لقد أوتي سيدنا سليمان ومن قبله سيدنا دَاوُۥدَ من ربهما ما لم يؤتى احد من العالمين، وسخر الله لسيدنا سليمان جنوده من الجن والإنس والطير وعلمه لغات الطير وغيرها من المخلوقات من غير الإنس. فلو تدبرنا الآيات (وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ عِلۡمٗ وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ، وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥد وَقَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ، وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ، حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشْعُرُونَ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ، وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ، لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ، فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٌ، وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمۡ لَا يَهۡتَدُونَ، أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (النمل: 15- 25)). لخلصنا إلى ما يلي والله اعلم: قالت نملة: لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ (لا يكسرنكم) سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشْعُرُونَ، وهذا يعني ان النمل مخلوق من زجاج. وهم لا يشعرون من كثرتهم وضخامتهم مقارنة بحجم النمل. فسمع سيدنا سليمان كلامها ووضعها على كف يده وتبسم لها وأوقف جنوده من الجن والإنس والطير حتى دخل النمل مساكنهم وانزلها من على كفه بلطف ودخلت مسكنها معهم. وحمد وشكر سيدنا سليمان ربه على ما أنعم عليه من نعم وطلب ان يدخله برحمته وليس بعمله الجنة مع عباده الصالحين وهذا اكبر دليل على أنه لا يدخل اي إنسان الجنه بعمله حتى الأنبياء وإنما ندخل الجنة برحمة رب العالمين لنا. وعندما تفقد سيدنا سليمان الطير ووجد الهدهد غائبا توعده، إلا أن الهدهد قد علم بنبأ لم يعلمه سيدنا سليمان وهذا جائز، حيث وجد الملكة بلقيس تحكم قومها الذين يعبدون الشمس من دون الله. وتساءل الهدهد: لماذا لا يسسجدون لله ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ (خبء السماء والأرض ما جعل الله فيها من الأرزاق، والمطر من السماء، والنبات من الأرض) فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (الإسراء: 44)).