صحيفة السوسنة الأردنية

لا يزال "المجتمع" الدولي يتبجح بمصطلحات ومنظمات وهيئات ثبت للقاصي والداني زيفها وتبين لكل ذي عقل بأنها سلاح تستخدمه الدول "الكبرى" بانتقائية مكشوفه ضد كل من تسول له نفسه ان يقول "لا"
يجتمع المجتمعون منذ يومين في ما يسمى مجلس ((حقوق الانسان)) وصراحة لا أدري عن المنظمين للمجلس ما الهدف الذي دعاهم لإتمام عقد الاجتماع في موعده ، فقبل السابع من أكتوبر المبارك كان من الممكن ان لايزال منخدع بمصطلحاتهم ومجالسهم ، لا أعني هذا المجلس فقط وانما كل مجلس وهيئة وقانون ومصطلح يشير الى ان هناك من يرعى حقوق الانسان بشكل او بآخر، وبما ان المجلس منعقد على كل الأحوال فلزاما علينا ان نوجه له كلمة ، صحيح ان بعض اعضاءه قد تكلموا بما يكفي لفضح زيف نوايا الغرب وتحيزهم لإنسان دون الاخر، ولكني أرى انه من واجبنا ان نذكر "المجتمع الدولي " ومجالسة ومنظماته وهيئاته بما قد يظنون اننا قد نسيناه من هول اجرامهم ، وسنوجز لهم كشف حساب مختصر لما حصل لشعب خلال الخمسة شهور الأخيرة ولن نتطرق لما سبق سواء بحق الشعب الفلسطيني ما قبل ذلك ولا ما قد حصل من اجرام وانتهاكات بحق امة تنتظر جرد حساباتها معهم
الأعضاء المجتمعين:
فلا تحية لثلاث ارباعكم وبعد
كما تعلمون فان كل من لحق له الضرر من حقه عرفا وقانونا ان يعوض عما لحق به وانتم أصحاب خبرة قانونية وعملية لذلك وقد قمتم باجبار دولة غزت دولة أخرى في تسعينيات القرن الماضي بتعويض متضرري الحرب ولم يهمكم حينها من اين سيدفع المعتدي للمتضررين ، تذكرون ذلك جيدا و لا داعي للوقوف عند مثال ، ولذا اسمحوا لي وانتم من أرهبتم العالم وتسلطتم عليه ان اقدم لكم كشف حساب مختصر لما لحق بفلسطين وأهلها خلال خمسة شهور
لن أحدثكم عن الخسائر بالأرواح الطاهرة لأنكم لن تستطيعوا تعويضها ولو انفقتم مال الأرض فحساب الأرواح له ثمن ستدفعونه بمثله طال الزمان او قصر
ولن احدثكم عن الخسائر بالأجساد فكذلك هي خسائر لا تعوض ولو انفقتم ما انفقتم لن تعوضوا طفلا عن عين كان سيرى بها ظلمكم وجوركم ولن تعوضوا فتاة عن قدمها التي كانت تستعد لتمشي عليها يوم زفافها
ولن احدثكم عن الاضرار النفسية التي لحقت بما تبقى من جيل كان يعتقد انه سيأتي يوما يرفع عنه حصاركم الجائر ويبني مستقبلا ويحقق طموحا كان يظن انه سيصنعه وكذلك لن احدثكم عن الرعب الذي زرع في قلوب أطفال أرق من نسائم الصباح فكذلك هي أشياء لا تشترى
ولن احدثكم عن القهر في قلب اب يرى ابنه يموت امامه ولا يستطيع ان يجلب له رغيفا ولا عن ام انفطر قلبها على طفلتها التي لم تبلغ السابعة من عمرها وهي تكفنها لان حقوق الانسان التي ادعيتم منعت عنها الدواء وكذلك لن احدثكم عن القهر في قلب جد دفن جيلين من ابناءه واحفاده وقد كان يرى فيهم امتداد عمرة الذي سرقته طفلتكم المدللة فكذلك لا يوجد معيار لثمن القهر
لن احدثكم عن طفل استيقظ على صوت قذائفكم ليجد نفسه وفي خلال لحظة وحيدا بين عائلة لم يبق غيره يحتفظ باسم في سجلها المدني فشعورة لا يمكن لاحد ان يصفه فما بالكم بمقدار التعويض
لن أحدثكم عن كل ما يخص المشاعر والاحاسيس ففاقد الشيء لا يعطيه وأنتم قد فقدتم ذلك منذ امد
سأحدثكم بالحسابات التي من الممكن ان تفهمها طبيعتكم المادية و جشعكم الذي لا يحده حد :
كان في منطقة جغرافية صغيرة في هذا العالم منطقة تدعى غزة في بلد كنا ولا نزال وسنبقى نسميه فلسطين جاء جيش عصابة متوحشة وبغطاء من حضراتكم ودمر كل البنية التحتية التي بناها اهلها بسواعدهم وعلى حساب صحتهم و قوت أطفالهم فنرجو من هيئاتكم حساب تكاليف إعادة انشاءها
ما يزيد عن مليوني انسان ان كان فيكم من لايزال يعتقد بانهم بشر دمرت منازلهم التي شيدوها باموالهم وسواعدهم عوضا عن تلك التي دمرتها نفس العصابة التي تحظى بدعمكم في مناطق أخرى في فلسطين فربما نسيتم ان هؤلاء قد هجروا قسرا من مدنهم في فلسطين الى خيم في غزة وبطبيعة الفلسطيني التي تأبى الاستسلام فقد حولوا تلك الخيام الى مدن فنطلب من هيئاتكم المعنية كذلك حساب إعادة اعمار منازلهم
ما يزيد عن مليوني انسان كان لهم اعمال مزارع ومتاجر ومصانع، متاجر ومهن فهل تستطيعون تقدير الخسائر المالية لتعويضها ؟
اظنكم قادرون على ذلك وانتم تعدون عليهم انفاسهم و رمشات عيونهم، فطائراتكم "الذكيه" تجوب سماء فلسطين بلا كلل او ملل، تحصي وتسجل كل شيء ، وجيوشكم الالكترونية متفرغة لجمع المعلومات عن ادق تفاصيل حياتهم ، بنكوككم كذلك تعلم كل فلس يخرج او يدخل الى جيوب الناس
فمن سيعوض المصرفي عن المبالغ التي سرقتها عصابتكم من خزنة مكتب الصرافة الذي كان يملكه في خان يونس؟
من سيعوض من افنى عمرة ليبني ورشة صناعية في احد المخيمات لتاتي عصابتكم ببساطة وتستهدفها بقذيفة مدفعية أحرقت أخضرها ويابسها ؟
من سيعوض تاجرا كان يملك كشكا صغيرا لبيع الألعاب في جباليا فكما تعلمون أحرقت عصابتكم كشكه وقتلت زبائنه أيضا
من سيزيل الفسفور الأبيض التي القته عصابتكم على مزرعة تملكها عائلة كانت تقتات منها في زراعة الطماطم و والجزر ، فكلكم يعلم ان اثار الفسفور لا تترك مجالا لزراعة و لا حياة
من سيعوض نجارا وضع رأس مال العائلة كلها بين أربعة جدران بداخلها منشار كهربائي حصل عليه بعد سنوات من رفض عصابتكم إدخاله له بدعوى ازدواجية الاستخدام؟
من ومن سيعوض كل هؤلاء البشر وكم سيعوضهم؟ وعن ماذا سيعوضهم؟
ان كشف حساب كهذا يضم قيودا محاسبية لاضرار في الأرواح و الأجساد إضافة الى الخسائر المعنوية والنفسية لا يمكن لاحد ان يقيم اثمانها، و الخسائر المادية كذلك لن يقوم بسدادها أحد ولا توجد النية لذلك أيضا .
ان اجتماعاتكم ومصطلحاتكم وهيئات سوقتم لها عقودا كل ذلك انهار في شهور قليلة، فلن يعد احد يصغي اليكم فلا تضيعوا وقتكم وانهمكوا اكثر في تآمركم، اما عن كشف حساب فلسطين سيحصله منكم جيل حفر في ذاكرته ظلمكم وخزن في جيناته بغضكم ولن يحتاج الى هيئاتكم لتقف معه وتدافع عن حقوقه ، هو اليوم غني عن مجالسكم لان معه رب لا تضيع ودائعه فكل اب وام استشهدوا في غزة استودعوا أطفالهم عند من لا تضيع ودائعه قبل ان تخرج ارواحهم .وان كان لنا ان نضيف على هذا الكشف فنستطيع إضافة قيود التخاذل و قيود الانبطاح وتلك أيضا قيود سيحاسب عليها أعدل العادلين .