حدثني صديقي فقال

mainThumb

31-01-2023 10:07 AM

حدثني صديقي فقال: ذات ضحى ربيعي شمسه ساطعة ترسل اشعتها الدافئة فوق السهول والسفوح، شاهدت مجموعة من النساء كبيرات السن في الحي قد اجتمعن على دمنة يغطيها نبات الخبيزة بكثافة ... كان المكان دمنة -أي مكب نفايات القرية الذي كان معظمه يأتي من زرائب القرية فأصبحت التربة هناك خصبة فنبت فيها نبات الخبيزة بغزارة . كان المكان ملتقى العجائز بمثابة مقر وكالة انباء ليس انباء ما جرى في النهار فحسب بل انباء جرى في الليل وتحت اللحاف. ذاك الجمع كان محفلا شيطانيا يوحى فيه زخرف القول والكيد والدس والنميمة !
لمحت جدتي لأمي بينهن فأسرعت الى المكان وجلست بجانب جدتي استمع حكايات العجائز: حدثت عجوز فقالت: اما علمتن بما جرى مع الناعسة بنت هملان !
قالت عجوز : العلوم عندك يا ام العلوم : هات اتحفينا :
قالت : لقد طلقها زوجها لكن القاضي نصحه الا يطلقها اذا كان السبب هو خلافها مع والدته وقال له : قم بواجبك نحو امك دون تكليف زوجتك بذلك!
قالت عجوز أخرى : أنا اعرف الناعسة لئيمة ليس في قلبها شفقة فكثيرا ما تحرم ام زوجها من الطعام وخاصة عندما تطهو اللحم فهي لا تقدم ٍ لها منه شيئا ...
قالت عجوز أخرى: انت ذكرتني بحكاية مشابهة لهذه الحكاية : يحكى ان شابا كان بارا بأمه وكان يطلب من زوجته ان تأخذ شيئا من الطعام الى والدته في بيتها الذي لا يبعد كثيرا عن مسكن الشاب : كانت الزوجة تضع طبقا من الطعام فيه قطعة لحم كبيرة وتحمل صينية الطعام على رأسها وتمشي نحو بيت أم زوجها لكن اثناء سيرها يخر صقر من السماء ويختطف قطعة اللحم ... تكررت الحكاية ثلاث مرات .. وفي المرة الرابعة سالت الحماة كنتها: الا تطبخون اللحم يا بنيتي؟ لم لا تحضرين لي اللحم!
شعرت الكنة بالحرج لكنها قالت :" انا رأيت من امرك عجبا يا امي ، انا كل مرة أحضر لك قطعة لحم قد طهيت جيدا لكن طيرا يخر من السماء فيختطف اللحم ... وقد تكرر الامر كثيرا!
اخذت العجوز تنشج باكية ... قائلة :"استغفر الله ... استغفر الله لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ... يا بنيتي : انا استحق ان احرم من اللحم، لقد كنت أحرم حماتي ام زوجي من اللحم عندما كنت شابة في عمرك ، فكما تدين تدان! "
اخذت العجائز يتسابقن في سرد حكايات مشابهة كلها تدور حول الوالدين .. لكن ما رسخ في ذهني حكاية ابن شوهد يسحل اباه بحبل في الطرقات – ربط الابن قدمي أبيهه وجره بقوة فوق طريق مرصوف بالحجارة البارز أطرافها من الأرض فكان راس الشايب يرتطم بالحجارة فيسيل الدم غزيرا والأب يكابد الالام وكلما ارتطم بصخرة كان يصيح :" وجبت ... وجبت" كانت المسار صعبا وعرا فيه الاشواك والصخور حتى انتهى الى صخرة شاهقة فقال الرجل :" يكفي يا بني.... يكفي توقف عند هذه الصخرة .".. فسال الابن غاضبا: "لماذا يكفي؟" ولما كنت تقول وجبت؟
اجاب الاب: انا قد سحلت والدي الى هذه النقطة! وجبت لاني تذكرت ما فعلت بوالدي! وغدا سيسحلك ابنك، أيضا!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد