الامير الحسن يقدّم تصوراً عالمياً للأمن الإنساني

mainThumb

24-05-2008 12:00 AM

دعا سموّ الأمير الحسن بن طلال أمم العالم إلى العمل معاً من أجل توفير فرص الحياة الخالية من الخوف والحاجة لجميع البشر، وتطوير أقصى الإمكانيات في بيئة صحيّة وداعمة من خلال وجوب النظر إلى حقوق الفرد والدولة والحقوق الدولية بوصفها وحدة حيوية لا تتجزأ، وليس بوصفها مصدراً للاستقطاب والنزاع.

واكد أن العالم قد بات في حاجة قصوى إلى خلق نظام لـ "الأمن الإنساني" من أجل تحسين الظروف الحالية، فنتائج ما نقوم به الآن يجب أن تؤدي إلى توفير أوقات أفضل نعيشها، ونتائج أعمالنا الآن يجب أن تقود إلى تحسين نوعية الحياة والقدرة على غرْس الأمل.

وقال سموّه، في الخطاب الذي وجّهه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس إننا -كبشر- نسكن المستقبل والحاضر،وليس الحاضر فقط، فإذا ما ف?Zق?Zد شخص الغذاء والماء والمأوى، يمكن تزويده بالوسائل للحصول عليها ثانية، لكنْ إذا فقد ذلك الشخص أمله وقي?Zم?Zه أيضاً، فإن تزويده بحاجاته المادية لن يوفّر له المستقبل مرةً أخرى، فالأمل لا يمكن إعادة إيقاد جذوته إلا بالعودة إلى تطبيق تلك القيم المفقودة.

وقال الأمير الحسن، وهو الشخصية العالمية الوحيدة التي تمت دعوتها لإلقاء خطاب في جلسة تناقش موضوع الأمن الإنساني، إنّ العالم الثالث هو عالمي الأول، أكثر جزء في العالم خطورة وحرماناً، ولكنه أيضاً الأكثر تنوعاً وحيوية،الإقليم الذي أتيتُ منه، الشرق الأوسط، يجسّد هذه النوعيات مثلما يجسّدها أي مكان آخر في العالم الثالث،وربما بسبب صعوباته المنيعة ظاهرياً أحياناً، فقد جمّع الشرق الأوسط أبجدية غنيةً في محاولات تعريفه وتصنيف الديناميات الفاعلة في كافة أنحائه: مثل (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، (غرب آسيا وشمال أفريقيا)، (شمال أفريقيا والشرق الأدنى)، "(الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، وآسيا الوسطى)، ولا بدّ أن هنالك المزيد، مشيراً إلى أن الحروب التي يشهدها الشرق الأوسط حالياً قد أدّت إلى تهجير عدد من البشر أكثر بكثير من أي وقت آخر في التاريخ الإنساني.

كما أكّد أن هذا الإقليم بثرائه من الإمكانيات البشرية الهائلة يجب أن يدفعنا لنصبّ جهودنا في توليد الأمل بحياة أفضل من الحياة التي يقاسيها معظم الناس حالياً.

وأضاف سموه، في خطابه الذي حمل عنوان "الكرامة والعدالة لنا جميعاً: الأمن الإنساني في القواسم العالمية"، أن مصطلح "الأمن الإنساني" قد تم وضعه لتحويل التركيز من أمن الدولة إلى أمن الفرد، من أجل التأكيد على التحرر من الخوف والحاجة، لكنني أودّ أن أبتعد عن التقسيم المألوف بين الأمن بوصفه الدفاع عن الدولة والأمن بوصفه حقّاً شخصياً، لكي أعرض منظوراً مختلفاً، يحيطُ بالمدى الأشمل للعلاقات البين-شخصية، الموجّ?Zهة اجتماعياً وذات الجذور الثقافية، على مستوى الفرد والدولة، وهو منظور أعتقد أنه سيوفّر لنا طريقةً لتأطير وتنفيذ عملٍ جمعي مؤثر تجاه تعزيز الأمن الإنساني.

وقال أن هول الأزمات التي شهدها العالم في الأسابيع القليلة الماضية في الصين وميانمار قد أعطانا لمحةً حول التحديات التي سيستمر العالم في مواجهتها، فتلك الأزمات ذكّرتنا بضعفنا المشترك وإنسانيتنا المشتركة، كما أكّدت حاجتنا إلى نقل مفهوم "الأمن الإنساني" من الجانب المفهومي إلى الجانب التطبيقي العملي بينما نتفكّر في قضايا حرجة تتعلّق بالمسؤولية والسيادة، ويبدو لي واضحاً أن علينا أن نؤطّر معنى الأمن ضمن سياق موسّع، وأن الأمن الإنساني يجب أن يتضمّن أولوية القدرة البشرية على النجاة والتعافي.

وأكّد الأمير الحسن، أن القضايا المتعلقة بالخلل في التوازنات بين الأمم، في مجالات النمو السكاني والفقر والغذاء والمصادر والبيئة والهجرة والطاقة والمال والسلام والفهم الثقافي،هي قضايا أمنية محورية،إذ إنها تحتوي القدرة على التأثير في حياة الفرد تصاعدياً في كلّ الأماكن عبر العالم ،وبوصفها قضايا عالمية، فإنها تُضاعف من تأثيرات الأمن الإنساني، إمّا نحو الاستقرار الواسع الانتشار أو نحو عدم الاستقرار، وهذه المضاعِفات يمكنها أن توفّر أساساً جديداً للأمن الإنساني بوصفه مسؤولية تجاه القواسم العالمية.

ورسم سموه في خطابه معالم صورة عالمية يعيشها سكّان الأرض في مختلف مجالات حياتهم اليومية، وقدّم معالجةً علمية وموضوعيةً واستشرافيةً تأخذ بالحسبان المكونات الجوهرية للأمن الإنساني، والتي من شأن اهتمام الأمم بها وتعزيزها أن يقود الحضارة البشرية بأكملها إلى مستقبل يبعث على الاطمئنان والحياة بكرامة وتقدّم.

وقدّم تفصيلاً لمواطن الخلل وأساليب معالجتها في هذه المكوّنات الجوهرية التي تتضمن:الأمن السكاني،الأمن الغذائي،أمن المصادر،الأمن البيئي،أمن الطاقة،الأمن المالي،الأمن الثقافي،الأمن الاستباقي،أمن الدولة وأمن السوق،والقواسم العالمية.

وقال الأمير الحسن أنه بات مقتنعاً الآن أكثر من أي وقتٍ مضى أنه لا بد من وجود "قطاع ثالث" للإرادة الشعبية، يمكن أن يكون قوة مؤثرة يتم تكريسها لضمان الأمن الإنساني والتعاون عبر الحدود. وأضاف أن المسؤولية والسلطة يجب أن تمتدا من الحكومات، إلى الأفراد والمجتمعات والمجتمع المدني من جهة، وإلى المنظمات الدولية، والأنظمة والشبكات الإقليمية من جهة أخرى؛ مؤكداً إيمانه بأنّنا سويةً، بوصفنا مواطنين عالميين، يجب أن نجابه العديد من المشاكل التي تؤثّر على حياتنا عبر الحدود المناطقية، وتتضمّن أموراً ذات علاقة بالشواغل الدولية المشتركة، ولا تملك الحكومات والأسواق أدواتٍ للتعامل معها؛ داعياً دول العالم إلى التعاون مع بعضها البعض بشكل فاعل، وإلى إيجاد توازن جديد بين المصالح العامة للدول والأسواق والناس في سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتناغم البيئي، والسلام.

وقال إن جميع المواضيع المتعلقة بالقواسم العالمية يجب أن يتم ربطها، في وقت قريب، في جدول أعمال متعدد الأطراف، ومناقشتها من قبل مجموعة متنوّعة تمثّل جميع القطاعات - الحكومة، قطاع الأعمال، والمجتمع المدني، بحيث تقوم هذه المجموعة بإطلاق برنامج عمل عالمي فوري يضمن إنهاء الفقر، ويوفّر الغذاء الكافي، والتوزيع العادل للمصادر والسلع، والبيئة النظيفة، وحماية المهاجرين واللاجئين، والطاقة الموثوقة والرخيصة، والقوة الشرائية المستقرّة، وأجواء السلام.

واشار إلى أن خطة العمل المشتركة هذه يجب أيضاً أن يتم النظر إليها بوصفها خطوة تجريبية تجاه إعادة الاصطفاف الجغرافي-السياسي والتكيّف الاقتصادي العالمي، الذي يقود إلى درجة أعظم من الوحدة الدولية وإلى خلق حكمٍ عالميٍ شامل./ بترا/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد