على مثل صالح العاروري لن تبكي البواكي
-قبل نكبة 1967 بسنة واحدة كان مولده في "عارورة"، جبالها تعانق جرزيم وعيبال نابلس من الشمال، ويعبر منها النظر بير زيت ورام الله نحو القدس والأقصى والقيامة ومهد المسيح وحرم إبراهيم الخليل جنوبا، وتلاغيها أمواج بحر يافا وتل الربيع من الغرب، وينفتح لها المدى شرقا لتصافح قلعة الكرك وجبال مؤاب والبلقاء، وتتنسم العبق العريق العتيق لموجات العرب الكنعانيين المهاجرين نحو فلسطين، وقوافل الصحابة الفاتحين الميامين، وينفتح فوق ثراها كتاب التاريخ المجيد ببطولاته وصراعاته ومراراته ونشوات انتصاراته وآلام انكساراته، وتنتثر فوق روابيها أشجار الكرمة والتين والزيتون تبسَّمُ صباح مساء تستذكر معاول اليبوسيين، وترتّل أن الصالحين لهم أجر غير ممنون، فلا تكذيب لهذا الدين. " أليس الله بأحكم الحاكمين" ؟؟.
-يا صالح، لقد كنت مرجوّاً فينا قبل استشهادك، وأصبحت مرجوّاً من بعده أعظم وأعمق، دماؤك العُمَرية الطاهرة التي جرت في شرايينك كانت مشكاة شعّت منها أشرف المقاومات، وسيرتك العظمى تثبت أن الأبطال العماليق لا تقاس أعمارهم بعدد السنوات، فقد شببت عن الطوق مبكراً وطويت المراحل، وتشرّبت حكمة الكهولة في بواكير الطفولة، واستحضرت دوما أن العمر قصير ودرب آلام شعبك طويل، وطموحاتك الشريفة ليس لها حدود، ورأيت مبكرا منزلتك عند ربك، فنثرت عمرك إلى ثلاثة أوراد، وثلاث ورود: ثلث ترضع فيه لبان العزة وشرف التربية وصدق الانتماء ونبل التضحية، وتعانق الأهل والتراب والحجر والشجر والأتراب لإدراكك أن الرحيل مباغت، فنمتَ دوما على صهوات الجياد ورجلاك في الركاب.
وثلثٌ أمضيته في سجن العدو المحتل الظالم، ترتعد فرائصه من كل زهرة فلسطينية يشرئبّ عنقها نحو الحرية، ومن كل ساعد مجبول بالهمة والعزيمة، ومن كل عقل واسع واع، أو لسان ذي بيان، أو قلب سليم مؤمن بحتمية تحرير الأوطان والإنسان.
وأما الثلث الأخير، فقد قضيته بعيدا عن الوطن الذي يسكن روحك وقلبك، وتحمله حيثما حللت بين جوانحك، واخترت الجزء الشمالي من بلاد الشام ليكونَ مقرّك ومستقرك، وقاعدتك للعمل الدؤوب والتخطيط الدائم والصبر والمثابرة والمبادرة والإبداع وتثوير الهمم وإعداد الكتائب في مشروع نضاليّ هائل لا يهدأ ولا يستكين، يجترح المعجزات في الاستعداد وتوحيد الجهود والبناء المتراكم تهيئةً للنصر الحتمي القادم في يومه الموعود المشهود.
ولطالما كنتَ تردّد في مقابلاتك أنّ الشهادة ماثلةٌ دوماً بين عينيك، وأن مطلبها عزيز لديك، وأنه لا يغيب عن بالك لحظة أن رأسك مطلوب، وذلك وعد مكتوب، وسنن مرسوم لكل رأس شريف في هذا العالم الظالم، وكنت تردّد أنك شهيد يمشي على الأرض وأنك لست أفضل من أيّ طفل شهيد سبقك، وأن بلوغك هذا القدر من العمر هو زيادة من الله وفضل، وتلك حقيقة معروفة متوارثة مألوفة، فالأبطال الشرفاء يمضون سِراعا نحو منازلهم العليّة، ولا يذوقون طعم الهرم، يرحلون وهم ما زالوا مهوى الأفئدة، والأرواحُ ما برحت بهم معلّقة.
كنسمة رقيقة معطرة بزهور برتقال أريحا عشتَ حياتك القصيرة الحافلة، ثم مضيت .... يا لَابتسامتك العذبة التي ستسكن خيالاتنا طويلا طويلا!!! ويا لَهدوئك وثقتك وثبات جنانك!!! ويا لَوضاءة وجهك، وأزيزُ الرصاص الفتّاك ينطلق من كلماتك التي قلقلت أعداءك !!!
" وقفتَ وما في الموت شكٌّ لواقفٍ كأنّك في جفن الردى وهو نائمُ
تمرّ بك الأبطال كَلْمى هزيمةً ووجهُك ضَحّاكٌ وثغرُك باسمُ".
لقد حِرْنا طويلا في سرّ ابتسامتك، إلى أن أطلّت علينا وعلى الدنيا بأسرها والدتُك كقنديل القدس الساطع، تدعو إلى عدم البكاء عليك، فالبكاء لا يجوز على مَن هو مثلك، بل الفرح وحده هو اللائق بك، وتطلب نثر الحلوى والأقحوان على مقلتيك، تبتسم ذات ابتسامتك، تلوح في ملائكية وجهها وسامة وجهك، وظهرت أمامنا عياناً ملامحك التامة في هدوئها وثقتها وثباتها وصبرها وجَلَدها وإيمانها بحقها.
ثم كَمُلت الصورة وتجلّت بإطلالة أختك العظيمة، أخت الرجال، كريمة الأحرار، فإذا الملامح ذاتها، وإذا السلالة الطاهرة نفسها تتراءى في صورٍ حبيبةٍ أنيسةٍ واحدةٍ تؤكد عَظَمة الخالق ومَنَّه وإحسانه، وعظيم نواله وعطائه.... إنه الشرف الوضّاح يرتسم في لوحات سامية سرمدية عذبة الموارد والمصادر.
نعم، دماؤك العُمرية كانت مشكاةً فجّرت أشرف الثورات في حياتك، وحتما ستكون هذه الدماء الزكية زلزالا يعمّ فلسطين وما حولها، ويهدّ أركان كيان أعدائك ....
وأما أنت فقد ارتقيت إلى منزلتك المرقومة لك، والتحقت بأنبل ركب وأطهر موكب من رفاقك الراحلين السابقين، فالطريق لاحب، والقوافل تترى، وفلسطين الغالية ما زالت تنتظر استيفاء مهرها العظيم المستحَقّ.
تعليق الدوام في مدارس محافظة عجلون
استمرار تأثير الكتلة الباردة وتحذيرات من السيول والرياح الشديدة
السيسي وماكرون يبحثان تطورات غزة وسوريا ولبنان
آخر مستجدات الحالة الجوية الخميس .. تفاصيل
جيش الاحتلال يقرّ بخرق وقف إطلاق النار في غزة
إغلاق طريق السيل بسبب انجرافات جرش .. تفاصيل
واشنطن تزود تل أبيب بذخائر جديدة غير مسبوقة
حماس توافق على تسليم جثامين عائلة بيباس .. تفاصيل
تسهيلات حكومية لدعم الاستثمار بمنطقة القسطل الصناعية
زيادة رأسمال البنك المركزي لتعزيز الاستقرار المالي
تعليق دوام مدارس الكرك ومعان الخميس
بلدية جرش تتعامل مع 12 شكوى منذ بداية المنخفض
أراضٍ بالأقساط للموظفين والمتقاعدين والجيش والأمن في الأردن .. رابط
إلزام وضع سارية علم أمام كل مبنى أو منزل يرخص جديدا .. تفاصيل
قرار هام من الضمان الإجتماعي يخص المتقاعدين
حبس فنانة مصرية بتهمة الفسق والفجور .. من هي
الحكومة تكشف سعر القطايف في رمضان 2025
إيعاز من مدير الأمن العام بشأن النزلاء الناجحين بالتوجيهي
أمانة عمان تكلف مكاتب محاماة بتحصيل ضرائب المسقفات
منها إحالات للتقاعد .. عقوبات ضد مديريات في وزارة الزراعة
الأمن يضبط سائق المركبة الاستعراضية في الزرقاء
منخفض ثلجي شديد البرودة قادم للأردن .. تفاصيل
تنقلات وتشكيلات بين كبار موظفي وزارة التربية .. أسماء
المناطق التي قد تشهد تساقطًا للثلوج .. أسماء