طائرات مسيرة إيرانية على حدود المغرب .. هل هي مصدر قلق؟

mainThumb

07-03-2023 09:00 PM

السوسنةـ تلعب إيران، إلى جانب العديد من المجموعات، دورا فاعلا في كل من منطقة الساحل و عبر شمال إفريقيا.

وفي العام الماضي اتهمت الرباط طهران بإرسال طائرات "درون" إلى المجموعة الصحراوية الانفصالية، وهو ما سيؤدي ، بحسب وزير الشؤون الخارجية المغربي، إلى زعزعة الأمن في منطقتي شمال غرب إفريقيا.
كما حذرت المملكة المغربية من التهديد الذي يشكله بيع طائرات من دون طيار إيرانية الصنع للجزائر والتي تنتهي في يد مقاتلي البوليساريو.

وفي العام 2022 ، سلط عدد من كبار المسؤولين المغاربة، الضوء على التحالف الجديد بين محور إيران والجزائر ، وهو ما أكدته تصريحات مسؤولين إيرانيين حول بيع طائرات مسيرة إلى الجزائر في إطار صفقات أسلحة ضخمة. كما أبرز مسؤولون كبار بالمملكة تصريحات لجبهة البوليساريو تفيد باستلام طائرات مسيرة وأسلحة أخرى من الجزائر وتدريب وتطوير البنية التحتية لاستخدام هذه الأسلحة.
وفي نهاية العام الماضي ، هددت جبهة البوليساريو الانفصالية باستخدام طائرات بدون طيار ضد القوات المسلحة الملكية المتمركزة على طول الجدار الدفاعي في الصحراء الغربية. وجاء الإعلان في الوقت الذي كان فيه زعيم البوليساريو إبراهيم غالي يستعد لشن تحرك عسكري من تندوف في إطار "حرب استنزاف" ضد المغرب.
وكان عمر منصور ، مبعوث البوليساريو لدى الرئيس الموريتاني ، قد كشف عن هذا الخبر خلال مؤتمر صحفي في نواكشوط من خلال تأكيده ان "الجيش الصحراوي سيستخدم قريبا طائرات مسلحة بدون طيار في حرب الاستنزاف في الصحراء الغربية".
ويثير وجود الطائرات بدون طيار الإيرانية على الحدود المغربية، مخاوف جدية ، حيث يمكن استخدام هذه الأجهزة للمراقبة والاستطلاع وحتى شن العمليات العسكرية. فالطائرات بدون طيار قادرة على تغطية مساحات واسعة من الأراضي المغربية ، مما يسمح للحكومة الإيرانية بالوصول إلى أنشطة وتحركات المملكة. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن استخدام الطائرات بدون طيار لتوفير معلومات استخبارية عن القوات المغربية ، مما يجعلها عرضة للضربات وأشكال العدوان الأخرى. ونظرًا لتزايد عدد الطائرات بدون طيار الإيرانية في المنطقة ، فقد يواجه المغرب خطرًا متزايدًا للتعرض لهجوم محتمل ، مما يجعل القضية تكتسي طابعا مستعجلا.
لذلك أنشأت القوات المسلحة الملكية مناطق حظر برية وجوية في المنطقة الشرقية للجدار الدفاعي، وشرعت في تشغيل مجموعة من الأجهزة الجوية بدون طيار، وضمنها الطائرات بدون طيار "بيرقدار ت يبي 2" التركية.
وبعد اقل من 24 ساعة على اطلاق البوليساريو تهديدات باستخدام طائرات بدون طيار ضد المغرب، حذر وزير الشؤون الخارجية ، ناصر بوريطة من حيازة الجماعات الإرهابية والانفصالية لطائرات مسيرة مسلحة.
وقال عمر هلال سفير المغرب لدى الأمم المتحدة "ان ايران بعد زعزعة الاستقرار بسوريا واليمن والعراق ولبنان، تحاول زعزعة استقرار منطقتنا".
ومع الاهتمام الغربي المنصب على الدور الذي تضطلع به الطائرات المسيرة الإيرانية بأوكرانيا، يزداد الانشغال والقلق بافريقيا بالدور المتنامي المزعزع للاستقرار، الذي تلعبه ايران في المنطقة من خلال دعمها للإرهابيين. فبعد ان دعمت حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن ،والفاطميين في أفغانستان، هاهي إيران اليوم تلعب دورا هاما في افريقيا الغربية. ويتعلق الامر بنموذج للمقاربة الإيرانية للتدخل الخارجي من أجل تحديد حروب بالوكالة ،وبالتالي دعم الفاعلين غير الحكوميين الباحثين عن التسلح.
إيران تعمل أيضا على استخدام قوتها الناعمة من خلال التعليم والزواج من اجل بناء حضورها بشمال افريقيا. في غضون ذلك توفر إيران الأسلحة والتدريب وأنواع أخرى من الدعم لمليشيات بالمنطقة بمشاركة مجموعة من الدول الأخرى.
ايران تلعب دورا نشطا في الساحل وعبر شمال افريقيا بمعية مجموعات مختلفة، في وقت أثار فيه المغرب ، أحد أقدم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، مخاوف من أن تصبح المنطقة أرضا خصبة ومصدر جيل جديد من الإرهابيين.
في افريقيا يوجد قلق متنام من أن الدعم والمعدات المقدمة إلى أفراد من قبل إيران والجهات المعادية بشمال افريقيا، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الهجمات وعدم الاستقرار. وقد حدثت هجمات ضد السكان المحليين، أدت الى وقوع خسائر في الارواح في صفوف القوات الغربية بالمنطقة، القوات الخاصة الفرنسية والأمريكية.
إن تزويد البوليساريو بطائرات بدون طيار من طرف إيران والجزائر، وتوسعها المحتمل لتشمل مجموعات أخرى، يعد تصعيدا كبيرا ضمن قدراتهم الهجومية. والمغرب، الذي واجه هجمات إرهابية مدمرة في الماضي بسبب دوره الموالي للغرب كدرع ضد التطرف الإسلامي، يجد نفسه في الواجهة مرة أخرى.
وكما هو الحال في أوكرانيا، توفر الطائرات المسلحة بدون طيار القدرة على مهاجمة أهداف من مسافة بعيدة - ومنذ وقت ليس ببعيد، كان هذا خيارًا متاحًا فقط للدول التي لديها قوات جوية أو صواريخ باليستية. وبالتالي فإن وجود طائرات بدون طيار مسلحة على الحدود المغربية في يد البوليساريو المدعومة من الجزائر يعادل قضية تواجد الصواريخ الروسية في كوبا.
وعلاوة على العواقب الجيوسياسية الكبرى لذلك، أثار مراقبون مستقلون ومسؤولون مغاربة مخاوف من أن هذا التهديد الحقيقي للغاية سيضيع وسط ضباب غزو روسيا لأوكرانيا، والتركيز على مناطيد التجسس الصينية والزلزال في تركيا وسوريا.
والواقع أن الصناعة العسكرية الإيرانية المتنامية تعمل على إنتاج وتصدير طائرات بدون طيار وأسلحة، بما في ذلك الصواريخ والقنابل الانشطارية، لتأجيج الصراع وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم. وبينما يركز العالم على أوكرانيا ، يجب أن تكون مبيعات الأسلحة الإيرانية وقدرتها على التحايل على العقوبات لتحقيق الإيرادات مصدر قلق كبير للغرب. ويستحق المحور الجزائري الإيراني، في علاقته مع المغرب والبوليساريو، مزيدًا من الاهتمام من الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تميل إلى رؤية هذه القضية من منظور الخلاف بين الجيران، بينما وكما هو الحال بشكل متزايد، يبقى البوليساريو وكيلا لإيران والجزائر، اللتين تعززان القدرات من أجل مهاجمة حليف أمريكي.
وبالمثل، يعد الغزو الروسي لأوكرانيا جزءًا من استراتيجية أكبر لإعادة تنشيط الكتلة السوفيتية. كما يجب أن يُنظر إلى انخراط إيران الى جانب الجزائر على أنه جزء من هدف إيران لبناء شريط نفوذ يمتد من الشرق الأوسط إلى غرب إفريقيا، عبر شمال إفريقيا. والمغرب درع رئيسي بين هذه المناطق وله أهمية حاسمة.
وضمن السياق الأوسع، هناك خطر حقيقي يتمثل في أنه، كما في الماضي ومثلما دق المغرب ناقوس الخطر بشأن الطائرات بدون طيار المنتشرة على حدوده، ستذهب تلك التحذيرات أدراج الرياح، وسيستمر المحور الإيراني الجزائري في التطور ليصبح أكثر خطورة على المنطقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد