نقا بنقا ومثل ما عملت عمل السقا

mainThumb

17-01-2024 01:12 PM

أردت أن أكتب مقالي بعنوان هذا المثل الشعبي، فربما كان له أثر أكبر في النفوس، ويكأن الناس قد اعتادوا سماع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحداث التاريخية والتحليلات السياسية فلم تعد تؤثر فيهم.

فلهذا المثل قصة؛ أنه في قديم الزمان وبينما كان السقاء الذي يجلب الماء للبيوت من نبع الماء بالقِرَب، وقف يوما على باب بيت تاجر، وقفت ابنته وراء الباب ومدت يدها لتأخذ قربة الماء، فقام السقاء ووضع يده على يدها، فصاحت وهرب السقاء.

وكان التاجر قد بعث ابنه بمال إلى شريكه، فلما عاد ابنه سأله: ماذا فعلت اليوم مع ابنة شريكي؟ فتعجب الأبن كيف عرف أبوه بما فعل! فاعترف أنه وضع يده على يد ابنة شريكه عندما وقفت وراء الباب لتأخذ المال، وأنه نادم جدا على ما فعل، ولكن يا والدي: كيف عرفت بما فعلت؟ فقال له والده: نقا بنقا ومثل ما عملت عمل السقا!.

إن الظلم الواقع على هذه الأمة من أعدائها وعلى مدى العقود الماضية وفي جميع الأقطار إنما هو بسبب ظلمنا بعضنا بعضا، - نقا بنقا ومثل ما بنعمل ببعضنا عملت دول الظلم والاستكبار العالمي.

نغضب لإجرام دولة الكيان الصهيوني المحتل في غزة، فردا على ما قامت به المقاومة في السابع من تشرين أول، قام الكيان بالرد بطريقة إجرامية بشعة من تدمير لبيوت المدنيين الآمنين وقتلهم وتهجيرهم، ألا تقوم بعض القبائل العربية إذا قُتل لها فردا بمهاجمة قبيلة القاتل، فتدمر وتحرق ممتلكاتهم وتضرب وربما تقتل الأبرياء منهم بحجة فورة الدم والثأر، هذه كتلك مع فارق القدرة والقوة، بل لو ملكت تلك القبيلة الدبابات والطائرات لربما فعلت تماما كما يفعل الكيان المحتل!.

نغضب لذلك الدعم الأعمى من الولايات المتحدة ودول الغرب للكيان المحتل، ألا تقف بعض القبائل والأحزاب والمؤسسات مع فرد منها رغم ظلمه وفساده، تدافع عنه وتدعمه بشكل أعمى، فتشجع الظالم على الاستمرار في ظلمه وغيّه.

إن الله ينظر إلى عباده، فإذا مارسوا الظلم والفساد والاستكبار بينهم، وكلهم إلى أنفسهم، وإلى عدوهم يسومهم سوء العذاب، فيتخذ منهم شهداء، ويعطي الصابرين أجرهم بغير حساب، ويعذب الآخرين هما وكمدا وذلا واستكانة، كما يرسل الراعي كلابه وراء غنمه القاصية لتعيدها إليه – ولله المثل الأعلى.

فإذا عاد العباد إلى العدل والصلاح والرحمة فيما بينهم، يسر الله لهم من يقودهم إلى النصر والتمكين، ودفع الظلم والظالمين، كما فعل أهل دمشق وعلماؤها حين حققوا العدل بينهم، ورفضوا تعاون أمرائهم مع الصليبين، يسر الله لهم الملك العادل نور الدين زنكي، ليقيم العدل بينهم، ويقود الجهاد وتحرير البلاد، ثم صلاح الدين الأيوبي فحرروا بيت المقدس.

وحين وقف العز بن عبد السلام مهددا المماليك ببيعهم في أسواق العبيد إذا لم يتحدوا لقتال التتار، علم المماليك أن وراء العالم الرباني أمة تقف لتدافع عن الحق ومن يقوله، فكان الانتصار الكبير في عين جالوت.

أيها الناس: اسمعوا وعوا... إذا لم تقيموا العدل بينكم، ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا، وتقفوا مع الحق، وتدفعوا الظلم ولو كان من أولي القربى، لن يرفع الله عنكم ظلم واستكبار أعدائكم، هذه بتلك، نقا بنقا.

علّ الرسالة تصل، بحلف الفضول في قريش قبل الإسلام اذكركم (لا يظلم أحد في مكة إلا ردوا ظلامته)، فقال عنه صلى الله عليه وسلم: "ولو دعيت به في الإسلام لأجبت"، أعرب الجاهلية إلى العدل منكم أقرب؟ وإلى حادثة نقض صحيفة المقاطعة أعيدكم، ثم إلى نصوص خطبة حجة وداع نبيكم صلى الله عليه وسلم أن تعملوا بها، والتي ختمها: اللهم إني قد بلغت... اللهم فاشهد.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد