هيمنة الغرب التي لا مخرج منها!
لقد دفعني ذلك، وبخاصةٍ أنني خضتُ مع الخائفين إلى إعادة قراءة كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد. والطريف أنني قرأت خاتمةً للكتاب كتبها إدوارد سعيد (1994) ينكر فيها الانطباع السائد أنه كان معادياً للغرب وهو لم يكن كذلك ولم يفكر فيه عندما وضع كتابه (1975-1976)! في كثير من الأحيان يستقلُّ النصُّ عن كاتبه وأطروحة «موت المؤلّف» صارت شهيرةً في الأدبيات الفرنسية. وبهذا المعنى، فإنّ استظهار إدوارد سعيد المتأخر (ونحن نأخذه مأخذ الجد) ليس دقيقاً على الأقلّ من حيث التأثير. فبعد كتابات النقد ما بعد الاستعماري، والتي بدأت قبل إدوارد سعيد (لدى طلال أسد مثلاً)، تطورت دراسات التابع (subaltern) وليس لدى العرب، بل لدى الهنود وفي أميركا اللاتينية. وهي تمضي أبعد من سعيد بكثير ولنتأمل كتابي وائل حلاّق الأخيرين: «الدولة المستحيلة»، و«قصور الاستشراق».
لا يستطيع مثقفو الشعوب التي كانت مستعمَرة نسيان ذلك الزمان القاتم، زمان السيل الذي لا يمكن دفعه (حسب خير الدين التونسي)، أو زمان الإصابة بالغرب (حسب الكاتب الإيراني: جلال آل أحمد). بيد أنّ الأمر لم يقتصر على ذلك الزمان؛ فحضارة الغرب هي التي صنعت نظام العالم، ونظام العيش فيه حتى اليوم. إدوارد سعيد يقول في خاتمة كتابه المتأخرة: إنّ ثقافة الاستشراق لا تزال سائدة وإن تغيرت صِيغُها وأشكالُها ووسائلها، مع ملاحظة أنّ القوة لا تزال تلعب دوراً رئيسياً فيها، وللقوة أيضاً أشكالٌ ووسائل وأدواتٌ لا تتناهى.
ما حاول أحدٌ الخروج على الشروط الفكرية والثقافية للغرب المهيمن (حسب تشارلز تايلور) غير المهاتما غاندي. وقد نجح في سياسة اللاعنف بالخروج من الاستعمار البريطاني. لكنّ الهند انقسمت، والهنود والصينيون وأُمم أخرى عديدة، يحاولون منذ عقود منافسة التفوق الغربي بتفوقٍ مُماثل، ولا يفكرون جدياً في الخروج على نظام العالم (الغربي) ولا الخروج على نظام العيش الذي صنعه وعاش وعيَّشنا في جوانبه ومفترقاته. فهناك مجالان للمقاربة أو المجاولة: جانب النظام العام للعالم في ظواهره ومظاهره - وجانب الثقافة وطرائق التفكير. والجانب الثاني هذا هو الذي لا يزال المفكرون الثائرون يجربون الخاطرات والمشروعات التغييرية في نطاقه وسياقاته. وقد أمكن بهذه المحاولات المستمرة منذ خمسة عقودٍ إنجاز عالمٍ نقدي من معالمه مدرسة فرنكفورت، وكتابات إدوارد سعيد، والإمبراطورية لنيغري وهارت وكتابات تشومسكي، وكل دعاة المذهب الإنساني.
ولماذا نطوف بعيداً؟ فقد قرأت قبل شهورٍ للناقد والمفكر السعودي سعد البازعي صاحب «معالم الحداثة» كتابه الآخر «المكوِّن اليهودي في الحضارة الغربية». ومن دون مضيّ في التفاصيل، فإنّ البازعي ذكر مجموعةً من المفكرين والفلاسفة والعلماء اليهود الذين أسهموا في صنع الحضارة الغربية الحديثة وبخاصةٍ منذ القرن السابع عشر وحتى زمنٍ قريب. وهكذا، فقد ساعدوهم في إنجاز مشروعهم الصهيوني للدولة، وقد اعتبروا ذلك المشروع دائماً إنجازاً لهم بالمعنيين الفكري والعملي. فالرئيس الأميركي بايدن ليس أول زعيمٍ غربي يعتبر نفسه صهيونياً، بل أحسَّ بهذا الإحساس مئاتٌ غيره منذ القرن التاسع عشر. بل هناك من يزعم أنّ نابليون بونابرت في مطلع القرن التاسع عشر كان يريد أيضاً إقامة دولةٍ يهوديةٍ أو لليهود في فلسطين. فالدولة اليهودية في فلسطين هي جزءٌ من التفوق الغربي والإنجاز الغربي. وبالطبع هناك مفكرون يهود اليوم يعتبرون أنّ المشروع الصهيوني أضاع روحه (لا أدري ماذا كانت روحه قبل الفساد!) مثل ساحاق وفنكلشتاين وتشومسكي، بل ويطالب جدعون ليفي الولايات المتحدة بالتدخل لإنقاذ إسرائيل التي أضاعت روحها بالحروب العنيفة والمستمرة على الفلسطينيين والعرب!
فهل تكون قضيتنا مع إسرائيل جزءاً من قضيتنا وقضية العالم الإنساني مع الغرب المهيمن؟
ما كان هارت (شريك نيغري في كتاب الإمبراطورية) يعتبر ذلك صحيحاً. وهو يرى أنّ التفرقة العنصرية في روديسيا وجنوب أفريقيا كانت وطأتها أعظم وأفدح على الغرب بشقه الأوروبي على الأقلّ. لكنّ الغرب عندما وجد أنّ نظام التفرقة العنصرية ما عاد احتماله ممكناً، فإنه تخلّى عنه، رغم إصرار تشرشل هو وآخرين على إمكان استمراره. ولذلك؛ فإنّ الغرب المهيمن إذا شعر بأنّ العبء الإسرائيلي ما عاد احتماله ممكناً فإنه من أجل هيمنته بالذات سيتخلّى عنه. إسرائيل تتحول إلى كيانٍ ديني يعلو فيه صوت المتعصبين العنيفين، ولا أحد يستطيع تحمل أهوال الحروب الدينية سواء أكانت في ميانمار أو إسرائيل. لننظر كيف قاتل الجميع ضد «داعش» التنظيم الديني العنيف. مشكلة إسرائيل المستعصية ليست مشكلة الغرب وحده، بل هي مشكلة العرب أيضاً الذين برزت لديهم الحركات الأصولية والأصالية. مشكلة إسرائيل تنتمي إلى زمن الاستعمار الذي يجب أن يزول، والذي يؤخر زواله ظهور أنظمةٍ وتنظيمات مماثلة في الشرق الأوسط. وعندما نعتبر التحدي الإسرائيلي جزءاً من تحدي شباب العالم للحضارة الغربية، فإنّ ذلك يزيد من عمر الدولة العبرية؛ لأنّ الغرب ليس موشكاً على الزوال!
كان الكاتب اللبناني الراحل جوزف سماحة (مثل فنكلشتاين اليوم) يعتبر أنه لا حلَّ للمشكلة الإسرائيلية إلاّ الحلّ العربي(!).
ولنعُد إلى مشكلة العرب والعالم المتعَب مع الغرب. منذ الحرب الأولى، وعزّ الاستعمار الأوروبي، ما عادت أوروبا تستطيع الدفاع عن نفسها إلاّ بالجيوش الأميركية. وبعد قرابة القرن تجد أوروبا نفسها تحت وطأة الخوف من روسيا. أما الأميركيون فهم منقسمون، ولا ينبغي التقليل من شأن التيار الانعزالي في قلب أميركا. لكن لو فرضنا أنّ أميركا لسببٍ أو لآخر ما أمكن لها الدفاع عن الغرب الأوروبي الواقع في أصل حضارة العالم الحديث، فهل يعني ذلك أنّ هناك عالماً حضارياً جديداً على وشك التحول إلى بديل؟ أم أنّ الذي سوف يسود هو فوضى الحروب والسلاح والنوويات؟ فالذي ينبغي الخشية منه هو الكلام الكثير الذي يردده الاستراتيجيون الأميركيون وغيرهم عن: عالم ما بعد أميركا!
يتحدث المؤرخون عن الدورات الحضارية، ويتحدث استراتيجيون عن موجة العولمة الثالثة، لكن هل سيتغير نظام العالم أو تتغير حضارته لو أن الصين هي التي سوف تمسك بالزمام؟ لا أحد يريد «الإصابة» بالصين بعد «الإصابة بالغرب»!.
الحالة الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة الأربعاء
بسمة بوسيل تشارك جمهورها مغامرة القفز بالمظلات
موقوفان و30 شاهداً في قضية حريق دار المسنين
الفايز يطلق مبادرة إعلام من أجل التنمية
تراجع الدخل السياحي في الأردن خلال 2024 بنسبة 2.3%
شفيع ينفي استقالته نتيجة ارتباطه بنادٍ آخر
تفاصيل الحالة الجوية للأيام الثلاثة القادمة
نقيب تأجير السيارات يطالب بإلغاء قرار التأمين
مدير مرصد الزلازل ينفي تسجيل أي زلازل في معان
الأمم المتحدة: الفلسطينيون في غزة بلا أمان بسبب الحصار والهجمات
ورشة توعوية في إربد حول الجرائم الإلكترونية
قصف إسرائيلي بالطائرات على جنين يسفر عن شهداء وجرحى
وزير الزراعة: استئناف تصدير الخضار إلى سوريا بعد انقطاع 13 عامًا
الأردن .. دعوة لأصحاب فواتير المياه المرتفعة
رفع أسعار أصناف جديدة من الدخان .. كم بلغت الزيادة
أطالب بعدم زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين
موعد عودة أسعار الدواجن إلى معدلاتها الطبيعية
هام للمتقاعدين العسكريين بخصوص القروض .. تفاصيل
هام بخصوص إعلان نتائج التوجيهي التكميلي
إحالة مدير بلغ الستين للتقاعد وتعيين جديد 65 عامًا براتب 6 آلاف دينار
ياسمين صبري تقلد جورجينا بإطلالة استفزت الجمهور .. صورة
أسباب ارتفاع شراء الشقق في الأردن
العرموطي: ابن رئيس وزراء أردني أسبق معتقل .. من هو؟
فصل الذكور والإناث في باصات دمشق وإدلب وحلب وحمص
لا تصاريح عمل لهذه الفئة إلا بعد موافقة الداخلية