مونو دراما سلمى للمخرج نجاة نجم - كردستان العراق .. طقوس17 عمّان

mainThumb

06-06-2024 08:28 AM

عمان ـ السوسنة

أيُّ قِيَمٍ جماليّةٍ كنّا سنحظى بها ؟ لولا أنّ المخرج نجاة نجم اختار وفريقُه المسرحيّ مربّعا من المكان تلعب فيه سلمى دورها ناشرة غسيل معاناتها في ذلك الزمن الدرامي الذي غدونا رهينةً له ولكلّ ماجاء فيه من حركة وسكون؛ على الرغم من اختلاف اللغة المنطوقة.
إنّ جماليات هذا العرض المكتظّة في كلّ ثانيّة من زمنه تشي بكفاءة المخرج على مزج القيمتين الإنسانيتين : الفكرية والعاطفية ؛ مما مكّنه من تقديم عرض مختلف في الأدوات والرؤية في مكان مختلف لجمهور مختلف.وعلى الرغم من هذين الاختلافين إلا أنه خلق حالة مسرحية مقرّبا جدا من المسافة الجمالية بين الحالة المسرحيّة التي أبدعها وبين المتلقين اللذين استوطنهم العرض المسرحيّ بكليته.
كما أنّ الاتحاد الكامل بين الشكل والمضمون في هذا العرض إشادة أخرى بجهد المخرج الذكي وما حمل من رموز ودلالات حملت خطابا جمعيًّا متجاوزا فردية الحالة التي تشكل أنموذجا للمعاناة الإنسانية....
لقد اختار المخرج مكان العرض بعناية فائقة في ساحة مسرح الفنان الأردنيّ الراحل أسامة المشيني - وأكبرت فيه استشارتي أين يكون العرض ؟ - وكان جوابي له بما يتفق مع رؤيته وأنا لم أشاهد العرض من قبل ...
ويأتي يوم العرض لنجد أنه رسم مربعا باللون الأحمر ضيقا زواياه هي أمكنة الموت ويتوسطه دائرة حمراء هي استمرارية الحياة ويتوسطها مثلث أحمر إنما يرمز للسيطرة...وخلفيته جدار مغلق يحمل مربعا أسود اللون ( استثمره المخرج) ...وزرع في في زوايا المربع الأمامية عودان ناشفان من الشجر ...
كما أنه صنع صالة العرض بنفسه ؛ فكان المتلقون على من مقربة مكان الأحداث...
ويدهشنا أكثر عندما بدأ العرض بممثلة فرنسية ( ايريلي امبيرت) لكنّها تتحدث اللغة الانجليزية أما الدور فهو سلمى المرأة الكردية ....
لقد جلس المخرج نجاة نجم خلف جهاز الصوت لينتهي دوره كمخرج فلقد أعدّ أهمّ أدواته الحية لتنثر الفرح والحزن في جنبات المسرح ولتشدّ انتباهنا بزيّها الكردي منذ اللحظة الأولى نحو قضيتها ومعاناتها واستمرت في ذلك طيلة العرض في مشهديات من الواقع الكردي اتسمت بجمال الحركة والصورة وصدقها مرورا بتطوافها في النهر على قارب أعدّه المخرج أكسسوارا مدهشا مكملا لعناصر السنوغرافيا التي تخللتها الإضاءة المسرحية باختلاف دلالاتها حتى اللحظات الأخيرة التي جمعت فيها خيوط الدم الحمراء من زوايا المربع (زوايا الموت) لتموت بهاوهي التي ملأت الزمان والمكان المسرحيين حياة من الشجن الكردي وهي التي فقدت طفلها وزوجها وتعرضت للتعذيب...ليس لي هنا إلا أن أقول أن~ الممثلة رفيعة الأداء ولقد أظهرت براعة فائقة في الأفعال وردود الأفعال برشاقة متناهية منسجمة مع الشخصية فلم أرها للحظة واحدة على الركح إلا سلمى ...
ولعلّ رشاقة إيقاع المونو دراما " سلمى" برغم المعاناة والشجن وحزن الفقد للوطن والأهل ؛ تأتّى من رشاقة الممثلة ( ايريلي امبيرت) التي أجادت دورها على اختلاف الجمهور ومكان العرض وإنما هي العناية الحثيثة بالجمال الفني من مخرج العمل.
فرحنا كثيرا بهذا الفريق الجميل فوزكم استحقاق
د.علي الشوابكة- الأردنّ- كاتب ومخرج مسرحي






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد