الإحتلال يسيطر على نحو 88% من مصادر مياه الضفة

mainThumb
مياه

01-06-2024 08:58 PM

وكالات - السوسنة

كشف تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تسيطر على نحو 88% من مصادر المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، وتسمح للمستعمرين بالوصول الحر دون عوائق لها، والانتفاع بها سواء لأغراض الشرب والاستخدامات المنزلية أم لأغراض المشاريع الزراعية والصناعية في المستعمرات.

وأضاف المكتب في تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر، السبت، أن دراسات دولية وإسرائيلية أظهرت أن المستعمر الإسرائيلي في الضفة الغربية، يستهلك من المياه تسعة أضعاف ونصف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه.

وأضاف أن المتاح للفلسطينيين من المياه في الضفة الغربية يبلغ 105 ملايين متر مكعب، وهو أقل مما كان متاحا عام 1995 في اتفاقية أوسلو إذ كان يبلغ 118 مليون متر مكعب، أما كمية الاحتياج وفقا للمعايير الدولية، فتبلغ 400 مليون متر مكعب، أي أن الفلسطينيين يحصلون على ربع ما يحتاجون إليه.

وأشار إلى أن مخطط الاستيلاء على ينابيع المياه في الضفة الغربية، يعد أداة من أدوات استيلاء المستعمرين على مساحات أوسع من الأراضي الفلسطينية، وتحويلها إلى مجال حيوي للنشاطات الاستعمارية.

وذكر أن الصورة تبدو على النحو التالي: سلطات الاحتلال تستولي على المياه الجوفية والسطحية الفلسطينية وتسطو عليها، وتبيع منها ما تراه ضروريا للجانب الفلسطيني عبر شركة المياه الإسرائيلية "ميكوروت"، وتترك للمستعمرين حرية التصرف في السطو على مياه الينابيع، وتحديدا في المنطقة المصنفة (ج).

وأوضح التقرير أن العدد الإجمالي للينابيع في الضفة الغربية يقدر وفقا لجمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين الموسمية والدائمة 714 ينبوعا، منها نحو 350 دائمة بين ضعيف ومتوسط وغزير.

ويقع 56 من هذه الينابيع بالقرب من المستعمرات الإسرائيلية، حيث تقع حوالي نصف هذه الينابيع في محافظة رام الله أي 29، تليها نابلس 10 ينابيع، فيما يتوزع الباقي بين بقية محافظات الضفة وخاصة سلفيت وبيت لحم بمعدل 30 نبعا كانت أصلا يستولي بالكامل المستعمرون، دون إمكانية وصول الفلسطينيين إليها قبل العدوان، أما الباقي فقد تحول عدد منها وخاصة في ظروف العدوان إلى مناطق عسكرية، يُمنع على المواطنين الوصول إليها أو الاقتراب منها بأوامر عسكرية من جيش الاحتلال، وعبر أعمال الترهيب والتهديد والعنف التي يرتكبها المستعمرون كذلك.

ولفت التقرير إلى أن سلطات الاحتلال تدعي أنها تتعامل مع الينابيع باعتبارها مواقع بيئية يجب الحفاظ عليها وحمايتها، غير أنها في حقيقة الأمر تعمل على حرمان الفلسطينيين من الانتفاع بها كمواقع بيئية أو كمصدر من مصادر الماء اللازم للشرب والزراعة، وتشجع في الوقت نفسه على تأسيس تجمعات استعمارية قريبة ومجاورة، وتحولها إلى مواقع لإعادة بناء علاقة المستعمرين بالطبيعة، من خلال مسارات ومواقع للتنزه والاستجمام و"التطهر اليهودي"، فضلا عن استخدامها كمناطق جذب سياحي خطوة على طريق استعمارها بنقل المستعمرين من إسرائيل إلى مناطق الضفة الغربية، وهذه عمليا هي السياسة نفسها التي اعتمدتها سلطات الاحتلال في مناطق الجليل والساحل والنقب.

وتابع التقرير "أن أحد تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي يشير إلى أن هذه الينابيع تقع بالقرب من المستعمرات وأن 30 نبعا تم الاستيلاء عليها بالكامل ومنع الفلسطينيين من دخولها، بينما تظل الينابيع الباقية وعددها 26 عرضة لخطر استيلاء المستعمرين عليها، نتيجة ما يقومون به من جولات منتظمة وأعمال دورية.

وبحسب تقرير "أوتشا"، يبدأ المستعمرون في أعقاب تقليص الوجود الفلسطيني أو القضاء عليه، بتطوير الينابيع إلى مناطق جذب سياحي لدعم البنية التحتية السياحية للمستعمرات بقصد ترسيخها، إذ يبدأ المستعمرون بتحويل مناطق الينابيع إلى مناطق سياحية من خلال بناء البرك، ومناطق التنزه، وتغيير الأسماء، ووضع لافتات لأسماء الينابيع بالعبرية، تلك الينابيع التي بقيت أكبر مصدر مائي للري ومصدرا مهما للاستهلاك المنزلي للفلسطينيين.

ويشير التقرير إلى أن الاستيلاء على الينابيع هو امتداد للتوسع الاستعماري في الضفة الغربية، منوها إلى أنه غير قانوني بحسب القانون الدولي.

أما منظمة "كيرم نفوت" المعنية بدراسة سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، فتؤكد هي الأخرى أنه "يوجد في وسط الضفة الغربية أكثر من 60 نبعا، يطمع المستعمرون فيها من خلال أعمال الترميم والتجديد لنحو نصفها، ونزع الملكية عن أصحابها، ومنع المواطنين من الاقتراب منها، على أن الاستيلاء على الينابيع هو جزء من خطة طموحها أكبر بكثير، تسعى إلى الاستيلاء على المساحات المفتوحة المتبقية في الضفة الغربية، بهدف عزل القرى الفلسطينية، بدلا من عزل المستعمرات، والاستيلاء على مزيد من الأراضي.

ويجرى تنفيذ ذلك، وفقاً للمنظمة، عن طريق إنشاء مناطق للاستحمام ومسارات للمشي لمسافات طويلة، وإنشاء القبور للشخصيات الروحية للمستعمرين على أنها "مواقع مقدسة"، وتطوير مواقع للنزهات، وكلها تقع في أراضٍ خاصة مملوكة للفلسطينيين.

وقال المكتب إن المستعمرين لا يكتفون بين الحين والآخر بقطع وتدمير خطوط إمداد المياه التي تزود القرى بالمياه من شركة "ميكروت" الإسرائيلية، بل يمنعونهم من تعبئة المياه من ينابيع قراهم كما هو حال المستعمرين في مستعمرات "عيلي، وشيلو، وشيفوت راحيل" مع ينابيع المياه المحيطة بقرية قريوت في محافظة نابلس.

وأضاف أنه بعد أن استولى المستعمرون على "عين قريوت" و"الخوانق"، وسدوا الطرق بالسواتر الترابية إلى الينابيع الأخرى، لم يتبقَ لأهل القرية المعروفة بكثرة ينابيعها، سوى شراء المياه بثمن باهظ لسد حاجتهم من مياه الشرب وري مزروعاتهم.

ومؤخرا وفي ظروف العدوان، استولى المستعمرون على واحدة من أهم ثلاث عيون مياه من أصل خمس تملكها قريوت، ومنعوا سكانها البالغ عددهم 3 آلاف نسمة من الاقتراب منها، بعد أن ضموها إلى منطقة نفوذ المستعمرات، التي تستولي على 17 ألفا من أصل 21 ألف دونم من أراضي القرية.

ومنذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم يبرح المستعمرون منطقة "عين سيلون"، حيث أجروا تغييرات واسعة في المنطقة، بوضع مظلات ومقاعد وألعاب أطفال، وإضفاء صفة سياحية عليها، حيث تناوبوا على حراسة المكان، لمنع الفلسطينيين من الاقتراب تحت تهديد السلاح، بعد أن دمروا حديقة أطفال أقامتها القرية في المكان، وسطح خزان مياه ذلك النبع، الذي كان يغطي حاجة القرية من مياه الشرب والاستخدامات المنزلية والزراعة في سنوات سابقة، وحولوا ذلك الخزان إلى بركة سباحة لهم.

ولا تُعتبر اعتداءات المستعمرين وأطماعهم في الاستيلاء على ينابيع المياه أعمالا فردية، أو ممارسات عفوية، بقدر ما هي عمل منظم يتكامل مع سطو سلطات الاحتلال على المياه الفلسطينية بشكل عام، الجوفية منها والسطحية.

ولفت التقرير إلى أن برك سليمان الثلاث في بلدة أرطاس جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، التي تزيد مساحتها على 30 دونما، وتحيط بها مساحة مماثلة من المحميات الطبيعية، مثال واضح على ذلك، حيث يقدم المستعمرون على اقتحام البرك بحماية الجيش بشكل متكرر، لأداء طقوس تلمودية، ويتخوف المواطنون جديا من الاستيلاء عليها، وعدم قدرتهم على ترميمها وتطويرها، بسبب تمدد مستعمرة "أفرات" القريبة منها بشكل خطر.

كما يخشى سكان بلدة حوسان في محافظة بيت لحم على ينابيع مياههم من استيلاء المستعمرين، وخاصة في منطقة "عين الهوية" التي تُزوّد عشرات المزارعين بالمياه لري مزروعاتهم، بعد أن تمكن المستعمرون من الاستيلاء على نحو 4 آلاف دونم من أراضي البلدة، لبناء مستعمرة "بيتار عليت" في تجمع مستعمرات "غوش عتصيون"، كما يمنعون المواطنين من ترميم العين أو تأهيلها، بحجة أنها تقع ضمن الأراضي المصنفة "ج".

حظوظ أهالي قرية النبي صالح إلى الغرب من رام الله شبه معدومة، وهم الذين كانوا يستفيدون من "عين القوس" التي تقع قرب قريتهم، بسبب استيلاء المستعمرين عليها، وإعادة تسمية المكان باسم المستعمر "معان مائير"، وبات ممنوعا على المواطنين الاستفادة أو الاقتراب منها بشكل قطعي.

وفي دورا القرع، فإن عملية القتل بدم بارد، التي تعرض لها المواطن محمد فواقة (21 عاما) أثناء وجوده قرب عين المياه في القرية في الثامن عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تؤكد كم هي محفوفة بالمخاطر محاولة وصول المواطن الفلسطيني إلى ينابيع المياه، خاصة بعد أن سلّحت إسرائيل المستعمرين واستوعبتهم في مليشيات منظمة في "فرق الطوارئ" وغيرها.

وعلى أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرى سالم وبيت جن ودير الحطب وعزموط إلى الشرق من مدينة نابلس، ينابيع مياه ينتفع منها سكان هذه البلدات وأهمها نبع "العين الكبيرة".

وبقرار من سلطات الاحتلال، أصبح اسم ذلك النبع "عين كفير"، وهو اسم أحد الممرضين العسكريين الذين قُتلوا في معركة "قلعة شقيف" في جنوب لبنان عام 1982.

وتدعي مستعمرة "ألون مورية" القريبة منه أنه يقع ضمن منطقة نفوذها على أراضي دولة صنفها قائد قوات الاحتلال في الضفة استنادا إلى أمر عسكري أصدره كنموذج لهذا الصراع على المياه ومصادرها في الضفة الغربية، ما ترتب عليه معاناة كبيرة بحرمان المواطنين من ينابيع ارتادوها لأجيال.

حال ينابيع المياه في الأغوار الفلسطينية ليس أفضل من النماذج التي تطرقنا إليها أعلاه، فالينابيع في هذه المنطقة مهددة.

وبحسب تقرير الاستيطان الأسبوعي، فقد استولت مجموعة من المستعمرين على نبع "خلة خضر" في خربة الفارسية بالأغوار الفلسطينية الشمالية، وأقاموا بقربها بركة تجميع مياه، في خطوة تعطي مؤشرات واضحة على النية لمزيد من الاستيلاء على مياه الينابيع وتجميع مياه الأمطار في المنطقة، وحرمان الفلسطيني من حق الوصول إليها.

وكان المستعمرون، قد استولوا مطلع العام الجاري كذلك على نبع عين الحلوة في الأغوار الشمالية، وقاموا بأعمال بناء وترميم في محيطه، ولاحقا أقاموا متنزها في المنطقة، وحرموا الفلسطينيين من استغلال النبع، الذي يُعتبر مصدر المياه الرئيسي لعشرات العائلات .

إقرأ المزيد :   






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد