أمريكا والجنائية الدولية: أعذرَ مَنْ أنذر!
وهذه حال أمريكية تنطوي على طرافة كوميدية أحياناً، كأنْ يفرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقوبات على موظفي الجنائية الدولية الذين شاركوا في تحقيقات حول جرائم حرب محتملة ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكية في أفغانستان؛ وأن يسارع خَلَفه الرئيس الحالي بايدن إلى إبطال تلك العقوبات، تحت وطأة الانسحاب العسكري الأمريكي المتسرع والمذلّ من أفغانستان إياها وإعادتها هدية خالصة إلى الطالبان؛ وأن ترفض إدارة بايدن، ذاتها، احتمال إصدار الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، ورئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي.
وما دام ربّ البيت، الرئيس الأمريكي، بالطبل ضارباً، وبأقصى صخب ممكن واستهتار فاضح؛ فما شيمة حفنة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أنصار دولة الاحتلال أو نوّابها غير المباشرين في أمريكا، سوى الرقص على الإيقاع، أو حتى استباقه والمزاودة عليه في التطريب والاصطخاب! التمثيل الأوضح على أنغام معاداة الجنائية الدولية، وهو الأحدث فقط وليس بالضرورة الأشدّ وقاحة والأعلى غطرسة، هي رسالة 12 من سناتورات أمريكا إلى كريم خان المدعي العام للمحكمة؛ التي لم تكترث بتلطيف أي إيحاء بالجلافة حين قالت: أن تستهدف السيادة الإسرائيلية، يعني أنك تستهدف السيادة الأمريكية؛ فإذا فعلتَ واستهدفت، فإننا سنفعل ونستهدفك؛ وقد أعذر من أنذر (إذا شاء المرء تعريب عبارة: «لقد جرى تحذيرك» التي تختتم الرسالة).
صحيح أنّ أفراد تلك الحفنة (توم كوتون، ميتش ماكونيل، مارشا بلاكبرن، كاتي بويد بريت، تيد باد، كيفن كريمر، تيد كروز، بيل هاغرتي، بيت ريكتس، ماركو روبيو، ريك سكوت، وتيم سكوت) ينتمون إلى الحزب الجمهوري؛ ولكن أيّ فارق، حتى بالمعنى اللفظي والصوري، يمكن أن يُساق بصدد السناتور الديمقراطي جون فيترمان، بنسلفانيا، الذي لم يكتفِ بمساندة حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة، ولم يتراجع قيد أنملة عن تأييده حتى بعد أكثر من 43 ألف ضحية معظمهم من الأطفال والنساء؛ بل هو اليوم يدين اعتصامات الاحتجاج الطلابية في الجامعات الأمريكية؟ أو النائب الديمقراطي ريشي توريس، نيويورك، الذي سابق الريح لينتقد تلويح بايدن بوقف تزويد الاحتلال بأسلحة هجومية؛ فذهب إلى درجة اتهام الرئيس الأمريكي بتعريض مصداقية الولايات المتحدة للسخرية؟
صحيح تماماً، في المقابل القانوني والأخلاقي الضروري، أنّ المظانّ التي تطعن في صدقية الجنائية الدولية، وربما في مصداقية المدعي العام خان شخصياً، غير قليلة وغير ضئيلة الشأن؛ لعلّ أبرزها ما يتردد، على نطاق واسع، من أنها لم «تتشاطر» حتى الساعة إلا على دول نامية أو فقيرة، من طراز أوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى والسودان؛ وأنّ مذكرة توقيف بوتين ما كانت ستصدر أصلاً لولا ضغط واشنطن وحليفاتها في أوروبا. والمحكمة، استطراداً، لم ترمِ وردة في وجه عتاة مجرمي الحرب الكبار، أمثال الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في غزو العراق وأفغانستان (1,2 مليون ضحية)؛ ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في الملفات ذاتها، خاصة جنوب العراق، والبصرة؛ ورؤساء الحكومات الإسرائيلية نتنياهو، إيهود أولمرت، إيهود باراك، إسحق شامير، إسحق رابين، مناحيم بيغن… وما يضيف العنجهية والاستهتار إلى نفاق المحكمة، أنّ واشنطن ترفض الانضمام إلى معاهدة روما 2002 التي أطلقت المحكمة، وما تزال ترفض خضوع أيّ مواطن أمريكي لقوانينها.
أمّا مثال رأس النظام السوري، بشار الأسد، فإنّ كلّ ما استطاعت المحكمة القيام به هو «جمع الأدلة» على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سوريا، منذ الانتفاضة الشعبية في آذار (مارس) 2011؛ أو قبل ذلك، في عشرات المجازر، التي كانت مجزرة مدينة حماة، 1982، ذروتها الوحشية. ولكن حتى بعد جمع «الأدلة» أو العشرات والمئات منها، فإنّ المحكمة ظلت، ولسوف تظلّ، عاجزة عن فتح تحقيق رسمي، لأنها في حاجة إلى قرار من مجلس الأمن لإحالة الملفات إلى المحكمة؛ ولا حاجة للتذكير بأنّ واشنطن وموسكو وبكين سوف تجد الكثير من الأسباب المشتركة، لرفض الإحالة. أكثر من هذا، يضيف الإهانة إلى جراح السوريين أنّ نظام الأسد ينبغي أن يوافق، أوّلاً، على قبول اختصاص المحكمة للنظر في الانتهاكات!
ولعلّ من الخير العودة إلى سابقة أخرى، بصدد إحالة حاكم على رأس عمله إلى جهة قضائية دولية، أي مثول الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب، في خريف العام 2002، قبل أشهر من إطلاق محكمة الجنايات الدولية. يومذاك توفرت مفارقة صارخة بصدد خرافة العدالة الدولية والمحاسبة على الجرائم المرتكبة بحقّ الإنسانية، تحت وصاية القوى العظمى وبإذن منها حصرياً: حين وقف مجرم حرب مثل ميلوسيفيتش في قفص الاتهام، كان زميل له مجرم حرب، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، يواصل ارتكاب جرائمه اليومية، بل كان يحظى بتصفيق الولايات المتحدة، وتأييدها وإطرائها. معظم العواصم الأوروبية التزمت الصمت، أو اكتفى قادتها بالتأتأة الجوفاء حول ما هو «بنّاء» أو «غير بنّاء» في العنف الفاشيّ العاري والمفتوح الذي مارسته قوّات الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين.
وهذه السنة، في الذكرى الـ22 لإطلاق محكمة الجنايات الدولية، يقول معطى حاسم أوّل إنّ ثلاثة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة وروسيا والصين، لا تعترف بالمحكمة أو تعرقل عملها بقوّة حقّ النقض (الفيتو)؛ يُضاف إليه معطى ثانٍ مفاده أنّ 69، من 193 دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة، ليست منتسبة إلى محكمة الجنايات الدولية. العلّة الكبرى، إلى هذا أو ذاك من المعطيات، تتمثل في نهج الكيل بمكاييل شتى، طبقاً لمدى تمتّع الملفّ المطروح على المحكمة بمساندة/ مناهضة قوى عظمى، خاصة تلك التي تملك بالفعل سلطة التعطيل، أو حتى فرض عقوبات على المحكمة وقضاتها؛ كما فعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في خريف 2018 حين أبلغ الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنّ المحكمة لا شرعة لها ولا شرعية ولا سلطة في الولايات المتحدة.
التضخم البيروقراطي يستكمل العلل، إذْ تدير المحكمة نحو 900 موظف، ينتمون إلى قرابة 100 دولة، في مقرّ ضخم تستضيفه مدينة لاهاي الهولندية، ومكاتب اتصال فرعية ملحقة بمبنى الأمم المتحدة في نيويورك وفي 7 دول أخرى؛ بميزانية بلغت 154,855 مليون يورو في سنة 2022. وبهذا المعنى فإنّ الوقاحة في رسالة شيوخ أمريكا الـ12 ليست بمنأى عن فظاظة سيّد متسلط متغطرس أمام أجير عاجز خانع؛ إذ، بالفعل… أعذر مَن أنذر!
(القدس العربي)
هل هناك فرص لتساقط الثلوج على المملكة
وزير الأشغال يتفقد طرقا زراعية ويزور مديرية أشغال المفرق
مصرع 6 أشخاص بحادث تحطم طائرة بمدينة فيلادلفيا الأميركية
ما هي الأوراق التي وقعها المحتجزين المفرج عنهم
قوات الاحتلال تهدد بمنع احتفالات إفراج الأسير شوابكة
لحظة تسلم الصليب الأحمر محتجزين اثنين من قطاع غزة .. فيديو
كم بلغ سعر الذهب في السوق المحلي السبت
خمسينية أردنية تنجح في الثانوية العامة بعد 30 عامًا
تنفيذ الجولة الرابعة لتبادل الأسرى بين غزة وإسرائيل
وزير الخارجية يشارك في اجتماع وزاري بالقاهرة
افتتاح محل حلويات في المغرب يثير الفوضى
دراسة تكشف حقيقة الفرق في كلام الرجال والنساء
جامعة ميشيغان تعلق نشاط مجموعة مؤيدة لفلسطين
الأردن يسمح للأجانب بالدخول دون موافقة مسبقة .. تفاصيل
عشرات المواطنين ترتبت عليهم مبالغ مالية يجب تسديدها .. أسماء
أول إماراتية تفوز بلقب ملكة جمال الكوكب .. صور
ولي العهد ينشر صورة برفقة الأميرة رجوة والأمير عبدالمتين وزوجته
إحالة الشبيلات للتقاعد .. قرارات مجلس الوزراء
اليرموك تغرق في المديونية وحراك أكاديمي يتصاعد .. تفاصيل
الحالة الجوية المتوقعة للأيام الثلاثة القادمة
مهم بشأن مشروع استبدال عدادات الكهرباء القديمة بأخرى ذكية
35 ديناراً سعر تذكرة الطائرة للعقبة و85 للقاهرة
غليان في اليرموك بعد تخفيض نسبة الموازي ودعوات الاحتجاجات تتصاعد
مدير الأمن العام: الأولوية دعم رفاق السلاح
إلزام وضع سارية علم أمام كل مبنى أو منزل يرخص جديدا .. تفاصيل