حدث تاريخي في السعودية .. وفد صهيوني في الرياض

mainThumb

11-09-2023 06:20 PM

السوسنة
يشارك وفد من "دولة" الاحتلال الصهيوني،  الإثنين في اجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) يُعقد في الرياض، في أول زيارة علنية إلى المملكة التي لا تربطها بالدولة العبرية علاقات دبلوماسية.

ووصل الوفد المكوّن من خمسة أفراد الأحد إلى الرياض عبر دبي، على ما أفاد مسؤول إسرائيلي وكالة فرانس برس، للمشاركة في اجتماعات اليونسكو لتحديث قائمتها للتراث العالمي للمواقع الثقافية والتاريخية.

وشاهد مراسل فرانس برس أعضاء الوفد يجلسون في قاعة الاجتماع في برج الفيصلية، وعلى الطاولة أمامهم لوحة كُتب عليها "إسرائيل" بالانكليزية.

وأثارت اللوحة فضول وأنظار الشباب السعوديين المشاركين في تنظيم المؤتمر الذي يتوقع أن يقرّ إدراج أكثر من خمسين موقعاً في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وردا على سؤال حول مشاركة الوفد، قال شاب سعودي في فريق التنظيم طلب عدم ذكر اسمه "هذا أمر الله. الموضوع أكبر منّا وليس بوسعنا الاعتراض عليه".

وقال مسؤول إسرائيلي في الرياض طلب عدم الكشف عن اسمه "نحن مسرورون بوجودنا في الرياض. إنها خطوة أولى جيدة"، مضيفًا "نشكر اليونسكو والسلطات السعودية".

وأكد المسؤول أن أعضاء الوفد الخمسة حصلوا على تأشيرات دخول المملكة عبر المنظمة الدولية، وقد وصلوا الأحد في رحلة من مطار دبي في الإمارات المجاورة، علمًا أنه لا رحلات جوية مباشرة بين إسرائيل والسعودية.

وأوضح أن الوفد سيبقى في السعودية "طوال فترة انعقاد المؤتمر" الذي يستمرّ حتى 25 أيلول/سبتمبر.

وتأتي الزيارة على وقع تقارير تفيد عن مباحثات تجريها الولايات المتحدة بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين.

وقال المسؤول الإسرائيلي إنّ الزيارة "جيدة للغاية ... لقد عاملَنا (السعوديون) بشكل جيد جدا".

وتؤكد السعودية منذ أعوام طويلة أن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل واعترافها بها يتوقف على تطبيق حل الدولتين مع الفلسطينيين. ولم تنضم المملكة إلى اتفاقيات أبراهام المبرمة عام 2020 والتي توسطت فيها الولايات المتحدة وأقامت بموجبها إسرائيل علاقات مع جارتي المملكة، الإمارات والبحرين. ولحق بهما السودان والمغرب.

وقبل ذلك، لم تكن إسرائيل تقيم علاقات رسمية مع دول عربية غير مصر والأردن بموجب اتفاقيتي سلام تمّ توقيعهما قبل عقود.

تطبيع مرتقب
وأكّد دبلوماسي في يونسكو أنّ المديرة العامة للوكالة أودري أزولاي كان لها دور فاعل في تأمين مشاركة إسرائيل في اجتماعات الرياض.

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه "إنها نتيجة لعدة سنوات من العمل الذي قامت به أودري أزولاي لتهيئة الظروف في قلب اليونسكو للحوار بين جميع دول المنطقة".

وأفادت موظفة في فريق التنظيم فرانس برس أنّ قائمة الصحافيين الذين حصلوا على تصريحات لتغطية الجلسات لا تتضمن أي صحافي إسرائيلي.

لكنّ مسؤولا في يونسكو أوضح أن بعضهم قد يكون سجل اسمه بجنسية أخرى.

وعلى رغم أن الوفد ليس سياسيا، الا أن الزيارة تغذّي التقارير المتزايدة عن تحركات للتقريب بين البلدين.

وبحسب تقارير صحافية، زار وفد فلسطيني الرياض الأسبوع الماضي لمناقشة سبل المضي قدمًا إذا قامت السعودية وإسرائيل بتطبيع علاقاتهما.

كما زار مستشار الأمن القومي الاميركي جايك ساليفان السعودية ثلاث مرات خلال بضعة أشهر آخرها في مطلع آب/أغسطس.

وإلى جانب مواضيع عدّة حساسة من بينها الإرهاب والحرب في اليمن، كان تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية بندًا أساسيًا على جدول الأعمال.

ولا تعترف المملكة التي تتمتع برمزية كبيرة في العالم الاسلامي لضمّها الحرمين الشريفين، بإسرائيل.

لكن خلال جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط العام الماضي، أعلنت هيئة الطيران المدني السعودية فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوّية"، ما مهد الطريق للطائرات الإسرائيلية لاستخدام المجال الجوي السعودي.

وقد أقلّت الطائرة الرئاسية بايدن إلى جدة من مطار بن غوريون الإسرائيلي لإجراء محادثات مع القادة السعوديين.

لكنّ المملكة نفت حينها أن تكون الخطوة تمهّد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

"عقبات" على طريق التطبيع 
اتخذت السعودية التي تحاول إعادة تشكيل وتنشيط اقتصادها المرتكز على النفط، عددًا من الخطوات الدبلوماسية التاريخية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك إعادة العلاقات مع إيران بعد أكثر من سبع سنوات من قطع العلاقات بين القوتين الإقليميتين البارزتين.

وأوضح المحلل السعودي عزيز الغشيان إن حقيقة أن الزيارة تم تنسيقها من قبل اليونسكو تشير إلى وجود "عقبات" أمام التطبيع السعودي الإسرائيلي.

وقال الغشيان "هذا على الأرجح نتيجة لكون السعودية أكثر انفتاحا على العالم، والذي سيشمل الإسرائيليين، وليس نتيجة للعلاقات الثنائية بين السعودية وإسرائيل".

وأشار الى أن المسؤولين السعوديين أدركوا أنهم لا يستطيعون حظر أي شخص من دخول البلاد إذا كانوا يريدون تحويل المملكة إلى مركز عالمي للأعمال والسياحة في إطار "رؤية 2030" الإصلاحية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.

ورأى أنه "من المؤكد أن الإسرائيليين سوف يستغلون الأمر كخطوة أولى، في حين أن اليونسكو قامت بتسهيله. الأمر في الحقيقة لم يحدث بسبب مهاراتهم الدبلوماسية أو انتصاراتهم الدبلوماسية".

وقارن زيارة الوفد الإسرائيلي بزيارة قام بها هذا الصيف لاعبو الرياضات الإلكترونية الإسرائيليون لمهرجان "غيمرز 8"، والتي تطلبت أيضًا "تنسيقًا من طرف ثالث".

ورغم هذه العقبات، اعتبرت فتاة سعودية تشارك في تنظيم المؤتمر أن مشاركة الوفد الإسرائيلي "تاريخية".

وقالت الفتاة التي ارتدت العباءة السوداء التقليدية وهي تقف قرب مقاعد وفد الدولة العبرية "نحن نشاهد حدثا تاريخيا بوجود الوفد الاسرائيلي في الرياض"، مضيفة "هذا أمر لم يكن ممكنا تخيله قبل سنوات قليلة".






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد