تعلمت من والدي

mainThumb

08-01-2023 12:10 PM

كان ابي رحمه الله محبا للتعلم والتعليم، عرفت منه انه تيتَم عندما كان في العاشرة من عمره، وانه كان يجلس الى جوار والده وهو يموت، طلبت منه امه ان يجلس الى جوار والده ويقرأ سورة يس من القران الكريم، فقد عرفت ان ابنها يستطيع اما هي فلا، قال والدي وهو يروي لي القصة انه أخطأ في القراءة فصححه والده بينما كان على فراش الموت، ثم انتقل ابوه الى خالقه.. انتهت قصة والد الوالد هنا، ثم انتقل لما بعدها ليقول لي بان الفقر تلك اليام دفعه ان يعيش بجوار امه التي ترملت صغيرة فكانت ترتزق من بيع الزيت وخلافه من منتجاتهم بطريقة صعبة لا اعتقد بان أي من امهاتنا او حتى منا يتحمل ذلك الأسلوب من التجارة هذه الايام.
وخوفا على تنقل امه بالأحمال وفي الظروف القاسية قرر ان يبحث هو عن عمل وهو لا زال صغيرا يافعا فوجد، عمل مساعدا لآذن في مدرسة بالقدس الشريف، ويبدو انهم بالمدرسة شغلوه في عمل غريب رأفة بأوضاعه وأوضاع امه، فهل هناك وظيفة في أي مدرسة على الأرض اسمها مساعد آذن؟
لأنه كان ذكيا فقد قرر ان يستفيد من عمله في مدرسة كبيرة بان يدرس، وهكذا كان، قال لي بانه كان يتردد بين استراق السمع تحت شبابيك الصفوف او الجلوس مع الطلاب ان سمح الأستاذ له بذلك، وأصبح بذلك متعلما، فما تعلمه في مدرسة القرية وهو طفل صغير كمله بمعلومات أخرى من المدرسة التي عمل بها فاصبح بذلك متقن للقراءة وعليه ان يكمل المشوار وحده بعد ذلك.
قالت له امه مرة وهو يعمل (نفسي يا ولدي ان آكل بطيخ وقد سمعت انه الان يباع في السوق ولكنى لا املك ثمنا لبطيخه)، قال والدي كنت يومها قد اخذت الراتب الذي كان بضع قروش، مررت في السوق في القدس وكان فيه بطيخ فعلا، ولم أفكر في الامر كثيرا مع ان الامر يعني انني ان صرفت مبلغا في شراء البطيخة ودفعت اجرة المواصلات التي سأستعملها عودة للبلد فان ذلك يعني ان لا اعود بمبلغ يصلح للاستخدام بقية القادم من الأيام ولي في البيت ام واختين اعمل لأسد بعضا من احتياجات حياتهم، فقد اشتريت البطيخة وحملتها على كتفي ومشيت الى بيتنا ووضعت بجوارها البطيخة.
مشيت لمسافة حوالي عشرين كيلو متر حاملا البطيخة للوالدة التي كانت تبيع الزيت وتمشي لمسافة أكثر من ذلك وتعود لي بحاجات كنت قد طلبتها منها وانا طفل، ومنت انقل اليها طلباتي التي كنت اراها مع اترابي وليس لأني اعرف كنهها فاطلبها.
هناك تعلمت ان ما قاله احد الشعراء يفسر تماما ما قمت به، فقد قال ذلك الشاعر يوما:
ان الرجولة ان تعيش على الظمأ ليس الرجولة ان تعب الماء
اذ اني لم اكن افهم لما كنت طفلا حينها ان الصبر على العطش اهم واقوى كثيرا من القدرة على شرب الماء بنهم غير المكترث بالعطشى الكثيرون حوله، وقد تأكدت من صحة هذا الدرس عندما تعلمت بعدها ان الصبر مفتاح الفرج.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد