معلومة مغلوطة عن ليفي بريل أشاعها الإسلاميون
يورد رابح لطفي جمعة في كتابه «محمد لطفي جمعة وهؤلاء الأعلام 1900 – 1950» نص رسالة بعث بها كيلاني إلى أبيه، موضوعها توبة منصور فهمي، وتراجعه عن بعض ما قاله في رسالته للدكتوراه في جامعة السوربون عن حال المرأة في التقاليد الإسلامية التي طبعت في كتاب باللغة الفرنسية. الرسالة بعثها إلى أبيه كيلاني عام 1947، وكتب فيها ما يلي:
«زرت منصور باشا منذ أيام في منزله وبقيت معه طوال ساعتين، فاعترف لي بأن كان ملحداً حينما ألّف هذا الكتاب، وبقي كذلك مدة من الزمن، ولم يحاول أن يرد على خصومه أو يدافع عن رأيه بل لزم الصمت العميق. وقد حدث بعد ذلك أن أخذ يتبين أنه كان مخطئاً في أحكامه ضالاً في تفكيره، ولم يلبث طويلاً حتى هداه الله إلى الإسلام وملأ قلبه بالإيمان وقال: أحسن ما يكتب عني أني كنت صادقاً في إلحادي، صادقاً في إيماني! ولو كنت في أوروبا لدافعت عن الدين أنه لازم وضروري لخير الأمم والشعوب. ثم قال: وقد كان في استطاعتي أن أعبر عن أفكاري بعبارات تؤدي المعنى الذي أقصده دون أن تؤذي إحساس الجمهور كأن أقول مثلاً: إن القرآن شرّع للناس واستثنى محمداً بدلاً من قولي: بأن محمداً شرع للناس واستثنى نفسه. ثم قال: قد عانيت متاعب جمة بسبب هذا الكتاب. ثم سألته عن موسيو ليفي برول، فقال: هذا عالم مشهور من علماء الاجتماع، وكان يدرس لنا الفلسفة، ولا علاقة له بموضوع الرسالة».
رابح أورد هذه الرسالة ليعزز فيها كلاماً قاله أبوه في مذكراته المخطوطة عن توبة منصور فهمي، التي نشرها الابن بعد ما ينوف على العقد تحت عنوان «شاهد على العصر: مذكرات محمد لطفي جمعة».
دوّن أبوه في مذكراته المخطوطة هذه الحادثة: «إن لمنصور فهمي خطبة مهمة، وهي التي ألقاها سنة 1937 في حفلة توديع الثعالبي عند عودته إلى وطنه، فقد اعترف فيها بضلاله القديم، وأعلن توبته، وقال إن كتابه المرأة المسلمة كان هفوة شباب وأنه ندم عليها وأسف. وها هو يعلن توبته في هذا الجمع. وكان عدد الحاضرين لا يزيد عن عشرين شخصاً ليس فيهم من يعرف الكتاب على حقيقته، وهو باللغة الفرنسية، ومطبوع في باريس سنة 1913 عند لورن».
مما يعجب له الباحث أشد العجب من رابح أنه اكتفى بإيراد تلك الرسالة من كيلاني إلى أبيه مع أن في حوزته معلومات نادرة ووثائق خاصة عنه إلا أنه سخى بها على إبراهيم عوض، لينشرها في كتابه «كاتب من جيل العمالقة د. محمد لطفي جمعة... قراءة في فكره الإسلامي» الصادر عام 1999، وكتابه الوثائقي عن أبيه كان قد صدر عام 1991.
لقد تكتم رابح على قضية كيلاني (الشريف الرضي)، وتعرضه بسبب هذا الكتاب إلى المحاكمة بتهمة الطعن في الدين الإسلامي، وتكتم على أن أباه كتب رداً على هذا الكتاب ثم طواه عن النشر، وأن كيلاني بعد عشر سنوات من تأليفه لهذا الكتاب تواصل مع أبيه عبر التليفون وعبر البريد. فهذه المعلومات والوثائق كلها وغيرها أمد رابح إبراهيم عوض بها.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ صدور كتاب رابح الوثائقي عن أبيه، فإنه لو ذكر شيئاً منها فيه، سيكون أول باحث تعرض لقضية كتاب كيلاني الأول، وأول من يكشف عن إلحاده المجهول.
يقول إبراهيم عوض من دون أن يذكر مصدره الابن رابح: «العجيب أن محمد سيد كيلاني قد اتصل بالدكتور لطفي جمعة بعد ذلك بعشر سنوات بالهاتف والبريد يستفسر منه عن كتاب منصور فهمي المذكور آنفاً، وعن رده عليه وغير ذلك من المسائل التي تتعلق بهذا الأمر. بل إنه أرسل بعض فقرات من ذلك الكتاب راجياً منه أن يترجمها له إلى العربية، وإن كان قد عاد في خطاب آخر فذكر له أن أحد أساتذته بكلية الآداب قد ترجم له مقدمة ذلك الكتاب والفصل الأول منه. وأحسب أن كيلاني كان يفكر في ذلك في تأليف كتابه (فصول ممتعة) الذي تحدث فيه عن منصور وعلي عبد الرزاق وطه حسين وكتبهم التي أثارت عليهم الضمير الإسلامي، وأحدثت ضجيجاً مدوياً حين صدورها...».
صحيح أن كيلاني أقام اتصالاً مع لطفي جمعة من أجل هذا الغرض، وصحيح أيضاً أن هذا الملحد السابق الذي يتستر على إلحاده السالف - في الأساس وعلى وجه التحديد - زار منصور فهمي في بيته عام 1947، بغرض إعداد موضوع عنه يضعه بين حدين متناقضين، هما: الكفر والإيمان لكن لطفي جمعة أدرك من الرسالة التي بعثها كيلاني إليه أن منصور فهمي قد كذب عليه حينما قال له: إن ليفي ــ بريل لا علاقة له بموضوع رسالته. أدرك ذلك لأنه في رده على الرسالة المطبوعة في كتاب باللغة الفرنسية، المنشور في صحيفة «المؤيد» بتاريخ 28 يناير 1914، يتضح منه أنه اطلع على أجزاء من الرسالة. فهو في رده عليها اقتبس منها. ومن هذه الاقتباسات التي أوردها في رده قول منصور فهمي في مقدمتها - حسب ترجمة لطفي جمعة لقوله إلى العربية - «إن هذه الرسالة تعطينا فرصة لإظهار المؤثرات السعيدة التي أثرت على تفكيرنا العلمي. فقد ولدت مسلماً، وقضيت شبابي في وسط إسلامي، ثم رحلت إلى باريس، وحصَّلت العلوم بإرشاد ورعاية العلامة ليفي بريل».
استناداً إلى هذه المعلومة، قبل إيراده هذا الاقتباس، راح لطفي جمعة يشنع على لوسيان - ليفي بريل (1857 ـــ 1939) أستاذ الفلسفة في جامعة السوربون بتسميته بالحاخام الإسرائيلي! وعلق على الاقتباس مستهزئاً: «ومعنى هذا أن نشأته في وسط إسلامي، كان حائلاً بينه وبين (النور الإسرائيلي) الذي أشرق عليه من مجلس الأستاذ ليفي». ثم افترى على الحقيقة، فقال: «وهو كما نعلم رجل خامل الذكر، لم نسمع عن مؤلف من مؤلفاته»، رغم أن مؤلفاته كانت تترى من عام 1884!
والقصد من هذا التشنيع الطائفي على ليفي ــ بريل، هو التحريض الديني الإسلامي على تلميذه المصري الأول، منصور فهمي. والقصد من التقليل من مكانته العلمية الكبيرة، ومن مكانته الأكاديمية العالية في جامعة السوربون، هو الإزدراء بتلميذه المصري وبرسالته، وبعلم التاريخ السسيولوجي الذي تلقاه على يد أستاذه.
ليفي ـــ بريل عالم اجتماع، وهو من رواد علم الإثنولوجيا، وثالث ثلاثة في المدرسة الاجتماعية الأخلاقية الفرنسية.
ويحسن بي في هذا المقام، أن أصحح معلومة مغلوطة أشاعها الإسلاميون عنه في كتاباتهم بعد مضي سنين طويلة على نشر رد لطفي جمعة على رسالة منصور فهمي للدكتوراه، فحين حديثهم عنها، يذكرون أن الذي أشرف عليها مستشرق يهودي يدعى ليفي - بريل.
نعم هو يهودي أو إسرائيلي، حسب ما قال لطفي جمعة في رده، وذلك وفق التعبير المصري الرسمي إلى ما بعد عام 1948، لكنه ليس مستشرقاً، ولا صلة له بالاستشراق وبالمستشرقين ولا بالاستعراب ولا بالمصريات أو الإجيبتولوجي.
إنَّ أول من أشاع هذه المعلومة المغلوطة عنه التي صدقها نفر من العلمانيين العرب، وصدقها يهودي عربي علماني، هم الإسلاميون المصريون، علماً بأن وزارة المعارف المصرية كانت قد كلّفت تلميذ ليفي ـــ بريل محمود قاسم بترجمة كتابه «الأخلاق وعلم العادات الاجتماعية» الصادر باللغة الفرنسية عام 1903، إلى اللغة العربية، وقد صدرت الترجمة عام 1953، وراجعها تلميذ ليفي ــ بريل، السيد محمد بدوي، وكانت هذه الوزارة قبلها كلّفت محمد القصاص بترجمة كتابه «العقلية البدائية» المنشور بالفرنسية عام 1922، وقد قام بمراجعة الترجمة حسن ساعاتي. وللحديث بقية.
فيضانات استثنائية في آسفي بالمغرب تودي بحياة 7 أشخاص
رجل نام في سرير والدته المتوفاة وما حدث لاحقاً أثار الصدمة
الشرع يعزي ترامب بضحايا الهجوم في ريف حمص
التسلسل الزمني للمنخفض الجوي الذي يبدأ تأثيره على المملكة مساء الإثنين
دراسة حكومية تقدم خريطة طريق لتنمية الاقتصاد الرقمي
تفاصيل مأساوية .. يُنصح بعدم القراءة لذوي القلوب الحساسة
غش في ديزل التدفئة… جريمة صامتة تهدد بيوت الناس
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلا
388 عملية تجميل و 8 سنوات بلا طعام .. بلوغر شهيرة تثير الصدمة
النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة السعودية بنصف نهائي كأس العرب
الأمن العام يحذر من الصوبات الرخيصة .. ويؤكد: لا تدفئة تستحق المخاطرة بالأرواح
إضاءة شجرة عيد الميلاد في العقبة
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
المفوضية الأوروبية تحقق مع جوجل بسبب الذكاء الاصطناعي
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها
التربية تستغني عن 50 مدرسة مستأجرة




