أثر الحرب الإسرائيلية على الاقتصاد الأردني

mainThumb

05-11-2023 01:27 AM

بسبب الحرب الإجرامية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، شهدت اقتصادات العديد من دول المنطقة ارتدادات سلبية غير مسبوقة. تعرض الأردن ومصر ولبنان، وفقًا لتقارير صندوق النقد الدَّوْليّ، لأثر كبير من جرّاءِ هذه الأحداث. حيث إن كل دولة من هذه البلدان تواجه ضغوطًا اقتصادية مختلفة نتيجة لهذا النزاع. وقد حذر صندوق النقد الدَّوْليّ في تقرير أصدره في سبتمبر/أيلول من أن هذه الدول قد تفقد استقرارها الاجتماعي والسياسي في حال استمرت الأوضاع على هذا النحو. يجدر بالذكر أن هذا التحذير جاء قبل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
نقدم هنا مناقشة موجزة لتأثيرات الحرب الإسرائيلية الراهنة على الاقتصادات في الأردن و المنطقة عمومًا، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة عدم اليقين الذي تتسم بها الحالة، و المدى الذي ستستمر بها الحرب. يمكن تلخيص هذه التأثيرات السلبية على الاقتصادات المحلية في عدة محاور رئيسية:

1. السياحة والحركة السياحية: بينما كانت دول الأردن ومصر تشهدان تعافيًا في حركة السياحة هذا العام بعد القيود الناجمة عن جائحة كوفيد-19، فقد حقق الأردن نموا غير مسبوقا في العام الحالي في مجال السياحة مقارنة بالأعوام السابقة, فقد تسببت الأحداث الراهنة واستمرار الحرب و حالة عدم الاستقرار الأمني في المنطقة إلى تقليل تدفق السياح و إلغاء العديد من الحجوزات السياحية و تحذيرات دول لمواطنيها من السفر إلى بلدان المنطقة، مما ضر بالاقتصادات التي تعتمد بشدة على الإيرادات السياحية التي تعتبر مصدرا مهما للعملة الأجنبية وتعرضها لضغوط كبيرة في هذا المجال.

2. التجارة والاستثمار: تزيد حالة عدم الاستقرار والمخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الصراع من درجة التردد لدى المستثمرين والشركات الاستثمارية في التوجه إلى بيئة و محيط غير مستقر. حيث أوضحت جورجييفا (المدير العام لصندوق النقد الدَّوْليّ) أمام “مبادرة مستقبل الاستثمار” المنعقدة في العاصمة السعودية قائلة “إذا نظرت إلى الدول المجاورة – مصر ولبنان والأردن – فإن التأثير واضح بالفعل” وأضافت "سيشعر المستثمرون بالتردد من الذهاب إلى ذلك المكان. تكلفة التأمين، في حال نقل بضائع، سترتفع. مخاطر وجود المزيد من اللاجئين في البلدان التي تستضيف أساسا الكثير".
3. أسواق الطاقة: شهدت اسعار النفط ارتفاعا ملحوظا قبل وقوع الحرب، وفي ظل الحالة الجيوسياسية الراهنة تتزايد المخاوف من ارتفاع أسعار الغاز و النفط بشكل اكبر. وسيزداد الوضع تأزماً في حالة تدخل ايران في الازمة مما يزيد من احتمالات تأثيرها على إمدادات الطاقة (خفضها، قطعها). الذي سينعكس بشكل مباشر على ارتفاع تكلفة الطاقة في دول مثل الأردن وزيادة عجز الموازنة و الضغوطات المالية على الدولة.
4. التضخم: تتصاعد المخاوف بشأن التضخم في ظل محاولات متعددة من البنوك المركزية للحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق أهدافها. وفي هذا السياق، تشير تقديرات صندوق النقد الدَّوْليّ إلى أن زيادة بنسبة 10٪ في أسعار النفط العالمية يمكن أن تسهم في زيادة التضخم على مستوى العالم بمقدار 0.4 نقطة مئوية. فمنذ بداية الأحداث الجارية ارتفعت أسعار الفائدة الطويلة الأجل، مما أدى إلى زيادة الضغوط التضخمية، الأمر الذي سيشكل تحديًا إضافيًا للاقتصادات المحلية.
على سبيل المثال، لبنان ما زال يعاني أزمة مالية خطيرة مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وتفاقم الأوضاع الاقتصادية. في الوقت نفسه، الأردن يواجه تحديات خاصة بسبب مستوى الديون الخارجية العالي، الذي يتجاوز صافي التزاماته الخارجية نسبة 110٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وجود الصراعات الإقليمية المستمرة سيزيد من ضغوط الاستقرار الداخلي في هذه الدول، ويعزز التحديات الاقتصادية.
5. البنية التحتية والموارد: في حالة استمرار الحرب و الضغوطات الدولية التي تمارس على الأردن ومصر، لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية قسراً إلى الأراضي الأردنية و سيناء يمكن أن يضع ضغطًا إضافيًا على البنية التحتية والموارد. فالاضطرابات الإقليمية والنزوح المحتمل للفلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى تحميل الدولتين بأعباء كبيرة في استضافة اللاجئين وتلبية احتياجاتهم في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده الدولتين من ارتفاع الأسعار و البطالة و قلة الموارد. هذا يمكن أن يؤدي إلى تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي وإرهاق الخدمات الاجتماعية، مثل الرعاية الصحية والتعليم لديهما.
منذ بداية الحرب، كان موقف الأردن واضح و صريح من تبعات الحرب الإسرائيلية غلى غزة، فقد سعت القيادة الهاشمية، لحشد موقف دَوْليّ لوقف الحرب الإجرامية والدموية وأهمية إيجاد حل سياسي ينهي تفاقم حالة العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وحذر الملك عبد الله عبر عدة منابر من أن قضية النزوح خط أحمر قائلا إن بلاده ستحمي حدودها وتدعم "صمود الشعب الفلسطيني على أرضه" وتمنع "موجات جديدة من اللاجئين"
نحن نشهد حاليًا تعاطفًا واسعًا مع إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يعانون أعمال العنف والقتل والتهجير. في الوقت نفسه، هناك قلق متزايد بشأن الآثار المحتملة لهذه الحرب على الاقتصاد الأردني. الأردن لا يزال يكافح للتعامل مع تداعيات الإغلاقات المتكررة خلال جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية للحرب في أوكرانيا. مؤكدين أنه كلما استمرت حالة عدم الاستقرار، زادت التحديات والصعوبات، سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية. وسينعكس ذلك سلبًا على جميع جوانب الأنشطة الإنتاجية التي تعتمد على بيئة مستقرة.حيث إن هذه التوترات والأزمات الإقليمية تضر بالاستقرار العام وتعيق الجهود الاقتصادية والاجتماعية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد