هل من دروس مستفادة بعد الكارثة الزلزالية التركية ـ السورية؟
دواؤك فيكَ ومَا تبصرُ
وداؤك منكَ ومَا تشعرُ
أتزعم أنك جرمٌ صغيرٌ
وفيك انطوىَ العالم الأكبر؟
هذا كلام عميق حقاً عندما نتبصّر في الوجود. في ذلك الفضاء اللامحدود من حولنا، ثم مع خلجة قلب أو شعور بألم... ننكفئ على ذاتنا فنشعر كم نحن ضعفاء قليلو الحيلة. الإنسان، ذلك المخلوق الموصوف بالعاقل ينجز كل سنة ابتكارات ما كانت في البال، بل يُقال إن ما تستنبطه البشرية مع كل عقد من الزمن يفوق كل ما استُنبط في القرون السابقة. ولكن، في المقابل، نراه نفسه يقف عاجزاً أمام فيروس غامض، أو انقسام خلوي عشوائي، أو جلطة دموية تسدّ شرياناً حيوياً في قلبه أو دماغه فيموت أو يُصاب بالشلل.
كل واحد منا، مهما علا شأنه، يظلّ خلية متناهية في الصغر مقارنةً بالعالم الوسيع والوجود الأوسع. ولكن، في الوقت عينه، أجسادنا المهدّدة دوماً بالعجز والفناء هي أيضاً فضاءات لا تُحد لمليارات الخلايا والجُزيئات التي تتشكّل منها أو تتموضع فيها.
هذه الأفكار ساورتني أمام فجيعة الزلزال الكارثي في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا. وهو، وإن لم يفاجئ مَن يعرفون تاريخ المنطقة الجيولوجي وتجاربها مع الهزات الأرضية الكبرى، أكّدت المؤكد صوره المأساوية المنقولة عبر وسائل الإعلام والتواصل ساعةً بساعة، بل لحظةً بلحظة.
لقد أكد الزلزال ضعف الإنسان أمام جبروت الطبيعة، وعجزه عن استنفار قدراته في وجه القدر. لكنَّه أبرز أيضاً تفاني أناس أبطال اضطلعوا بمهام الإنقاذ والإسعاف والمعالجة في ظروف استثنائية بالغة القسوة. هؤلاء يستحقون الإكبار والإعجاب، ولا سيَّما، الذين لم ييأسوا أو يفقدوا الأمل مع مرور الساعات ثقيلةً أمام ركام أبنية لم تقوَ على الصمود كان يتلاشى معه أنين المنكوبين ونحيب المكلومين. وبالتالي، فما أنجزته فرق الإنقاذ والإسعاف بعملها المضني لسحب أحياء من ركام الأبنية المدمّرة، حتى بعد 6 أيام من وقوع الكارثة، يسجّل لها بفخر حقاً.
من ناحية أخرى، يعد زلزال تركيا وسوريا الأخير، البالغة قوته نحو 7.8 على مقياس ريختر، من أقوى الزلازل في تاريخ العالم الحديث، وحتماً في تاريخ المنطقة لقرون. وعلينا تذكر حقيقتين مهمتين في هذا السياق:
الأولى، أن نسبة عالية جداً من الضحايا سقطت في انهيار ابنية إسمنتية متعدّدة الطبقات، وبالتالي تعيش فيها العديد من العائلات، بعكس حال الزلازل التي تقع في مناطق ريفية بيوتها طينية أو خشبية صغيرة الحجم، ما يقلل حجم الخسائر وصعوبة انتشال المصابين العالقين.
والثانية، أنَّ الزلزال وقع في منطقة تحوي تقاطع فوالق وصدوع انهدامية بين «الأنشط زلزالياً» في العالم. وما يعرفه العلماء عنها، ويرصدونه على الدوام، حركة الصفائح الأرضية والفوالق الخطرة التي شهدت عشرات الزلازل الكبرى على امتداد الشرق الأوسط، من إيران (وفيها جنوب شرق الصفيحة الأوراسية) شرقاً، إلى تركيا (حيث صفيحة الأناضول) واليونان غرباً... وامتداداً إلى إيطاليا حيث تتلاقى الزلازل والبراكين، ومن ثم، نجد شمال الصفيحة الأفريقية، وفيه تونس والجزائر والمغرب.
الحقيقة أن منطقة شرق المتوسط العربية (سوريا ولبنان وفلسطين) أرض احتكاك (أو تصادم) الصفيحتين العربية والأفريقية. وتمر عبرها «الحفرة الانهدامية الكبرى» الممتدة من شمال غرب سوريا، حيث منخفض الغاب، فسهل البقاع اللبناني، ثم غور الأردن والبحر الميت، فخليج العقبة ومنه البحر الأحمر، وصولاً إلى مثلث منخفض الدناقل (جنوب شرق إريتريا وشرق إثيوبيا وغرب الصومال). ومن هناك تتفرع «الحفرة» (أو الصدع) إلى فرعين في الهضبة الإثيوبية، أحدهما يتجه جنوباً، والثاني نحو الجنوب الغربي فالجنوب، ليُنتج عدداً من البحيرات (أكبرها تنجانيقا ونياسا)... وأيضاً الجبال الشاهقة في غرب كينيا وتنزانيا وشرق الكونغو، التي عليها تربض دولتا رواندا وبوروندي.
هذا هو الواقع الجيولوجي والزلزالي للمنطقة. وهو يفرض علينا، كما فرض من قبلنا على اليابانيين والإيرانيين وسكان ولاية كاليفورنيا الأميركية وغيرهم... التأقلم مع الزلازل علمياً ونفسياً ومعمارياً.
شخصياً ما زلت أذكر جيداً زلزال 16 مارس (آذار) 1956 في لبنان. يومذاك كنت طفلاً في السادسة من عمري، وتقيم العائلة في شقتنا بضواحي بيروت الجنوبية. وكانت البناية ذات الطوابق الأربعة حيث نقيم الأكبر والأعلى في المنطقة.
يومذاك كانت الضواحي الجنوبية لبيروت مجموعة من القرى الصغيرة التي تفصل بينها البساتين والحقول. وعندما ضرب الزلزال ودبَّ الهلع في البناية والشارع... ركضْنا إلى أقرب بستان عبر الشارع. ولكن، ما إن اطمأننا على أنفسنا سمعنا أن البؤرة الزلزالية كانت مسقط رأسي منطقة الشوف. وهكذا قلقنا لساعات قبل أن نعرف عبر الأقارب أن بلدتي نجت من الأسوأ، في حين سقط قتلى ومصابون كثر في الشوف، منهم قتلى في قريتين مجاورتين لبلدتي.
في أي حال، شهدت منطقة الشوف - بل معظم الجزء الجنوبي من جبل لبنان - تصدّعات واسعة للأبنية، واستمرت لعدة سنوات ورش بناء وترميم حملت تغيّراً كاملاً في ثقافة المعمار، بعضها - لسوء الحظ - لم يكن للأفضل؛ إذ زحف الإسمنت المسلح على القرى والبلدات، وتقلَّص عدد الأسقف القرميدية الحمراء الجميلة، وطويت صفحة الجدران السميكة العازلة باستخدام الطين (الكلّين)، وكذلك اختفت السقوف الطينية العازلة أيضاً والمحمولة على الجذوع الشجرية والأخشاب.
راهناً، وسط الخوف المفهوم من وقوع الزلازل، أعتقد أنه لا مفر من اعتماد أولويات معمارية ومقاربات علمية جديدة لبناء المدن في بيئات تتقلص فيها رقعة الأرياف لصالح النمو المدني. فالنمو المدني غدا أمراً محسوماً لا عودة عنه. ولذا، لا خيار أمام ساستنا غير الاستفادة من الخبرات التخصصية في «الدول الزلزالية» التي نجحت، بفضل الأنظمة والضوابط والتقنيات الحديثة والمستقبلية، في تقليص خطر كوارث الزلازل.
وهنا أختم بتذكّر هزة كبيرة حدثت في العاصمة اليابانية طوكيو، حيث كنت أتناول العشاء في أحد الطوابق العليا من فندقي مع مجموعة من الأصدقاء اليابانيين.
الهزّة جاءت قوية بعض الشيء، لكن ما فاجأني كان قلة اكتراث أصدقائي. ولما سألت أحدهم عن المكان الذي يظنُّ أنَّه بؤرة الهزة، أجاب باسماً: «ليس بعيداً... لعلَّه هنا في خليج طوكيو»... وعاد إلى الأكل.
حبذا لو نتعلَّم منهم، بدلاً من تبادل اللوم والترويج للأضاليل والذعر.
مانشستر يونايتد يخطط لجولة آسيوية بعد نهاية الموسم
سيناريوهات ثلاثة للصراع التركي- الإسرائيلي في سوريا .. ما هي؟
تدريب عسكري سعودي على منظومة ثاد الأميركية
الدفاع المدني يخمد حريق مصنع فيه مشتقات نفطية وأسطوانات غاز بالقطرانة
برشلونة يحقق إيرادات قياسية في دوري الأبطال
نائب رئيس مجلس النواب:تحركات أردنية مصرية فرنسية لوقف حرب غزة
صلح مفاجئ بين مادونا وإلتون جون
الملك يؤكد أهمية الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط
تجميد الجسد بعد الوفاة .. رهان علمي مثير للجدل
مقارنة بين الجيش المصري والاحتلال الإسرائيلي .. أرقام
الإعلام الروسي يكشف تفاصيل عن حياة ماهر الشرع في روسيا
روسيا ترحب بمحادثات أميركية مرتقبة مع إيران
فيدان:نتوقع من العراق محاربة العمال الكردستاني كما حارب داعش
بينها الأردن .. السعودية تقيّد إصدار التأشيرات لـ14 دولة
محل أحذية في مادبا:أسعارنا أرخص من إيدي كوهين
احتراق مركبة في منطقة عبدون بالعاصمة عمان
طاهر المصري يخرج عن صمته ويطلق نداءً مدوياً وغير مسبوقٍ
فيصل القاسم: الأسد كان محقًا وتصريحه صائب ..
تصدرت الأخبار .. من هي ابتهال أبو سعد وماذا فعلت .. فيديو
بسبب الاشتعال المفاجئ .. تحذير لأصحاب سيارات فورد
10 محطات شحن كهربائي مجاناً في عمّان .. أسماء
توضيح بشأن الفاقد الكهربائي بسبب السرقة
الحالة الجوية المتوقعة للأيام الثلاثة القادمة
موجة خماسينية تضرب المملكة بهذا الموعد .. تفاصيل