حينَ أخذ «الذكاء الاصطناعي» وظيفة صديقي

mainThumb

03-06-2024 11:55 PM

يُحدّثني صديقٌ لي يملك منصةً إلكترونية في إدارة المحتوى العربي، أنّه استطاع تحقيق نتائج إيجابية في عمله بأقلّ من التكاليف التي كان ينفقها سابقًا لتسيير عمله وفق المعطيات اليوميّة أو الشهرية المطلوبة، عندما بدأ بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمله. يقول: «وظّفت الذكاء الاصطناعي في إنشاء محتوى أكثر جودة، خاصة بعد التحقق والتأكد من سلامة المعلومات، إضافة إلى استخدام تقنيات صوتيّة ومرئيّة دون الحاجة لصرف رواتب خياليّة شهريّة للموظفين أصحاب الخبرة في هذا المجال».

في المقابل، أصيب صديقي «س» بحالة من القلق بعد أنْ قرّرت المؤسسة التي «كان» يعملُ بها الاستغناءَ عنه وعن عددٍ من زملائه، بعد أن طوّرت المؤسسة برنامجًا الكترونيًا يقوم بعملهم وفق تقْنية الذكاء الاصطناعي، ما قل التكاليف الملقاة على عاتق تلك المؤسّسة.

صديقي «س» الذي بدأ مشوار حياته في تخصّصه بكلّ احترافيّة، أصبح اليوم يجد صعوبة حقيقية في العثور على فرصة عمل، بعد أن لجات كثير من المؤسسات لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تسابقًا محمومًا بين الشركات العالمية، ما يستدعي الإجابة على تساؤل مهم حولَ ما إذا كان الذكاء الاصطناعي فرصة تاريخية وذهبية أم أنّه تهديد لسوق العمل وتبخّر لأحلام الشباب في ظلِّ النقص الموجود أصلًا في فرص العمل وارتفاعِ معدّلات البطالة عربيًا.

يمكننا تعريف الذكاء الاصطناعي أنّه أحد علوم الحاسوب «الكمبيوتر» المذهلة والمستجدة، والتي تجاري الذكاء البشري بطريقة إلكترونية عنكبوتية، ذات سرعة فائقة في استحضار المعلومات دون التعرض للخرف أو النسيان، من خلال أنظمة ذاتيّة التعلُّم، تستمد المعلومات من البيانات المتاحة لها إلكترونيًا ويمكنها الوصول إليها، في حين أنّ هذه التقنية المستجدة في تطور مستمر ومتسارع لا يمكن حصرها في تعريف ساكن.

بطبيعة الحال، ساهم الذكاء الاصطناعيّ، إلى هذه اللحظة، في إحداث ثورة تكنولوجية عصرية فاجأت وأذهلت الكثيرين، وهي تسير قُدُمًا بسرعة عالية دون توقف، ما يضعنا أمام مستجدات متسارعة قد تقلب الحياة العملية والعلمية رأسًا على عقب.

مما لا شك فيه، أنّ كثير من القطاعات والمؤسسات أدخلت هذه التقنيات في عملها بقصد التطوير والتحديث ومواكبة العصر؛ فمثلًا، كثير من المؤسسات الصحفية ومراكز الدّراسات استغنت عن أعداد كبيرة من منشئي المحتوى ومدقّقي اللّغة ومصمّمي الفيديو والصّورة، بعد أن وظفت برامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بهذا الدور بدقة متناهية وبسرعة مذهلة، وبهامش أخطاء بسيط جدًا، بل إنّ بعض المؤسسات الإعلامية لجأت إلى إنشاء أستوديوهات تلفزيونيّة مع باقة من المذيعين بأصوات وأشكال مختلفة، بكلف قليلة لا تقارن مع الكلف الفعلية لإنشاء مثل هكذا أستوديو أو كلف رواتب الموظفين العاملين فيه.

إذن؛ رغم ما حققه أو سيحققه الذكاء الاصطناعيّ إلا أنّه برز لدينا تحدٍ كبير، في زيادة نسبة العاطلين عن العمل من الذين بدأت الشركات والمؤسّسات بإنهاء خدماتهم، ووضعت مستقبلهم وعائلاتهم في مهب الريح. هذه التحديات يجب ألّا يقع ضحيتها الموظف وأسرته، وإنما يبقى تحدٍ أمام الحكومات والشركات بضرورة تدريب العاملين لديها واستثمار طاقاتهم ومهاراتهم في مجالات أخرى، وهذا يقتضي من الدول أن تعيد النظر في التشريعات الناظمة للعمل الإلكتروني لديها بإدخال نصوص توفر الضمانات الكافية للعاملين في مختلف القطاعات، وتنظم آلية العمل بتقنيات الذكاء الاصطناعيّ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد