ماذا وراء الدعم العسكري الأمريكي الجديد لـ"إسرائيل"

mainThumb

30-03-2024 11:32 PM

صار بوسع المراقبين فهم ما يدور خلف كواليس الإدارة الأمريكية إزاء الموقف من غزة ما بين الباطن الداعم للحرب، والظاهر المضلل للرأي العام الأمريكي والعالم.
وعليه، فما هي الدوافع الحقيقية من وراء إقامة الجسر البحري الأمريكي الإغاثي، الممتد من مركز عمليات الإغاثة في قبرص، وساحل غزة بين الوسط والشمال، حيث يتعرض القطاع لحرب إبادة وتجويع.. فإذا فُهِمَ السببُ بَطُلَ العجب.
إذْ يكمن السر من وراء إقامة هذا الجسر في وعود نتنياهو بالهجوم على رفح حيث تستعد له "إسرائيل" على صعيدين سياسي وعسكري؛ لتحقيق أهداف الحرب على غزة التي فشل جيش الاحتلال في تحقيقها.
وأهم هذه الأهداف "المستحيلة" تفريغ غزة من السكان ثم الإجهاز على المقاومة وتحرير الأسرى.
ولكن إزاء إصرار نتنياهو على موقفه التصعيدي غير المهادن، فأمامه طريقان يتوافقان من الموقف الأمريكي الحقيقي المؤيد، والمتواري خلف ما يبثه من أضاليل:
فإما الإبادة لأهل غزة عن بكرة أبيهم من خلال القتل والتجويع.
أو التهجير عبر الجسر الذي هو قيد الإنشاء خلافاً لما هو معلن بعدما أغلقت مصر معبر رفح ومنعت دخول المساعدات بذرائع أمنية.
وقد استخدم المهندسون في التأسيس لمشروعي الجسر والميناء، ركامَ الأبنيةِ التي اختلطت بجثامين الضحايا في غزة، لردم المستويات المتباينة توطئة لإنشاء الممر الإسمنتي الذي يوصلُ البَرَّ الغزيّ بالمياه العميقة.
صحيح أن الولايات المتحدة تحاول جاهدة تبييض صفحتها إزاء الأمريكيين والعالم، من خلال حجب استخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لتبني المجلس مشروع قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.. وهو سلوك أمريكي ظاهري محض؛ إلا أن ما تبطنه الإدارة الأمريكية يؤكد خلاف ذلك، بتصعيد المشاركة الفعلية الأمريكية في الحرب على غزة من خلال الدعم العسكري المتواصل.
ربما يأتي ذلك لتفادي تصادم جو بايدن مع حكومة اليمين الإسرائيلي التي انقلبت عليه بسبب تمرير قرار مجلس الأمن الأخير دون فيتو أمريكي كما هو دارج، مما قد يؤثر على موقفه الانتخابي المتأزم أمام حليف نتنياهو، المرشح الجمهوري ترامب.
ويبدو أن جو بايدن وجد ضالته في تقديم الدعم العسكري السخي ل"إسرائيل" حتى يرضى عنه اللوبي الصهيوني صاحب اليد الطولى في الانتخابات الأمريكية.
فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن أقرت إرسال دفعة جديدة من الأسلحة والذخائر إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، رغم حجم المجازر التي ترتكب في قطاع غزة، باستخدام هذه الأسلحة.
وهذا مخالف لقرار مجلس الأمن الأخير الذي يطالب بإيقاف الحرب، ما يثبت أن الحجب الأمريكي للفيتو إنما جاء للتغطية على المشاركة الأمريكية في حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر دون أن تحقق أهدافها باعتراف عضو الكنيست من الليكود، عَميت هليفي، الذي قال عبر يديعوت أحرونوت في أن "إسرائيل حققت إنجازاً واحداً في حربها على غزة يتلخص بالتطوع في الجيش، مقابل عشرة انجازات استراتيجية حققتها حماس على كافة الصعد العسكرية والمعنوية والاقتصادية.
وتتضمن حزم المساعدات الأمريكية وفق الصحيفة أكثر من 1800 قنبلة "أم.كيه 84" زنة ألفي رطل، و500 قنبلة أم.كيه82 زنة خمسئة رطل.
وللتذكير فإن قنبلة "أم.كيه 84"استخدمت سابقاً في مجزرة جباليا شمال قطاع غزة مع بداية الحرب، وأدت إلى استشهاد وإصابة المئات من المدنيين، بعد أن قصفت طائرات الاحتلال مربعاً سكنياً كاملاً.
وتتجلى المشارك الأمريكية من خلال ما تقدمه واشنطن من مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليارات دولار لـ"إسرائيل"، وهي الوصية على مستقبلها الوجودي.
هذه المساعدات قد لا تمر مرور الكرام بالنسبة لرافضي الحرب على غزة من دافعي الضرائب الأمريكيين حيث تغوص بهم المدن الأمريكية احتجاجاً على حرب الإبادة في غزة، وسيكون أمامهم أحدُ خيارين أحلاهما مرُّ:
فإما إعادة انتخاب جو بايدن المتورط في الدم الفلسطي، أو تقديم الدعم للمرشح الجمهوري المراوغ، ترامب، رغم أنه الأكثر تأييداً ل"إسرائيل" والذي ساهم في تهميش حقوق الفلسطينيين من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية.
على الأقل فترامب ليس سخياً في دعم الحروب مالياً لأنه يؤمن برفد الخزينة الأمريكية بالرساميل وليس بتفريغها، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية أو الحرب على غزة.
وعلى الأرجح أن ترامب سيحاول إخراج "إسرائيل" من عنق الزجاجة سياسياً، من خلال الاتفاقية الإبراهيمية على افتراض أن حماس ستكون مغيبة وفق الرؤية الإسرائيلية مع استحالة ذلك وفق الشواهد على الأرض.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد