محاولة كتابة
ارتبطَت الكتابة أولًا بالفِعل، أي أنّ وجود الإنسان في أصله وجودٌ بالكتابة وفيها، انطلاقًا من فكرةٍ مؤسِّسة هي أنّ الوجود الفرديّ وما ينتُج عنه من أفعال هو وجودٌ مكتوب ويُكتَب/ تُعاد كتابتُهُ باستمرار، وهو مناطُ المَصير، وهو مكتوبٌ وليسَ موصوفًا بالكِتابة. تطوّر هذا الفعل وازداد، فكان نحتُ فعلِ الاستكتاب، كفعل أكثر تعبيرًا عن الوجود/ النّشاط البشريّ في العالم، ثمّ كفعلٍ له استخداماتُه داخل الحياة الاجتماعيّة. وهو في أبسط أحواله طلبُ كتابةٍ، وفي تطوّراته سقطت السّين أو ازداد الجذر الأوّل: كَتَبَ، فكان الاكتِتِاب.
يُمارسُ الفلسطينيّ الوحيد، بصفتِهِ البشريّة، التي تُنفيها عنه الدّنيا، الكتابة كفعلٍ يوميّ بجسده وأفعاله، ثمّ الكتابة بمعناها البسيط والعام، وحيث شكّلت كتاباته الفرديّة صورته في أذهانِ العالم، بكلّ ما حملته هذه الصّورة من أيْقنة وتحوّل وتغيُّر لأفق الانتظار، وحيثُ تشكّل في مجملها روايته الجمعيّة قبل أن ينهار هذا الفعل أمام زحفِ الازديادِ والانزياح، وهي أفعالٌ تحدث خارج اللّغة ثمّ تلتحم بها، في هذا الانهيار يمكن أن نشير إلى إرث سلمان ناطور الذي تسلّمته المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة قبلَ عِدّة أشهُر! هَل أنفي عنّا الكتابة الآن؟ لا. إنّما سَطا الاستكتابُ بكلّ تمظهراته المرضيّة على قلم الفلسطينيّ وجسده، فهو مستكتَبٌ من آلة الاستعمار الاستيطانيّ لنقصٍ حادٍ في بلاغته الوطنيّة، ومستكتَبٌ من قِبل تبعاتِ هذه الآلة حينَ انزلقَ في المؤقّت المستمرِّ والمتناقِص، ومستكتبٌ للدّفاع، عبرَ جرائِد لا يقرأها أحد، عن أشياء وأشخاص لم تعُد تهمّ أحدًا أيضًا، والفلسطينيّ أيضًا مُسلّع، وفي سقوط السّين الذي أشرتُ له سابقًا، افتُتِح اسمه وجسدُهُ ومصيره للاكتِتاب العام، حينَ تحوّل السّؤال إلى الاستثمار، ليسَ فيه، بل عليه. وبالتّالي؛ على الفلسطينيّ أن يبحث خلال اكتتابه العام عن حُصّته في رأس المال، وعوائِده من خلال تحديد مكانِه بين الفلسطينيّ النافع والمنتَفِع. تسليع الإنسان ومن بعدِه تسليع الفلسطينيّ ليسَ نهاية هذا، وإنّما القادِم يحمل تقلّص واغتيال الفلسطينيّ النافع غير المتكسّب بفلسطينيّته، والذي لم يستطع أن يرى الوطن من خلال عدسة الشّركة الاستثماريّة.
لَقَد تَمّ تسليعُ كُلّ شيء. الآن أصبحَ بإمكانِكَ شراءُ إنسانٍ وبيعه، شراؤه كاملًا أو مقطّعًا، شراءُ صمته أو كلامه، حضوره أو حتّى غيابه، شراءُ قدمه لتسير بِها في المسيرات، شراءُ يده بهراوة أو سلاح أو حَرَكة أو قلم أو شراؤها فارغة مستعدّة، أصبح بإمكانِ رأسِ المال والقوّة الآن شراءُ أيّ شيء، ورأسُ المال لا يشتري إلّا إذا كان مكسبه أكثر من الضّعفين. والذي يبيع فإمّا لدناءة في نفسِه وهذا ما لا يمكن إصلاحه، وإمّا لحاجةٍ تكسرُ ظهره، أو خوفٍ ينخرِ قدميه، أو عجزٍ يشُلّ حركته، وإمّا لأنّ الكُلّ قد باع... تمّ تسليعُ الأشياء والأشخاص والمواقف والصّور والأصوات والأفكار والثّورات والأوطان والقضايا. أيضًا يمكن أن تبيع عقلك، تخيّل. في زمن البيع بالجُملة هذا أفكّرُ كثيرًا في مآلاتِ هذا الإنسان، في استمرار تناسُل البيع.. وتناسُل القمع ضمن منظوماتٍ تشبه الحلقات تدور حول نفسِها، وتُمارِس ما يُمارس عليها.. الأصغر فالأصغَر. وحتّى أنّ هذا طالَ الأفراد أيضًا.
الفلسطينيُّ يمارسُ أيضًا استكتابًا عامًا للحزن والخُذلان، تراه في وجوه النّاس على الحواجز ونقط التّفتيش والعبور، وفي الشّوارع التي حافظت على ملامحها الأم، ولم تتشوّه حتّى الآن، وليسَ بعيدًا عن الاستكتاب والاكتِتاب تنشأُ مجتمعاتٌ منفصلة ومعزولة داخل هذا المجتمع، ويمتلئ النّاظر بالتّناقض الصّعب.
أمامَ كلّ هذا يستمرُّ الإنسان في "البحثِ عن المَعنى" بتعبير فيكتور فرانكل، خارجَ اللّغة، ثمّ يدخل إليها محاولًا حماية فعلِ الكتابة من الازديادِ أو الانزياح.
* كاتب وصحفيّ فلسطينيّ
أفضل خمس سيارات كهربائية لعام 2024
ساعات فاخرة لأناقة المساء وتألق خاص
تجنب تناول هذه الأطعمة من أجل صحة شرايينك
مادة خطرة في منتجات العناية الشخصية
ما هو التصميم الداخلي المستدام
أفضل الوجهات الفاخرة لاستقبال العام الجديد
علاقة إضطراب النوم بالكبد الدهني وأضراره الصحية
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي يسبب تعفن الدماغ
مذكرات تبليغ بحق عشرات الأردنيين .. أسماء
التايمز:جنيفر لوبيز ومقويات جنسية في مكتب ماهر الأسد
إمهال متهمين 10 أيام لتسليم أنفسهم .. أسماء
من هو ماهر النعيمي في أغنية "وبسيفك نقطع روسهم" .. فيديو
هام بخصوص موعد صرف رواتب متقاعدي الضمان
ولي العهد ينشر مقطع فيديو خلال زيارته لدولة الكويت
إجراءات قانونية ضد شركات رفعت أسعار بطاقات الشحن
مهم من التعليم العالي بشأن المنح والقروض الطلابية
مدعوون لإجراء المقابلات لغاية التعيين .. أسماء
وظائف في الشركة العامة الأردنية للصوامع والتموين
نبات قديم يعزز نمو الشعر ويمنع تساقطه