والأمهات. إسرائيل جادة في الفتك بشعب قطاع غزة وتدمير مدنه ومخيماته وتكرار عمليات القصف والإبادة يوميًا في جميع مناطقه وبجميع الأسلحة وعدم تسليم القطاع لأي جهة أخرى.

الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة التي تستطيع أن توقف العدوان الهمجي الإسرائيلي لأنها هي التي تؤيده وتمده بالسلاح والمال حتى يستمر في عدوانه. إن هذا العدوان واستمراره واغتيال شعب غزة وإبادته قد حجَمت تطلعات المنطقة بأكملها وأصبحت عارًا على الأمة. والسبب هو موقف الولايات المتحدة المعادي المكشوف وعدم احترام تطلعات ومشاعر شعوب المنطقة والادعاء بأنها ستكون شريكًا لحماية وحفظ السلم فيها. أما صفقة وقف إطلاق النار والتبادل التي قدمها بايدن لم توقف إطلاق النار بشكل دائم ولم تتطرق لخروج جيش الاحتلال من قطاع غزة نهائيًا ولم تترك أمور غزة لحلول مناسبة لأهالي غزة، فقد رفضتها فصائل المقاومة لوجود هذه الثغرات التي لا تنهي هذه الحرب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد