صاحب أصغر جثمان احتجزته إسرائيل

mainThumb

30-09-2023 04:39 PM

عمّان - السّوسنة - وكالات


في الـ30 من شهر أغسطس/آب الماضي، كان الطفل المقدسي خالد سامر زعانين (14 عاما) يهم بالعودة إلى منزله عبر القطار الخفيف في القدس، هاتَف والديه لينتظراه في المحطة التالية، لكنها كانت المكالمة والمحطة الأخيرة، حيث أعدمه الاحتلال من مسافة صفر، وتركه ينزف وسط تصفيق وهتاف المستوطنين، الذين قالوا إنهم قتلوا "مخربا" حاول طعنهم.

ورغم امتلاء الموقع بكاميرات المراقبة، لم تحصل عائلة الطفل خالد على تسجيل لمحاولة الطعن المزعومة التي لم تسفر عن أي إصابات، لكنها رأت توثيق عدسات المستوطنين لإعدام نجلها الذي أُطلقت عليه عدة رصاصات حتى الموت، رغم تحييده وعدم تشكيله خطرا على أحد، كما لم تحظ عائلته بوداعه أو دفنه، حيث يواصل الاحتلال احتجاز جثمانه، ليكون بذلك أصغر جثمان مقدسي محتجز.


شق توأم ثلاثي
زارت الجزيرة نت منزل عائلة الطفل الشهيد في بيت حنينا شمالي القدس، والتقت والديه وأشقاءه الخمسة، فخالد كان أخا محبوبا عطوفا وشقا لتوأم ثلاثي (محمود وسديل).
يقول أشقاء خالد إنهم انتظروه ليلتها ليشاهدوا فيلما في المنزل كما اعتادوا، لكنهم فوجئوا باقتحام قوات ومخابرات الاحتلال للمنزل، واعتقال الأم والأب والشقيقة الكبرى يسرا وشق التوأم محمود، بعد أن عاثت خرابا في المكان وصادرت بعض الهواتف.روى توأم الشهيد وشبيهه محمود (14 عاما) للجزيرة نت كيف حاصره ملثمان في المطبخ، وهدداه بالزجاج المكسور وإلقاء الثلاجة من النافذة خلال التحقيق الميداني، وهو تحت تأثير الصدمة، اعتقل محمود وشُتم، وحين مرت مركبة الاعتقال بجانب موقع ارتقاء شقيقه، ضحك الجنود وقالوا له "هنا قتلنا أخاك".

جلست العائلة المكلومة على الأريكة التي كان ينام عليها خالد، وبدا عليها الصبر رغم مصابها، وتوضح لنا مصدر قوتها حين تحدثنا إلى آية؛ والدة خالد ومعلمته وصديقته، فقد كان طالبها النجيب في الصف التاسع، وتقول إنه اختير ممثلاً لصفه، بسبب شعبيته بين الطلبة وشخصيته القيادية.تحدثت أم خالد برضا واتزان نفسي كبير، وتذكرت حين دخل عليها حماها قبل وفاته وهي منهمكة بتربية أبنائها وقال لها "ستدخلين الجنة بفضلهم"، ولم يخطر ببالها آنذاك أن أحدهم سيرتقي شهيدا مظلوما، وتقول إنها ربت أبناءها أن سلاحهم هو علمهم ودينهم. وفندت أم خالد مزاعم الاحتلال موضحة أن خالد لديه تشتت منذ الصغر ولا يستطيع التحكم بسكين أو الطعن بها.

سألناها عن خالد، فنظرت إلى ابنتها الكبرى يسرا، التي تفوقت في الثانوية العامة بمعدل 99%، وقالت "هذه التي ربته، كان عمرها 4 سنوات حين وُلد، كان رفيقها دوما، تهتم بدراسته ولعبه ونومه".همّت يسرا أن تتحدث عن شقيقها فقالت "كان قريبا من الجميع، بحس إنه هو…" ثم أجهشت ببكاء لم ينقطع طيلة المقابلة، التفتت أمها إليها وقالت لها "ضعي يدك على قلبك قولي الحمد لله الحمد لله، سيذهب كل شيء".


الأيام الأخيرة
رحل خالد قبل يومين من بداية العام الدراسي، بعد شرائه قرطاسية وزيًّا وحذاءً جديدا. يروي سامر زعانين والد خالد، للجزيرة نت، إنه أنيق ويختار ملابسه بعناية، وكان ينتعل حذاءه الجديد ساعة استشهاده، وعن تلك الساعة يقول الأب إنه يرفض حتى اليوم رؤية صور نجله وهو مخضب بالدماء، أو رؤية مقطع إعدامه بدم بارد.

كان خالد فتى محافظا على الصلاة في مسجد الدعوة القريب من بيته، يوقظ عائلته لصلاة الفجر، كما روى شقيقه الأكبر نضال، ويطعم بعدها القطط أمام عتبة البيت، حتى إنها بعد ارتقائه استمرت بالمواء فجرا بحثا عنه، وتذكر والدته أنه وقبل 4 أيام من رحيله أصرّ على شراء البيتزا ودعوة كل أفراد العائلة على حسابه الخاص.


تينة خالد
أحب خالد رفع الأثقال وتمارين القوى، وأراد أن يصبح كهربائيا، حيث طلب من عائلته أن تسمح له بمرافقة أحد الكهربائيين كي ينهل من العلم الذي أحب، تقول والدته إنه بدأ بمشروع زراعة 100 شجرة، وزرع وحده العديد من الأشتال قرب بيته، وأصرّ في أيامه الأخيرة على زراعة شجرة تين، والتي تعهدت عائلته بسقياها ورعايتها حتى تكبر وتخلّد اسم خالد.

عادت آية معلمة اللغة الإنجليزية إلى التدريس، لكن قلبها ما زال ينفطر كلما نظرت إلى مقعد ابنها الفارغ، وتفجع كلما نادت عليه في المنزل -ناسية- ليقوم بمهامه حسب جدول التنظيف العائلي.تزدحم الذكريات في عقول أفراد العائلة، التي قالت إن المستوطنين تحرشوا بابنها لأنه عربي فقط، وانهالوا عليه بالضرب، ليطلق عليه أحد الجنود الرصاص دون تفكير، بمجرد أن سمع كلمة "مخرب".

إقرأ أيضًا:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد