أكتوبر الذي لا غفرانَ فيه .. ليسَ لدى الفلسطينيّ ما يخسَره

mainThumb

09-10-2023 12:39 AM

قبلَ دعوة رئيس الاحتلال الإسرائيليّ لتشكيل حكومة طوارئ، مساءَ الأحد، كانَ يمكنُ التنبّؤ أنّ حكومة نتنياهو المتطرّفة ستسقط للأبد، بعدَ أنْ سَرَق (كما يُسْرَقُ كلّ شيء) إعلامُ الاحتلال، لفظَ (نكبة)، من ذاكرة الفلسطينيّ ليصِفَ بها ما جرى صباحَ السّابع من أكتوبر العظيم، وليحمّل مسؤوليّتها لـــ(نِتِنْ ياهو) أولًا. أكتوبَرُ.. الذي لا غُفرانَ فيه، والمرتَبِط في مِخيال الاحتلالِ بعبورٍ آخَرَ مضى قبلَ خمسينَ عامًا، حينَ انكسرت للمرّة الأولى شوكة "الجيشِ الذي لا يُقهر".. لا تبدو.. هذه مناسبةً للتّندُّر، لكنّنا.. يمكن أن نستعيرَ ما كتبته إيلون ماسك قبلَ أيام عبر منصّته إكس (تويتر سابقًا) مع صورة ميمز (MEMES) لزيلنسكي (زيلنسكي الوَقِحْ.. الذي يصفُ مقاومة الفلسطينيين أنّها وقِحة.. ويتزلَّفُ لأمريكا بإسرائيل): "إذا مرّت خمسةُ دقائق دونَ أن تطلُبَ مليارَ دولار"، ونستطيع استخدامها للتّندر على طلبَ الاحتلال لمساعدات عاجلة من أمريكا لمواجهةِ "فصيلِ تحرّرٌ وطنيّ"، بإمكاناتٍ لا تُذكَر أمامَ إمكاناتِ هذا الكيان.
إذن انطلقت الحرب، وعلى غيرِ العادة، كانت "حماس" والفصائِل، هي صاحِبَةُ المبادرة والمفاجأة والقوة والأسبقيّة. وإنْ كانَ الإعلامُ العربيُّ (أو بعضُهُ)، يصِرُ على استخدامِ مصطلحِ (افتعَلَتْ)، فإنّنا نرى أنَّ الافتعالُ هو اختلاقُ شيءٍ من لا شيء. أمّا بالنسبةِ لغزّة والفلسطينيين فإنَّ كلَّ شيءٍ لا يدعو للحربِ فقط، بل يدعو للانفجارِ، خاصّة في تلكَ البقعة الجغرافيّة المغضوبِ عليها التي تسمّى غزّة، حيثُ يعمل الاحتلال منذُ أكثر من خمسة عشرَ عامًا على فرضِ كلِّ أنواعِ الحصارِ. "ليسَ لدى الفلسطينيين في غزّة ما يمكن خسارَتُهُ"، وللفلسطينيين كلُّهم، إذْ أنّه فقط منذُ بداية العام.. قتَلَ الاحتلالُ ما يصل إلى 600 فلسطينيِّ في الضفة وغزّة والقدس. الاحتلال يقتُلْ.. هل يمكن أن (يتطبَّعَ ويتدجَّنَ) شعبٌ مع قتلِهِ يوميًا؟
ما بعدَ هذه الحربَ ليسَ كما قبلها. يقرّرُ مراقِبونَ هذا، ذاكَ أنّ نتائِجها، (ولو أنّها ستخلِّفُ مجازر كبرى بحقِّ الفلسطينيين)، إلّا أنّها ستعيد ترتيب عددٍ من الأوراق. "بإمكانِ الفصائِل استخدام أسراكم كدروعٍ بشريّة" قال مذيعُ الجزيرة لأدرعي أمس، هذا من جهةٍ، ومِن أخرى، فإنّ عدد الأسرى لدى الفصائِل سيرفَعُ سقفَ مطالبِ المقاومة في الافراجِ عن الأسرى الفلسطينيين، وربما يكون البرغوثيّ على رأس القائمة، وسيُعيدُ دول الإقليم إلى دورها الأساسيّ في الواجِهة، وسيعمل في أقلِّ تقديرٍ على (تأجيلِ).. الهرولةِ نحوَ "نادي أبراهام"، وغيرُ ذلك الكثير.
إنّ شعورًا بالعزّة والقوّة والنشوة بانتصاراتِ الضّعفاءِ على القَتَلة يعتَرينا، إنّ شعورًا بقوّة هؤلاء "المعذبينَ في الأرض" على أخذِ حقّهم والانفجارِ في وجه عدوّهم، وإعادة ترتيب أولوياتهم الوطنيّة هو ما يجعلنا نفرحُ.. وإنْ كُنّا نخشع ونحزنُ لكلِّ شهيدٍ يسقط. "شهداؤنا في الجنة.. وقتلاهم في النّار" تصيح أمٌ في غزّة، وأمٌ أخرى في الضّفة الغربيّة تحضِّرُ نفسها لاحتضانِ ابنها المحكومِ بالمؤبّداتِ في سجونِ الاحتلال. هذا الاحتلال ضعيفٌ وزائل. و"أوهَنُ من بيتِ العنكبوت"، وإنّ الحقّ الفلسطينيّ سينصر أبدًا ودائمًا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد