أثر العولمة على الديمقراطية و حقوق الإنسان
يفترض بعض المتحمسين أن العولمة و الأقرطة _ اعتماد النظام الديمقراطي _ وجهان لعملة واحدة . و قد احتفل اللبيراليون وفق هذا الافتراض "بنهاية التاريخ " ، أي ببلوغ البشر النقطة الأخيرة للتطور الايديولوجي ، و وصولهم إلى المرحلة التي عُممت فيها الديمقراطية باعتبارها الشكل النهائي الأسمى و الأخير للحكم في التاريخ البشري . أو باكتساح الموجة الثالثة للمد الديمقراطي شطآن الحكم الاستبدادي . الأمر الذي دفع البعض إلى القول أن " الكل اصبح ديمقراطيا" و أننا نعيش عملية " عولمة الديمقراطية " .
صحيح أن الديمقراطية غدت المقياس الجوهري و للشرعية السياسية في جميع أنحاء العالم ، و أن الكل يدعي أن بلاده ديمقراطية ، و صحيح أيضا أن هناك اجماع واسع و راسخ في عالم اليوم على أن نظام الحكم الجيد يعني نظام الحكم الديمقراطي . لكن كل هذه الجوقة الاحتفالية لا تمنع من طرح سؤال مهم و معياري ألا و هو : ما الذي يجري للديمقراطية في العالم المعولم المعاصر ؟ و ذلك للافلات من الصبغة الدعائية للديمقراطية التي سادت بعد نهاية الحرب الباردة و انهيار المعسكر الشيوعي ، والتي قادها المفكر الامريكي ( فرانسيس فكوياما ) في كتابه المشهور نهاية التاريخ و خاتم البشر _ و الذي تراجع عن الكثير من فرضياته فيما بعد _ و ذلك لدراسة أثر العولمة على الديمقراطية بشكل موضوعي خارج تلك الصبغة الدعائية .
و فق هذا المنطق ، يمكن لنا تحديد ثلاث تيارات أو اتجاهات تناولت موضوع أثر العولمة على الديمقراطية و حقوق الإنسان ، يمكن تصنيفها كما يلي
التيار الأول،و الذي يمكن أن نطلق عليه وصف تيار المد الديمقراطي ، حيث يرى هذا التيار _ و أهم منظريه المفكرين الامريكيين فرانسيس فوكوياما و صموائيل هنتنجتون_ أن الديمقراطية مدت موجتها الثالثة _ حسب تعبير هنتنجتون _ على شطآن 70% من دول العالم مع نهاية عام 1991م . فوفق هذا الافتراض احتفل "بنهاية التاريخ " ، أي ببلوغ البشر النقطة الأخيرة للتطور الايديولوجي ، و وصولهم إلى المرحلة التي عُممت فيها الديمقراطية باعتبارها الشكل النهائي الأسمى و الأخير للحكم في التاريخ البشري . أو باكتساح الموجة الثالثة للمد الديمقراطي شطآن الحكم الاستبدادي . الأمر الذي دفع البعض إلى القول أن " الكل اصبح ديمقراطيا" و أننا نعيش عملية " عولمة الديمقراطية " .
التيار الثاني: والذي يمكن أن نطلق عليه تيار الجزر الديمقراطي حسب وصف المفكر الفرنسي جاك دريدا الذي رد في توصيفه لواقع الديمقراطية في العالم اليوم على ادعاءات فوكوياما و هنتنجتون مضيفا إنها " وقاحة صادرة عن حسن نية" ، إذ لم يسبق _ و الكلام لدريدا_ للديمقراطية اللبيرالية ذات النموذج البرلماني أن كانت أكثر أقلية و انعزالا مما هي عليه الآن داخل العالم . و لم يسبق لها أن كانت على هذا الحال من السوء _ سوء السير _مثلما هي عليه الآن داخل ما نسميه بالديمقراطيات الغربية .
أما التيار الثالث، و الذي يمكن تسميته حسب رأي عالم الاجتماع الانجليزي الشهير أنتوني ، The Paradox of democracy جيدنز بتيار المفارقة الديمقراطية بمعنى انه في الوقت " الذي تنتشر فيه الديمقراطية في شتى أنحاء العالم ، ينتشر نوع من خيبة الأمل بشان العملية الديمقراطية في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية العريقة ، التي يجب على دول العالم تقليدها . و تشهد المجتمعات اللبيرالية الديمقراطية الغربية الآن موجات من الاحتجاجات و التستاؤلات ، حول الديمقراطية في عقر دارها .
و يرى العديد من الباحثين في هذا الشأن ، أن التفسير لهذه التيارات المتناقضة حول الديمقراطية ، بمدها و جزرها و مفارقاتها ، يتم عبر كلمة واحدة ، و هي العولمة ، حيث يرون أن العولمة حركت المد الديمقراطي ، و هي ايضا التي ردت الجزر الديمقراطي ، و بالتالي هي من خلقت مفارقة جيدنز الديمقراطية .
قد تبدو العولمة للوهلة الأولى أنها توفر امكانية لترسيخ دعائم الديمقراطية . و قد تبين أن العولمة تفتت السيادة _ سيادة الدول_ كما شهدنا على الدوام تأزما جوهريا بين السيادة و الديمقراطية . فالسيادة تنطوي على سلطة شاملة و عليا ، و غير محددة و حصرية ، في حين يُفترض عموما أن الديمقراطية تنطوي على سلطة محددة و مبعثرة او مقسمة و مشروطة و جماعية.و حتى عندما تُنتخب الحكومات بشعبية كبيرة يبقى احتمال الخطر في أن تركز السلطة في يد الدولة .و ينبغي عند هذا الحد أن يُقدم زوال السيادة من حيث المبدأ _ و هو من أفعال العولمة _ فُرصا لتوسيع مجال الديمقراطية . لكن الواقع يشير إلى أن العولمة جعلت الامور أسوا في أغلب الحالات . و يرى البعض أن العولمة تمثل تهديدا للديمقراطية على مستوى العلاقات الدولية و السياسة العالمية . و يبدو هذا التهديد في احتكار القوة في السياسة العالمية بيد قوة واحدة او قوى محددة كامريكا و الصين و بعض الدول الاوروبية الغربية و روسيا ، و في عدم ديمقراطية وكالات الحكم العالمي و السوق التجارية العالمية و المنظمات الدولية او الحركات الاجتماعية العالمية . بمعنى أن السياسة العالمية و العلاقات الدولية غير ديمقراطية . و يتمثل ايضا في أن بنية الديمقراطية على المستوى العالمي ليست متناغمة ، حيث يمكن التمييز بين نمطين من الديمقراطية : الديمقراطية الانتخابية المقتصرة على التعددية الحزبية و حق الانتخاب ، و هي النمط السائد في دول العالم الثالث او النامي . اما النمط الثاني فهو الديمقراطية اللبيرالية و التي تعني أولوية قيم الحرية السياسية و المساواة و الحريات المدنية و دولة القانون ، و هو النمط السائد في الدول المتقدمة .
و يقدم بعض المفكرين تفسيرا يعتد به للموضوع ، بربطه بفكرة نهاية التاريخ ، و سيادة و تعميم النموذج اللبيرالي الرأسمالي على شتى دول العالم ، و يرى أن نهاية التاريخ تعني " نهاية السياسة " . و كما هو معلوم أن مجال السياسة هو الدولة ، و الخطوة الأولى لنجاح العولمة هي التحرر من أقواس العمل و الدولة ، و ذلك لإطلاق سراح فاعلية الرأسمالية المنظمة تنظيما ديمقراطيا ، و التي كان تم ضبطها و ترويضها سياسيا و اجتماعيا ، بمعنى أن العولمة تؤدي إلى خروج السياسة من الإطار النوعي للدولة الوطنية ، و إزالة قيود الدولة الوطنية ، و الديمقراطية أحد أهم تلك القيود التي يجب إزالتها من أجل تغليب نخب السوق على نخب الديمقراطية . و ذلك من أجل اعادة صياغة قواعد جديدة للعبة الاجتماعية و السياسية ، تقوم على أساس ما يمكن تسميته ب " السياسة التحتية " و هي سياسة تُمارس دون تقديم طلب التماس أو استشارة من البرلمان ( قرار حكومي ، تغير قانون ، مناقشة عامة علنية) و بهذا تتحطم الاتفاقية التاريخية بين اقتصاد السوق و الدولة الاجتماعية الديمقراطية . و ذلك بتدمير الوظيفة السياسية المركزية للدولة و التي تتمثل في تحديد الاطار القانوني و الاجتماعي والبيئي و الديمقراطي، والذي لا يصبح العمل الاقتصادي ممكنا وشرعيا إلا بها .
و قد نجم عن هذا الواقع تدنيات مقلقة في مستويات الديمقراطية ، و سوقنة _ أي سيادة أحكام السوق التجارية _ نظام الحكم . و يصبح القول من هذا المنطلق ، إن الدعاة لمبدأ " دعه يعمل دعه يمر " _ أي مبدأ الحرية الاقتصادية _ يدَعون بأن السوق توسع مدى المشاركة و الاشراف الشعبيين . و هم يرون وفق منظورهم ، أن الديمقراطية العالمية تتحقق عندما يصوت المستهلكون و الراسماليون لا المواطنون بنفوذهم لا بأصواتهم الانتخابية من أجل الحصول على أقصى مردود لأموالهم لا تحقيق أقصى الامكانيات البشرية في أحد الاسواق العالمية لا في دولة اقليمية .
و في سياق متصل و من جانب آخر ، فإن تحليل العلاقات الدولية قد اعتاد على جعل الدولة هي وحدة التحليل ، و ربط كافة التفاعلات في المجتمع الدولي بها ؛ في حين أن العولمة تسعى لبناء تحليل قائم على أساس اعتبار المجتمع الدولي و الاقتصاد العالمي هو وحدة التحليل. و مع أن الدولة ما تزال الركيزة الاسياسية في العلاقات الدولية و المجتمع الدولي ، إلا أن قوى اخرى أصبحت تزاحمها و تشاركها لفعل الدولي مثل الشركات متعددة الجنسيات ، و المنظمات الدولية الحكومية و غير الحكومية و التي تمثل في معظمها محركات آلة العولمة . و تبدو المفارقة هنا أن العولمة أدت إلى ضعف الدولة ، في الوقت الذي لازالت الهيئة المركزية المُطالبة بحماية الديمقراطية و تطبيقها ، و حماية حقوق الانسان و صيانتها . فالمنظمات الدولية ، أو هيئات حقوق الانسان توجه دعوتها و تقيمها للديمقراطية ، و انتهاكات حقوق الانسان إلى الدول .
و خلاصة القول ، إن الديمقراطية تعاني اليوم وضعا حرجا و صعبا في جميع مجالات نظام الحكم المعاصر . و في عالم اليوم المعولم يجري وضع الأحكام و تطبيقها بشكل رئيس من خلال التنافس بين فئة النخة لا من خلال الديمقراطية التمثيلية ، ناهيك عن ديمقراطية المشاركة ؛ و لا يتضح في الوقت الحاضر ما اذا كان يمكن تحقيق الديمقراطية في المستقبل العولمي القادم لذلك فإن اعادة النظر في شأن الديمقراطية ، كما يرى بعض المفكرين باتت المهمة الاولى ، التي تنتظر النظرية الساسية اليوم .
مخالفات مالية وإدارية في مجمع محاكم الرصيفة الشرعية
القضاء الأمريكي يرفض إسقاط دعوى ضد جاي زي وديدي
هيفاء وهبي تعود للدراما بمسلسل المشتبه الرابع
عزم النيابية تدين احراق مستشفى كمال عدوان
ما حقيقة اعتزال نجم بوليوود عامر خان
كريستيانو رونالدو يفوز بجائزة أفضل لاعب في الشرق الأوسط
ديوان المحاسبة يكشف مخالفات جسيمة في مراكز الأعلاف
ديوان المحاسبة يرصد مخالفات إدارية ومالية في وزارة الصحة ومؤسساتها
ديوان المحاسبة يكشف مخالفات في المؤسسة الاستهلاكية المدنية
دوري المحترفين .. الوحدات يفوز على الجزيرة 3 - 0
ديوان المحاسبة: مخالفات إدارية ومالية في عدة مؤسسات زراعية
إربد .. إحالة عطاء إعلانات بمبلغ 370 ألف دينار
القبض على مسؤول الأمن السياسي بدمشق في النظام المخلوع
تفاصيل مقتل الإعلامية عبير رحال على يد زوجها داخل المحكمة
الاحتلال يحرق مستشفيات غزة والبيت الأبيض يتهم حماس .. تفاصيل
ولي العهد ينشر مقطع فيديو برفقة إبنته الأميرة إيمان
قرار هام من الأمانة بخصوص المسقفات .. تفاصيل
هام لطلبة التوجيهي بخصوص الامتحان التكميلي
كتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن في هذا الموعد
إعلان صادر عن مديرية الخدمات الطبية الملكية
مهم بشأن قسط التأمين الإلزامي على المركبات
إحالات إلى التقاعد المبكر في التربية .. أسماء
يارا صبري تلتقي والدها الفنان سليم صبري بعد غياب طويل
9 بنوك أردنية ضمن لائحة أقوى 100 مصرف عربي
توقعات برفع أسعار البنزين والديزل الشهر الحالي
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات والامتحان التنافسي .. أسماء
كتلة باردة تؤثر على الأردن اعتباراً من الخميس
تنويه مهم من السفارة الأردنية بدمشق