صحيفة السوسنة الأردنية

الولايات المتحدة وبريطانيا منخرطتان من البداية في تبني اهداف الحركة الصهيونية ,في اقامة دولة يهودية في فلسطين ,وطرد الشعب الفلسطيني .وبعد الحرب العالمية الاولى ,تم انتداب بريطانيا على فلسطين ,وعملت على حماية اليهود القادمين من الخارج ,وفرضت الحكم العسكري والعرفي على الفلسطينيين طيلة حكمها ,واصدرت بريطانيا وعد بلفور بإقامة دولة يهودية في فلسطين .بينما قامت الولايات المتحدة ,بتمويل هجرة اليهود ,واستئجار السفن لنقلهم من دول العالم الى فلسطين ,وذلك ايام الرؤساء (روزفلت وترومان ).
عام 1948 استولى الصهاينة على جزء كبير من فلسطين ,وطردوا السكان كلاجئين الى الدول المجاورة ,وارتكبوا مذابح ومجازر في كفر قاسم ودير ياسين وفي اللد والرملة وغيرها ,وقد اعتدوا على الحوامل واخرجوا الاجنة من بطون الامهات ,واللاجئون اليوم وهم اكثر من خمسة ملايين نسمة ,يعيشون في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة وفي مخيمات غزة والضفة ,ينتظرون حل قضيتهم وعودتهم الى بلادهم .
في الضفة الغربية يقوم المستوطنون باقتحام المدن والمخيمات ويقتلون ويعتقلون المواطنين الفلسطينيين ,واليوم اكثر من مليون مستوطن في الضفة الغربية ,وقد جاءوا الى فلسطين من اوروبا الشرقية ,وهم من بقايا مواطني مملكة (القرم) ,والذي اعتنق شعبها وملكهم الديانة اليهودية في القرون الوسطى ,وهم من السلاف والتتر ,ويتصفون بالوحشية والشراسة والعداء الدموي ليثبتوا يهوديتهم المنقوصة ,وزعيمهم (ليبرمان)رئيس حزب (اسرائيل بيتنا) .
وبعد ان تمادت اسرائيل في اقتحام مدن الضفة ومخيماتها واقتحام المسجد الاقصى وتدنيسه ,جاءت عملية طوفان الاقصى ,التي ارعبت واذهلت اسرائيل وشركاءها ,الولايات المتحدة والدول الغربية ,الذين سارعوا لنصرة اسرائيل والالتزام بامنها,و بعد 7 اكتوبر ,شنت إسرائيل غارات جوية بمئات الطائرات على مدن ومخيمات غزة ,وقصفت عشوائيا ودمرت البيوت على اهلها دون انذار ,وقامت بالقضاء على عائلات بكاملها واكثرهم من النساء والاطفال ,ومنعت دخول المساعدات الانسانية والمعيشية ودمرت البنية التحتية والمدارس والمستشفيات والمساجد ,وارتكبت مئات المجازر بين 15الى 12 مجزرة يوميا ,يذهب ضحيتها اكثر من 500 بين شهيد ومصاب ,ان حصيلة ثلاثة ايام من الشهداء والمصابين تفوق عدد المخطوفين والاسرى لدى حماس .
بعد القصف الجوي بأسبوع قام الجيش الاسرائيلي بمهاجمة قطاع غزة ,في مناطق الشمال والوسط وارتكب مجازر ودمار هائل بالقصف المدفعي ,وقام باعتقال وتعذيب عدد من المواطنين, الا ان فصائل المقاومة تصدت له وكبدته خسائر كبيرة بالمعدات والارواح .لم يستطع المجتمع الدولي ولا الامم المتحدة ,ولا الدول العربية والاسلامية من وقف الحرب والدمار, والفظائع التي ترتكبها اسرائيل .
لكن دولة جنوب افريقيا ,التي عانت سابقا من التمييز العنصري على يد المستعمرين الاوروبيين, بادرت بإقامة دعوى منع الابادة الجماعية وتحميل قادة اسرائيل المسؤولية عن جرائم الحرب ,لكن محكمة العدل الدولية اصدرت قرارات مؤقتة (تدابير) تمنع اسرائيل من التدمير وقتل المدنيين وتطلب ادخال المساعدات الانسانية الى مناطق غزة ,وكلفت اسرائيل بمتابعة جنودها في عدم تجاوز القوانين الدولية بأفعالهم العسكرية ,واعطت اسرائيل مهلة شهر لتقديم تقارير بذلك الى المحكمة .لكن اسرائيل لم تستجب للقرارات المؤقتة ومجلس الامن تخلى عن واجبه ولم يتحرك ,وقد زادت المجازر والمذابح والخراب .وقال نتنياهو سنقدم التقارير بعد الانتصار بالحرب (مستهزئا).
اسرائيل تجاوزت الحدود والمعقول في ردها على حماس ,اسرائيل وبعد عملياتها العسكرية في خان يونس ودير الملح ,تخطط للهجوم على مدينة رفح ,وفيها اكثر من 1,5 مليون من النازحين ,تحاول اسرائيل تهجيرهم مرة اخرى ,والبدء في عملياتها المعتادة من المذابح والقتل والتدمير ,وقد بدأت بعمليات قصف في رفح وارتكاب المجازر والدمار .
وزير خارجية الولايات المتحدة (بلينكون وسوليفان واوستون )وغيرهم ,يأتون للمنطقة ويحضرون مجلس الحرب الاسرائيلي ويعلنون انهم جاءوا ليوصوا اسرائيل بتجنب قتل المدنيين والالتزام بالقانون الدولي الانساني ,وادخال المساعدات .وقد كرروا هذا العمل عدة مرات ,لكن بعد عودتهم يزداد القصف والمجازر ويمنع الجيش الاسرائيلي والقصف المستمر دخول المساعدات الانسانية ,ولم يتكلموا عن وقف لاطلاق النار ,بل يتكلمون عن هدن مؤقتة يستمر بعدها القتال, كما منع بلينكون وسوليفان مجلس الامن من اصدار قرار بوقف القتال .قال بايدن ان عمليات اسرائيل في رفح مشروعة ,لوجود الرهائن وقادة حماس ,على ان على شركائنا الاسرائيليين مراعاة عدم الاضرار بالمدنيين في عملياتهم العسكرية ,من هنا يتبين ان المسؤولين الامريكيين يريدون من اسرائيل مهاجمة رفح ويشترطون كلام (استهلاك) بعدم توسيع العمليات العسكرية وبالسماح بدخول المساعدات وعدم الاضرار بالمدنيين ,وهذا لا يتفق مع الكثافة السكانية وعدد النازحين في منطقة ضيقة و محصورة .
تحذر دول كثيرة اسرائيل من القيام بأي عملية عسكرية في رفح وكذلك الامم المتحدة لانها ستكون كارثية ونتائجها مدمرة .كما قالت الامم المتحدة ان حماية المدنيين في رفح مستحيلة ,والى اين سيذهبون .بريطانيا بدل ان تعتذر عما ارتكبته في ماضيها من مآسي في هذه المنطقة وفي فلسطين خاصة ,وما ارتكبته في العراق بالشراكة مع الولايات المتحدة وما ترتكبه اليوم في اليمن ,لكنها تهرول مع الولايات المتحدة في اي عدوان على منطقة الشرق الاوسط ,لكسر الارادة والتعدي على شعوب المنطقة ونهب خيراتها ,والمجيئ باستعمار دموي جديد لا يطاق . ان إسرائيل بتماديها العدواني وارتكاب جرائم الحرب الكبيرة, تفكر ان القوة العسكرية ووقوعها في حضن الولايات المتحدة يحميانها ويقدمان لها السلام ,لكن السلام لا يجيئ الا بالإذعان بحقوق الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال والابتعاد عن المغامرات . وان الذين يقومون بمسلسل الابادة الجماعية والدمار والذين يقدمون المال والسلاح لهذا الغزو البربري وقتل الشعوب وافتراسها واحتلال اراضيها وانكار حقوقها يجب ان يقدموا الى العدالة الدولية ويلاحقوا اينما حلوا على جرائمهم الفظيعة خاصة قتل الاطفال والنساء (وهو قتل لأجيال منتظرة وامهات شعب غزة ).