صدأ التاريخ وصداه
قال كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة. هناك من رفض هذه المقولة بشدة، واستدلوا بوقائع مختلفة، شهدها البشر في حياتهم قديماً وحديثاً، تخالف ما عبر عنه الفيلسوف كارل ماركس. كثيراً ما لا يعيد التاريخ نفسه. هناك قدرات متجددة للعمل الإنساني سلماً وحرباً. أدوات الإنتاج اليوم تقدمت بشكل مهول، وكذلك المعلومات والتقنيات في كل المجالات، كل ذلك ينتج تواريخ جديدة كل ساعة، أو حتى أقل. بلدان كانت تعد من بين الدول المتخلفة، ولم تلعب دوراً فارقاً في الماضي، صارت اليوم من القوى التي يحسب لها ألف حساب وأكثر، في السلم والحرب مثل الصين والهند والكوريتين والبرازيل وإسرائيل وغيرها.
الملايين من أحداث الماضي، مضت وغبرت ونسيت، ولم يعد لها وجود في ذاكرة البشر والكتب، بينما هناك أحداث تحوّلت إلى نقش في ذاكرة الشعوب وعقولها، وصار التاريخ إسفنجة تختزن فيضاً من أنهار الماضي وبحاره. يقوم مفكرون وفلاسفة وسياسيون وقادة عسكريون بعصر إسفنجة ماضٍ سحيق ويصنعون مما تقطره شحنات فكرية تؤسس مشروعات تحقق سلاماً ونهضةً وتقدماً، وقد يكون ما يسيل منها مجرى لأنهار من الدماء التي تنزّها الحروب والصراعات الطويلة والقصيرة.
التاريخ يزخر بأحداث مضت، وآلت إلى قبور النسيان. عدد سكان العالم اليوم في حدود 8 مليارات من البشر يتحركون فوق الأرض. كل بالغ منهم يحقق أفعالاً كل يوم، بل كل ساعة، في مختلف المجالات، لكن كل ما فعله أغلبهم يرحل معهم إلى القبور، دون أن تُكتب على الورق، أو حتى دون أن تبقى في ذاكرة الآخرين. التاريخ كأي موجود على هذا الكون يلحقه الصدأ وتنخره السنون فيزول، لكن منه ما يبقى ويكون له صدى يحرك الحاضر ويخلق قوة تحرك ملايين البشر نحو خيارات كثيراً ما تكون متناقضة. شخصيات وأحداث عاشت وكانت في قرون مضت نجدها تحيا مع الناس في حياتهم اليومية. شوارع ومدارس وحتى مدن تحمل أسماءهم، وأخرى تملأ كتب مناهج التعليم في مراحلها المختلفة. في بلادنا العربية، التاريخ كائن حي، لا يغيب عن الذاكرة الجمعية. الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي صار ميداناً واسعاً لحلبات ما قد مضى من الأحداث وسير الشخصيات. الشيء نفسه لا يغيب عن وسائل التعليم والإعلام في مختلف دول العالم.
كثيراً ما كان صدأ التاريخ منجماً تستل منه الأساطير التي يتم تحويلها إلى قوة تعبئة تهيج الشعوب وتقودها إلى حروب دامية، ويُعجن صدأ التاريخ السام بسائل الأساطير المضافة إلى ما قد كان في زمن غبر. العِرق قدَّاحة تُستحضر لتشعل الحريق. ذاك ما فعله النازيون في ألمانيا، وتمكنوا من حشد إمكانات شعب مفكر ومبدع وصانع في زنزانة عرضها مساحة وطن، وساقوا شعبهم المشحون بصدأ التاريخ والعِرق الآري المستدعى وهماً من غياهب الماضي الآسيوي المختلق إلى ويلات دامية. حارب النازيون العالم، وكان المشهد الدامي الرهيب في العالم. دُمرت ألمانيا، وخسرت البشرية الملايين، وانتهى هتلر بالانتحار في مخبئه. الفاشية الإيطالية استدعت ما كان في القرون الغابرة. الإمبراطورية الرومانية التي حكمت يوماً قرابة ثلث ما كان معروفاً من الدنيا، استحضرها بينيتو موسوليني، من التحية الرومانية، إلى خطوة سير جنوده، وسخر لحلمه رتلاً من الكتاب والشعراء وحتى رجال الدين، وشن حرب إبادة على ليبيا، وأقام معسكرات الاعتقال، وسمى ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا. احتل إثيوبيا وأريتريا وألبانيا، وغزا اليونان، وحوّل إيطاليا من مملكة إلى إمبراطورية رومانية. انتهى صدأ الحلم التاريخي الفاشي، وزالت الإمبراطورية الرومانية الفاشية بهزيمة لم تبق على شيء من الحلم التاريخي الروماني، وانتهى موسوليني معلقاً من ساقيه في ميلانو مع عشيقته كلاريتا بيتاتشي.
العلوم والفلسفة والدين شكلت منذ الزمن القديم قوة حقيقية للإنسان. حركت القدرات البشرية في طريق النهضة والتقدم. هذه القدرات ما زال لها صدى متجدد. يشحذ العقول ويدفعها للإبداع والاختراع. منذ بداية عصر النهضة الأوروبي إلى اليوم تتدفق الإضافات في مجالات الفكر والعلوم التقنية، ولا تتوقف البحوث العلمية في المختبرات والمعامل، من أجل زيادة قدرة البشر على السير نحو الرفاهية، ومقاومة الأمراض وصناعة الأدوية. لكن المرض الأكبر والأخطر لا يزال هو الحروب التي تتفجر وكأنها وباء مزمن يعيش في داخل رؤوس البشر. اعتقد الكثيرون من المفكرين والساسة، أن السلام سيعم العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما خسرته البشرية من عشرات الملايين، والدمار الذي لم تنج منه إلا القليل من بلدان العالم. قامت منظمة الأمم المتحدة، كجسم عالمي للسلام يضم كل أمم الأرض، وُلد من رحم المأساة الأكبر التي عاشتها البشرية جراء الكارثتين الأولى والثانية، لكن صدأ الماضي، والوباء المزمن وهو الأنانية والعنف وغطرسة الهيمنة والقتل، كلها لا تغيب، وفعلها لا ترياق له، كما يؤكد ذلك كل ما نراه اليوم ونعيشه، في بقاع مختلفة من العالم.
العالم يعيش اليوم بكل حواسه، ما يشاهده على أرض غزة. شيء لم تعشه الملايين من قبل. مذابح تنقلها وسائل الإعلام إلى أصقاع الدنيا في صور حية. صدأ التاريخ عندما يتحول إلى آلة قتل لا ترحم كبيراً أو صغيراً يؤكد أن كلمة الإنسانية لا يكون لها حضور في رؤوس امتلأت بغبار صدأ الماضي وأساطيره. لقد اجتمعت المآسي والمهازل الإنسانية بكل ما فيها من دموية جنونية لم يشهدها التاريخ من قبل.
ضجة بسبب ما فعله الشامي مع أحد معجبيه على المسرح
مشادة أمام المقابر .. هذا ما حدث بجنازة محمد رحيم
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلة .. أسماء وتفاصيل
جولة ميدانية لمدير شباب محافظة العاصمة
ورشة توعوية حول الأمراض المعدية والموسمية بعجلون
أكسيوس: اقتراب اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
إعلان حالة الطوارئ المتوسطة بالكرك استعداداً للمنخفض
إحالة عدد من ضباط الأمن العام إلى التقاعد .. أسماء
محافظة أردنية تحتل المرتبة الأولى بكميات إنتاج زيت الزيتون
قرار حكومي يعمل به بعد 60 يومًا
مصر تستعد لنقل سفارة فلسطين .. تفاصيل
الأردن .. موعد المنخفض الجوي والكتلة الهوائية الباردة
الأردنيون على موعد مع عطلة رسمية .. تفاصيل
الملكة رانيا: إنجح والكنافة علي
خبر سار من الإعلامية الأردنية علا الفارس
فاجعة تهز الوسط الفني بوفاة نجم آراب آيدول
العين ذنيبات يهاجم عموتة ويقول:منتخب النشامى نمر من ورق
أمطار قادمة للمملكة في هذا الموعد .. تفاصيل
وظائف ومقابلات بالصحة والزراعة والأمانة ووادي الأردن
وفاة أيمن العلي الملقب بملك جمال الأردن