حينما تصبح الكلمات سلاحًا

mainThumb

23-12-2023 03:33 PM

منذ القدم كانت الكلمات تلعب دورًا حاسما في تشكيل القرارات والتوجيهات السياسية. لكن في هذا العصر، أصبح التلاعب بالألفاظ مهارة يصعب على الكثيرين اتقانها حيث ان هذا النوع من التلاعب بالألفاظ يحتاج الى ممتهن للكذب والتضليل وليس الى شاعر او اعلامي او لغوي. وهنا سنسعى الى استكشاف التلاعب بلغة الإعلام والسياسة لتشويه الحقائق وإيهام الجماهير، وسنحاول كشف التضليل والكذب الذي تمارسه "أكبر دولة في العالم " والإرهاب الذي تتزعمه لفرض سيطرتها ونفوذها على المنطقة برمتها،
أحاول دائما أن أوصل ما أريد باختصار وبلغة غير انشائية ولكن بعض الأحداث تتطلب ذلك فلذا استميحكم عذرا بأن أقدم بين يدي مقالي هذا تعريفا موجزا عن التضليل والتلاعب بالألفاظ كما فهمته من خلال قراءتي:
بشكل عام، يستند التلاعب بالألفاظ على استغلال المشاعر لتشكيل رأي الجمهور. يتضح ذلك من خلال التركيز المشوه على بعض جوانب القضية وتجاهل أخرى، مما يؤدي إلى تشويه الفهم العام للسياق الكامل أو رؤية الجانب الذي يريد المضلل للجمهور رؤيته بالإضافة إلى ذلك، يتم اختيار المصطلحات بشكل استراتيجي لتوجيه تفكير الجمهور وتشكيل رؤيتهم. الأمر الذي يعمل على تضخيم التأثير العاطفي للكلمات مما يثير العواطف بطريقة تجعلها تسهم في إثارة مخاوف غير مبررة. تقود هذه المخاوف في النهاية إلى إقناع الرأي العام بالرواية المشوهة وتفضيل التفسير الذي يتناسب مع استراتيجيات التضليل.
اعلم أنها مقدمة مملة الى حد ما ولكنها كانت ضرورية لفهم ما يجري فمنذ أن أعلنت عصابة الاحتلال هجومها الوحشي على فلسطين بعد احداث السابع من أكتوبر المجيد ، جهزت الولايات المتحدة الراعي الأكبر للكذب و التضليل في العالم كل إمكاناتها لخدمة المشروع الرامي الى إبادة الشعب الفلسطيني وحيث ان الأمور تمت بشكل سريع لم يتسنى لها التخطيط بما يكفي لتورية سوءتها ففتحت مخازن الأسلحة لإنقاذ جيش العصابة غير ابهة بصورتها القبيحة امام العالم ، وحركت بوارجها البحرية وطائرات موتها ضد هذا الشعب الأعزل الذي لا ذنب له الا ان قدرة ان يكون وطنه في احد أكثر الأماكن استراتيجية في العالم وقد اشرت سابقا الى الأهمية "الجيواستراتيجية" لفلسطين، وفي ذات الوقت حركت آلتها الإعلامية للانقضاض على هذا الشعب واعطت تعليماتها الى ادواتها التضليلية لممارسة اعتى أساليب الكذب و التضليل لخدمة هذه العصابات الهمجية بغض النظر عن كل ما يسمى القانون الدولي وحقوق الانسان.

فقد رأت ان رؤيتها للسيطرة بات على المحك وان عصابتها المدللة باتت في خطر وجودي وقدرت ان الظروف الدولية تسمح بإبادة الشعب الفلسطيني والتخلص من كابوس المقاومة.
فراحت تتحدى كل العالم وتحرضه على قبول ما سمته بحق العصابة بالدفاع عن نفسها متلاعبة بشكل وقح بالألفاظ سواء في محافل "الأمم المتحدة" او في وسائل الاعلام وتصريحات مسؤوليها فتارة تستخدم الالفاظ الوقحة بانها "لا ترى ما يشير الى استهداف المدنيين" وأخرى تستخدم الفاظا فضفاضة "كالدعوة لتقليل الخسائر بين المدنيين" ومرة "التأكيد على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية بشكل لا يخدم حماس" ..... ولم تنجح حملتها الإعلامية والعسكرية المسعورة بتحويل نظر العالم عن جرائم عصابة الاحتلال وعن تواطؤها معها ولكنها استمرت في تضليلها وارهابها وفي تلاعبها بالألفاظ
ومع التطورات الأخيرة التي دفعت الحوثيين الى استغلال تواجدهم على مضيق باب المندب للضغط على عصابة الاحتلال بوقف عدوانها او على الأقل بإدخال الغذاء و الدواء لأهل غزة علهم يموتون مرة واحدة بالقصف فقط بدلا من الموت مرارا فالفلسطيني اليوم يموت جوعا وعطشا ومرضا قبل ان يموت قصفا ، وان كنت كما الكثيرين لا نؤيد الجماعة في كل سياساتها لما تسببت به من مأساة في اليمين الذي كان سعيدا يوما ما وان كان لدينا تحفظات كثيرة على مواقفهم ومعتقداتهم الا ان ذلك لا ينفي توافق الكثيرين وانا من ضمنهم بأن موقفها بمنع سفن عصابة الاحتلال او تلك المتوجهة لها من المرور من المضيق الذي "تسيطر" علية ، فمن حق الشعوب اتخاذ المواقف ومن حق الدول السعي بما أمكن لوقف مخطط إبادة شعب.
وكما لم يتسنى لدولة الاجرام الكبرى الترتيب بما يكفي في الأيام الأولى لأحداث السابع من أكتوبر المجيدة فلم يتسنى لها كذلك التحضير لكذبة كبرى تضلل بها العالم مرة أخرى فمع اول ردة فعل للشركات الدولية بتعليق ابحارها في البحر الأحمر الامر الذي شكل تهديدا لاقتصاد العصابة وامداداتها الاستراتيجية ، قامت وبالتعاون مع شركائها في الاجرام بالضغط على بعض الدول خارج حلفهم الاجرامي والتي تعتبر غير متضررة وغير مستفيدة كذلك من قرار جماعة انصار الله الحوثيين بتشكيل تحالف وصفته "بالدولي" لإنقاذ العصابة واقتصادها الذي نامل ان ينهار في اقرب فرصة مع تمنياتنا بانهيار العصابة وحلفائها قريبا أيضا ،
وكنوع من ممارسة التضليل والكذب والخداع أطلقت على حملتها غير المشروعة في البحر الأحمر أسم (حماية الازدهار) هذا المسمى الوديع الذي يهيئ لمن يسمعه ان وراءه هدف نبيل وقيمة فضلى، وليس هذا وحسب فلم تكتفي خلال التحضير لهذا "التحالف" بتضليل الرأي العام وايهامه بأن المشكلة مشكلة "قراصنة" يهددون التجارة العالمية فراحت تروج بألفاظ مشوهة للحقيقة من خلال اعلامها الذي لم يلفت نظر الناس بأن قرار "أنصار الله "محاولة للضغط على "المجتمع الدولي" او لفت نظرة بأن هنالك شعب يباد
هذا التضليل و التلاعب بالألفاظ ليس جديدا عليهم ولو أردنا سرد الوقائع و الاحداث التي مارست فيها الخداع و التضليل و الكذب وتشويه الحقائق ما وسعنا في ذلك مقال و لا سطور ، ولو كانت صادقة وهي ليست كذلك بكل تأكيد لو كانت صادقة بادعائها "حماية الازدهار و ان الهدف هو حماية التجارة العالمية وليس حماية عصابة مجرمة تنفذ اجندتها وتشاركها الجريمة فكان بإمكانها ببساطة اعلان دخول الغذاء و الدواء لغزة ، هذا المطلب الذي طالبت به كل دول العالم وليس الحوثيون وحدهم ، هذا المطلب الذي اتعب حناجر الحقوقيين في العالم وهم يحاولون اقناع دولة التضليل الكبرى وحلفاؤها بأنه مطلب انساني شرعي ولا "يخدم المقاومة" كما زعم الكذاب بلينكن وزبانيته ، مع العلم بأن المقاومة حق مشروع أصيل لكافة شعوب الأرض و خاصة الشعب الفلسطيني ومع ذلك لا نفهم ولا يفهم أحد كيف يمكن الربط بين خدمة المقاومة و ادخال الخبز و الدواء للشعب الذي شرد مئات المرات . الأمر الذي يكرس سياستها بإبادة الشعب الفلسطيني
ولو فعلت وسمحت بدخول الغذاء والدواء كاختبار للحوثيين لكانت قد وضعتهم في موقف صعب سيشكل على إثره تحالف دولي "حقيقي" لحماية التجارة العالمية لو أطلق الحوثيون بعد ادخال المساعدات ولو طلقة واحدة أو العابا نارية باتجاه السفن المبحرة ابتهاجا وترحيبا ، و لجنبت نفسها و العالم "توسيع الصراع " الذي تدعي بأنها قدمت للمنطقة "لردعة " حسب تصريحاتها المضللة ولكنها تعلم بأنها تمارس الكذب و التضليل فلن تصدق نفسها وتثبت للعالم مدى ارهابها وزيفها، فمنذ بداية العدوان ادعت بأن ارسال بوارجها وحاملات طائراتها لم يكن سوى بقصد تشكيل "ردع" لمن يفكر "بزعزعة استقرار المنطقة " "وتوسيع دائرة الصراع " وها نحن نرى مجددا مدى تلاعبها بالألفاظ واستخدامها كسلاح يفتك بأهل غزة ويدل على مآربها في المنطقة ويفضح ارهابها الذي تمارسه منذ تأسيسها .
نفهم انهم كذابون وانهم يضللون العالم بألفاظهم التي لم تعد تنطلي على أحد ولكن تلاعبهم هذا وصل الى حد الاستخفاف بادراك الشعوب وفهمها لأبسط الاحداث. والغريب بأنه ليس لأحد الجرأة في مواجهة ارهابها وكذبها وتلاعبها فلم نسمع أي بيان من أي جهة رسمية في العالم تحملها مسؤولية ذلك التضليل ولم تتمكن كذلك أي جهة ذات طابع رسمي أن تفند ما تقوم به من ممارسات من شأنها احراق المنطقة بأكملها وليس فقط زعزعة استقرارها.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد