إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا

mainThumb

18-06-2024 09:17 PM


لقد أنشد ابو الطيب المتنبي في قصيدته بعنوان: لكل امريء من دهره ما تعودا، إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ … وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا. فالكريم كما قال الغزالي: هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى، وإذا جُفِيَ عاتب وما استقصى، ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلُّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط. واللئيم الشَّحيح والدَّنيء النَّفس والمهين، واللُّؤْم ضدُّ الكَرَم، وقال القاضي المهدي: اللَّئيم: الدَّنيء الأصل، والشَّحيح النَّفس، وقال أكثم بن صيفي: اللُّؤْم: سوء الفِطْنَة وسوء التَّغافل. لذلك فإن الإنسان الحكيم هو الذي يعلم جيداً كيف يتعامل مع الناس جميعهم بقواعد مرنة ويخاطبهم على قدر عقولهم، وعليه ألا يتوقع أن الناس جميعهم يتصفون بالكرم والحكمة والأمانة وحسن الأخلاق أو القدرة على فهم الآخرين، أو أن جميعهم يتصفون باللؤم والغش. فمن الناس من يشكر الآخرين ان احسنوا اليه والبعض الآخر ينكر المعروف ولا يحمد ولا يشكر. فيجب ان يكون بناء العلاقات الإنسانية بين بعضنا البعض مبنيا على ماهية ماهيتنا وضرورة تحديد العلاقة بيننا قبل المضي قدماً في تحديد كرمنا أو لؤمنا، ضمن قواعد إنسانية صحية وصحيحة وأخلاق نبيلة لتحديد علاقتنا ببعضنا البعض من خلال متابعة مواقفنا وليس فقط من خلال السمع عن أنفسنا حتى لا يكون هناك ظلم لأي إنسان. وبالتالي لا يندم أي إنسان على ما يتم فعله بحق إنسان بريئ أو لا يتصف بما يتصف به المنافقين والنمامين والكذابين عناوين وصناع الفتن. فصدق شاعرنا ابو الطيب المتنبي في بيت شعره وكأنه قاله عن خبرة عملية وواقعية عميقة في التعامل مع كثيرا من الناس. ومازال الناس يتداولون بيت الشعر هذا، حتى وقتنا الحاضر وفي المستقبل أيضا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد