الثقافة المادية
أن ثقافة الأفراد والمجتمعات تُبنى في الأصل على المبادئ العامة التي تم اكتسابها بطريقة التعلم المباشر أو غير المباشر، وأن القاعدة الفكرية المبدئية التي تعلمها وتربى عليها الفرد هي التي تشكل المشاعر لديه، وبالتالي تُترجم هذه المشاعر في الدماغ على شكل أفكار مختلفة تنعكس بطريقة ما على هيئة سلوكيات مختلفة تُعَبِر عن مكنونات نفس الفرد ومبادئه، فمهما حاول الفرد إخفاء أفكاره إلا أنها وكما قال المثل "الطبع يغلب التطبع" لا بد أن تظهر جلية وواضحة على سلوكيات الأفراد المختلفين.
وكما أن للجانب الروحي والمثالي دورٌ في تركيب شخصية الأفراد وثقافاتهم فإن للجانب المادي أيضاً دور في ذلك، فالناس معلقون ومرتبطون بحاجات ومصالح متبادلة مختلفة المستويات فيما بينهم، وهذا من طبيعة خلقهم وحياتهم ومعاشهم على سطح الكرة الأرضية، فالجانب المادي ذو الأوجه والأشكال المختلفة هو جزء من تكوين شخصية الفرد وثقافته، حيث أن توازن هذه الجوانب هو الأصل في بناء الشخصية الإنسانية بمكوناتها الفكرية والسلوكية المتباينة.
فكما احتاج الإنسان منذ بدء الخليقة للجانب الروحي والمتمثل بالعبادة والبحث عن الخالق المدبر لإشباع غريزة التدين والعبادة لديه، احتاج البشر أيضاً إلى الجانب المادي لتدبير أمور حياته المعاشية فظهر مفهوم المقايضة بالسلع والابداع في صنع الأدوات التي سهلت عليهم استعمار الأرض والتعايش مع الآخرين والتعامل مع البيئة بمعطياتها ومشاكلها المختلفة، وثم تحول الإنسان بعد ذلك من مستخدم للأمور المادية فقط إلى مبدع لها يأخذ أجراً مقابل قيامه بالعمل; ليصبح الجانب المادي أداةً لتحقيق المنفعة الذاتية والتي فضَّلت بعض الناس عن البعض الآخر وخاصة مع ظهور مفهوم المِلْكِيَاتِ الخاصة التي أصبحت تميز الأفراد أصحاب السلطة أو أصحاب الأملاك الكبيرة والثروات عن غيرهم.
وبما أن حب التملك هو أحد الغرائز التي وجِدَت لدى الفرد منذ نشأته، سعى الإنسان لإشباع هذه الغريزة بطرق عدة ومختلفة، وقد نظمت الشرائع السماوية هذا الأمر بشكل يضمن تحقيق التوازن ما بين الجانبين الروحي والمادي للنفس البشرية فعززت طرق الكسب والإنفاق المشروعة وحرمت طرقاً ووسائل أخرى، وقد وضح الإسلام هذه الطرق وبيَّنَ ما يحل منها وما يًحرُم.
إلا أن حب التملك والنفعية المحضة الذي غلب على جوانب شخصية العديد من الناس أدى إلى الإنحراف بهم عن الطبع السوي فظهرت أشكال العبودية والإقطاع والرأسمالية المقيتة والتي كرست الفقر والطبقية والاستقصاء عند البعض وزادت من ثروات الأغنياء، ومع ضعف الوازع الديني الذي يوازن ما بين جانبي شخصية الإنسان، وإرتفاع مستوى الجانب المادي تفاقمت الأفكار المادية وشاعت وتغلبت على العديد من الأفراد والمجتمعات حتى أصبحت تمثل ثقافة لديهم، فأصبح الفرد يسلك كل أشكال السلوك التي تحقق منفعته الذاتية المجردة فقط من دون النظر إلى الاعتبارات الاخرى المختلفة، وأصبح سلوك التملك وجمع الثروات غاية تبرر وسيلة ذلك; مع أن الشرائع السماوية والدين الإسلامي خصوصاً قد جعل للفقير الحق في ثروة الأغنياء من باب تحقيق مفهوم التكافل ونيل الأجر ولم يجعل طريق الغاية لأي وسيلة سوى المشروعة منها.
ومن هنا فإن ثقافة الأفراد التي تتسم بتحقيق التوازن ما بين جانبي الشخصية تحقق التوازن في المجتمع وتسهم في إنتاج القواعد الفكرية السليمة والمدنية الفاعلة والايجابية، أما في حال غلبة القواعد المادية على شخصية الفرد فإن ثقافته تصبح مادية نفعية مما يقزم مفهوم الثقافة العامة ويحصره في تحقيق المنفعة الذاتية المجردة فقط، ويطغى السلوك المادي على الأفراد وهو سلوك يميل في الغالب إلى الأنانية ومحدودية الأهداف بل وتمحورها حول الذات والمنفعة، كما هو الحال الآن في العالم في ظل طغيان المفاهيم الرأسمالية على الأفكار والسلوك العام وتشكيل ثقافة عامة زاد فيها الفقر وكثرت الكوارث والمعضلات في العالم وغاب العدل وتفشى الفساد نتيجة لهذه الثقافة المادية، ولا شك أن هذا الخلل والاضطراب يعود وعدم التوازن يعود في الغالب لأن سلوك أصحاب هذه الثقافة مرتبط عضوياً مع فكرهم المادي الذي يدعوا إلى تضخيم رأس المال بشتى الطرق على حساب كل الجوانب الإنسانية والروحية في كافة المجالات المختلفة.
وحتماً فإن شيوع الثقافة المادية والسلوكيات المستمدة منها ما بين الأفراد وفي المجتمعات المختلفة وتغلبها على مفهوم التوازن الروحي المادي يسهم في خراب هذه المجتمعات وضياع منجزاتها، وما قصة أثينا واسبارطة ببعيدة عن الأذهان، فالميل إلى الشكل المادي من الأفكار والتي تشكل ثقافة وينتج عنها سلوك مادي ينتشر بين الأفراد لايصنع حضارة وديمومة، بينما تصنع الثقافة المبنية على الفكر السليم والتوازن المنجزات وتحافظ عليها مع الزمن وإن نهوض الأمم لايكون إلا بما تملكه من أفكار صالحة قابلة للنطبيق الفعلي.
قاتل ثلاثيني في الرمثا بقبضة الأمن
مذكرة تفاهم بين عمان الأهلية وكلية الزهراء للبنات
بسبب أربيل يهود .. الاحتلال يمنع عودة سكان شمال غزة
لبنان .. شهداء وإصابات بنيران إسرائيلية أثناء العودة إلى الجنوب
مهم من التعليم العالي بشأن القبول الموحد
الحمدان مطلوب لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي
البلقاء التطبيقية الأولى محلياً بتصنيف التايمز بالعلوم الفيزيائية 2025
تصريحات ترمب:انتهاك للحقوق الفلسطينية وتهديد للسلام الدولي
رويترز:ترامب يلغي قرار بايدن ويأمر بتزويد إسرائيل بقنابل زنة 2000 رطل
تفاصيل جديدة عن حرق زوجة لزوجها في الكمالية
أردنيون مطلوبون للقضاء .. أسماء
محافظ البلقاء يستدعي بائع هواء السلط .. فيديو
القضاء يبرئ د. بني سلامة من قضية رفعها محامي اليرموك
الأردن .. إطلاق المرحلة الثانية للتعرفة الكهربائية المرتبطة بالزمن
دعوة للمكلفين بضريبة الأبنية والأراضي ومالكي العقارات
الملكة رانيا:الاثنين غاليين على قلبي بس الجاي أغلى
هل يوم الإسراء والمعراج عطلة رسمية في الأردن
رقم مهول .. أعلى وأدنى راتب تقاعدي في الأردن
تخفيضات في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية .. رابط
غزيون يرفعون لافتة كتب عليها "الأردن منا ونحن منهم"
أسماء رموز لوحات المركبات في الأردن
بشرى سارة لأهالي محافظة المفرق
لأول مرة في تاريخها .. بلدية أردنية تحقق إيرادات ضخمة