التطور الوظيفي في الإدارة العامة

mainThumb

05-06-2024 10:28 PM

التطور الوظيفي هو أحد السمات الرئيسة في نظم إدارة الموارد البشرية في العمل الإداري في جميع المؤسسات والمنظمات والشركات، ويقصد به انتقال العاملين من درجة وظيفية إلى درجة وظيفية أعلى حسب الأنظمة والتعليمات المتبعة بكل منظمة أو شركة، وهذا الأمر أكثر ما يعمل به في نظم الإدارة العامة التي تعتمد على القوانين والأنظمة المعمول بها في نظام الخدمة المدنية.

أما في القطاع الخاص فيكون الأعتماد أكثر على نظم التميز في العمل بكفاءة وجدارة التي تمكن الموظف من الارتقاء من اسفل درجات السلم الوظيفي إلى قمة الهرم نتيجة للأنجازات الكبيرة التي يحققها الموظف في عمله ويقدم مساهمة كبيرة في تحقيق أهداف المؤسسة دونما اعتبار للأنظمة المتبعة في نظم الموارد البشرية، وفي بعض الأحيان يتم تطبيق ذلك في نظم الإدارة العامة بشكل استثنائي.

وعند الحديث عن نظم الموارد البشرية في القطاع العام فأنه يقصد بالعاملين في القطاع العام هم الموظفين من مختلف الدرجات الوظيفية المعتمدة في نظام الخدمة المدنية ونظام القيادات الإدارية والعاملين بالعقود في تلك المؤسسات بدأً من رأس هرم السلطة وصولاً إلى شاغلي الوظائف التنفيذية في أدنى السلم الوظيفي حسب الدرجات الوظيفية المعتمدة في الهياكل التنظيمية المعتمدة في نظام الخدمة المدنية.

والأمر الطبيعي في نظام العمل في أي منظمة، هو التطور الوظيفي إنطلاقاً من دخوله العمل في إحدى الدرجات الوظيفية ومن ثم التدرج الوظيفي صعوداً حتى الوصول إلى السقف الأعلى المعتمد في الهيكل التنظيمي، وهذا الأمر لا ينسحب على جميع العاملين ولكنه السمة الغالبة على أكثرهم باستثناء المنصب الوزاري الذي لا يأتي بالتطور الوظيفي وإنما هو حالة خاصة.

وبالنظر إلى عملية التطور الوظيفي في الإدارة العامة نجد بأن بعض هؤلاء العاملين من يقبع في مكانه حقبة من الزمن يكابد في العمل دون تطور، ومنهم من يتنقل من وظيفة إلى أخرى، ومنهم من يصعد السلم بالشكل الطبيعي للتطور الوظيفي، ومنهم من يصعد السلم بسرعة الصاروخ ليتبوء مناصب قيادية متقدمة متفردا عن أقرانه الذين قد يكون تزامن دخولهم العمل معاً، ومنهم من يهبط من الأعلى بالمظلة (البارشوت) ليحتل مكانة عالية ومنصب قيادي دونما جهد يذكر في عملية التطور الوظيفي، ومنهم من يغادر لأسباب أخرى كرهاً أو طوعاً كالحصول على فرصة وظيفية أفضل في أماكن أخرى داخل الوطن أو خارجه، ومنهم من يغادر العمل بعد وصوله لنهاية المطاف لسن التقاعد بهدوء، وهناك ثلة يتم التمديد لها بعد سن التقاعد بحجة الندرة أو الخبرة اأو ماشابه من الأسباب الواهية، وثلة أخرى لديها من القوة والحنكة والمرونة والعلاقات التي تؤهلها للبقاء في المناصب العليا والحصول على مواقع المستشارين للقيادات السياسية والإدارية حتى الرمق الأخير.

وهنا يبرز لنا تسأول كبير حول هذه الظواهر المختلفة للعاملين، ما الذي يدفع البعض إلى الوقوف مكانه طيلة حياته الوظيفية؟، في حين أن زملائه قد انطلقوا بسرعات متفاوتة صعوداً لأعلى السلم الوظيفي، وما هي المهارات والقدرات والإمكانات التي يمتلكونها للعبور الأمن في صعود السلم الوظيفي في حين أن زملائهم لا زالو يقبعون في مواقعهم الأولى؟. وهل ذلك يعتمد على عوامل المؤهلات والخبرات وحدها؟،أم أن هناك عوامل أخرى شخصية، وأخرى داخلية أو خارجية تلعب دورًا مهماً في ذلك التطور الوظيفي.؟

لقد أكدت القوانين والأنظمة والتعليمات الإدارية التي وضعها المشرع على افتراض أن جميع العاملين يحظون بفرص متساوية للتطور الوظيفي لا تمييز بينهم إلا أصحاب الجدارات النادرة المتميزة ومن يتمتعون بقدرات أكبر وأقوى من أقرانهم، وإلا كان هناك تحيزاً لصالح أفراد عن غيرهم من العاملين، فاذا كان هناك من يقرر مسبقاً من هو المرغوب فيه، فإن ذلك يعد مجرد إجراءات صورية لذر الرماد في العيون وضحك على الذقون وفيه استهتار بالمواطنين وثقتهم بالعدالة الوظيفية، واستهتار بقيم العدالة والنزاهة والشفافية التي تتغنى بها الحكومات المتعاقبة، وفيها تدمير للثقة بالجهاز الحكومي وانتشار الواسطة والمحسوبية، وقتل لروح الابداع والابتكار لدى العاملين، واضعاف لنظم الحوافز مما يعمل على أضعاف الرغبة لدى الموظفين في تقديم الافضل في عملهم، وكذلك يعمل على زيادة معدل الدوران الوظيفي وخسارة الكفاءات التي ستترك مكانها لعدم احساسها بالعدالة الوظيفية والبحث عن فرص أخرى في القطاع الخاص أو في خارج الوطن، وهذا بدوره يعتبر خسارة كبيرة للإدارة العامة والوطن مما يؤدي إلى ضعف الخدمات المقدمة من قبل الموظفين للمواطنيين.

وجميع تلك التساؤلات تحتاج إلى عصف ذهني من قبل المختصين والمهتمين والأكاديمين للأجابة عليها بشكل علمي ومهني دونما اصدار توقعات من واقع الخيال حول تلك الظواهر.
والله غالب على أمره.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد