مرافعة البشير .. عريضة إتهام البرهان !!
لخص البشير أوضاع البلاد في عهد التعددية الثالثة في ثلاث صور، في الأولى أبان أن أربع سنوات من حكم الأحزاب لم يتم خلالها إنجاز أي مشروع تنموي سوى "كبري السنجكاية"، فطفق الناس يبحثون في الشبكة العنكبوتية عن هذا الإنجاز وإذا به معبرٌ على ممر موسمي للمياه (خور) لا يتعدى طوله بضعة أمتار، وقيل أنه انهار بعد وقت غير بعيد من افتتاحه، وربما أعادت الإنقاذ تشييده. وفي الثانية أبان أن تشاكس الأحزاب وصراعاتها هو الذي أدى لعجزها عن أن تقدم شيئاً للناخبين في أي مجال من مجالات الخدمات الضرورية والبنى التحتية والحقوق الأساسية. وفي الثالثة استدعى من ذاكرة التاريخ المذكرة الأشهر في تاريخ القوات المسلحة والمقدمة في العشرين من فبراير 1989 لرئيس مجلس رأس الدولة ولرئيس الوزراء المنتخب، والتي يشكو فيها الجيش حاله، ويبرز المخاطر التي تتهدد الأمن القومي ووحدة وسلامة أراضي البلاد، جراء الحصار الشامل غير المعلن من المعسكرين الغربي والشرقي على السواء، وتواطؤ دول الجوار رهبة ورغبة مع ذلك الحصار، فكانت تلك المذكرة وكأنها تجسد ما هو حادث اليوم !!
من يتأمل في مرافعة البشير، ويستدعي وقائع التاريخ، يجد أن الغرب الذي يزعُم تشجيع الديمقراطية وحمايتها، هو أول من خذل تجربة التعددية الثالثة في السودان وجعل حكومات الصادق المهدي تدور في حلقة مفرغة وتعجز عن الوفاء بأساسيات واجباتها، وحماية أمن البلاد القومي، إذ لم يكتف الغرب بوقف العون التنموي عن السودان فحسب وإنما مضى أكثر من ذلك بتجفيف العون العسكري من الذخائر والمهمات التي كانت تأتي للقوات المسلحة من دول "صديقة" محسوبة على المعسكر الغربي في زمن الحرب الباردة، وهو يعرف – الغرب - أن جيش التمرد يتم تمكينه من كل احتياجاته التموينية ومن الإمداد بالأسلحة والذخائر والمهمات التي تتدفق عليه من دول حلف عدن (اليمن الجنوبي وأثيوبيا وليبيا) المحسوبة على المعسكر الشرقي !!
ومن يستمع إلى مرافعة البشير، ويعقد المقارنات بين ما كانت تفعله الدول الغربية (أمريكا وأوروبا العجوز) في عهد الحكومة المنتخبة ديمقراطياً وقتها، وبين ما تفعله الآن في عهد "الثورة" التي يزعمون الحرص على دعمها وحمايتها، يكتشف أن آخر ما تفكر به الدول الغربية، هو مساعدة السودانيين لكي يجعلوا من بلدهم آمناً ومزدهراً وديمقراطياً، فالغرب يحرص على أن تظل بؤر التمرد قائمة، وجيوشه تصلها مختلف أنواع الإمداد بواسطة منظمات الإغاثة الغربية، وقادته ترعاهم دولٌ جارة، لكي يتم استخدامه – التمرد – في الوقت المناسب لتحقيق الأهداف الحقيقة للأجندة الغربية. ومن أبرز الأجندة الغربية التي لم تعد تخفى على أحد هو تفكيك الجيش السوداني، وإعادة هيكلته، بعد أن عجزوا عن هزيمته عسكرياً، وإحلال جيوش التمرد مكانه، كما حدث في كل دول الجوار السوداني ما عدا مصر !!
المشهد الذي رسمه البشير في مرافعته بالأمس لأوضاع ما قبل قيام الإنقاذ، والذي دفع القوات المسلحة على مستوى قيادتها، أن تقدم مذكرتها لرئيس الوزراء المنتخب، في فبراير 1989، وأن تأخذ على عاتقها مهمة الجهر بالشكوى والتحرك وفق ما يقتضيه واجبها الدستوري، والذي دفع البشير وآخرين من ضباط القوات المسلحة أن ينهضوا بما يعتقدون أنه واجبهم تجاه وطنهم، حين رأوا أن القيادة السياسية تباطأت في البدء باتخاذ ما يلزم من خطوات، هو ذات المشهد الذي يتجسد اليوم بعد أربع سنوات من استيلاء القوات المسلحة على السلطة، وانحيازها لما أسمته "ثورة شعبية"، بل لعل الحال الآن أسوأ بكثير مما كان، فالبلاد باتت مهددة في وجودها، والأمان الشخصي للناس يكاد يكون معدوماً ونسبة الفقر والحرمان تخطت ال (90%)، والسودان في حالة عزلة ومقاطعة دولية وإقليمية، والسفارات والمنظمات تسرح في أرض الوطن وتستبيحها كيف تشاء.
المفارقة الوحيدة بين تجربتي إستيلاء الجيش على السلطة – ويا لها من مفارقة - هي أن العميد عمر حسن ورفاقه، وبمجرد استيلائهم على السلطة، بدأوا بأنفسهم حواراً جاداً مع كل القوى السياسية بما في ذلك الأحزاب التي كانت حاكمة، لمخاطبة قضايا السودان المزمنة، وعقدوا في عامهم الأول أكثر من عشر مؤتمرات جامعة ناقشت قضايا السلام والسياسة والاقتصاد ونظام الحكم وحرية الإعلام وقضايا المرأة، وغيرها، وجعلوا مما اتفق عليه المشاركون في تلك المؤتمرات، وكانوا من نخب متنوعة، برنامجاً للحكم، بدأوا فوراً في تطبيقه ولاحقاً في تطويره، وفي ذات الوقت بدأوا خطة لتطوير القوات المسلحة وتسليحها وتمكينها من القدرات التي تؤهلها لحفظ الأمن القومي وتجعل مهمة الطامعين في الوصول إلى السلطة عن طريق التمرد المسلح مهمة عسيرة. أما الآن، وقد مضت أربع سنوات على حكم البرهان ورفاقه، فالقوات المسلحة أوكلت مهمة إدارة البلاد إلى ناشطين وتركت مهمة جمع القوى السياسية على طاولات الحوار إلى بعثة متآمرين تقرر هي في مَن يحق له المشاركة في الحوار من عدمه؛ وكأني بقيادتها تصبح جزءاً من أدوات المخطط الغربي للعبث بالجيش وبمستقبل الوطن كله !!
لو كنت محل الفريق أول البرهان، وهو لا شك يدرك حجم المخاطر التي تُحدق الآن بالوطن وتهدد بقاءه، لجعلت من مرافعة المشير عمر البشيرإنعطافة كاملة في مسار الإنتقال الراهن، ولطردت مني نوازع الخوف وأقبلت إقبال المقاتلين والضباط العظام، على البدء في تصحيح المواقف الخاطئة التي أرتكبت في حق الوطن وشعبه وقواته المسلحة منذ أبريل 2019، وأولها هو عدم الإنخراط الجدي في عملية التحول الديمقراطي الذي يتطلع له السودانيون والتقاعس عن إدارة حوار شامل وعميق بين مختلف القوى السياسية للإتفاق على متطلبات تهيئة البلاد إلى إجراء انتخابات حرة وذات مصداقية ونتائجها محل رضى الجميع.
أما إذا بقي الحال على ما هو عليه الآن، من تسليم مقاليد السياسة في البلد إلى وكلاء الاستعمارالحديث وربائبه، والسماح لمجموعة سياسية محدودة غير منتخبة باختطاف المشهد وممارسة "الأبارتايد السياسي"، والابتزاز والمتاجرة بأرواح الأبرياء من شباب السودان، في وقت بلغ فيه الخوف والجوع مداهما، فلا شك عندي أن لعنة التاريخ ستلحق بالبرهان عاجلاً غير آجل، وسيكون هو القائد الذي باع جيشه وأسلم مقاليد وطنه لأعدائه، وستصبح الحيثيات التي حوتها مذكرة القوات المسلحة في فبراير 1989 هي ذاتها عريضة الإتهام التي سيحاكمه بها التاريخ.
رئيس الوزراء يؤكد دعم مشاريع معان التنموية .. تفاصيل
الجمارك: لا رسوم على الأثاث للمواطنين السوريين
مستشفى الزرقاء يقدم خدماته لنحو 2 مليون مواطن
الأردن الأول عربياً و20 عالمياً في الأمن السيبراني
128 طنا استهلاك السوق القطري من التمور الأردنية في 2024
كشف تفاصيل ضبط اللحوم منتهية الصلاحية وتحويل أشخاص للنائب العام
حسان يرعى احتفالات يوم الشجرة ويفتتح مركز الخدمات الحكومي
الموافقة على إنشاء كلية مأدبا الجامعية التقنية بمكرمة ملكية
وزيرة البريطانية تقدم استقالتها بسبب شبهات فساد
البنك المركزي يطرح سندات خزينة بقيمة 150 مليون دينار
كم بلغ سعر الذهب في السوق المحلي الأربعاء
1229 شكوى بالأخطاء الطبية: 50% منها مثبتة
الأردن .. دعوة لأصحاب فواتير المياه المرتفعة
أطالب بعدم زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين
موعد عودة أسعار الدواجن إلى معدلاتها الطبيعية
هام للمتقاعدين العسكريين بخصوص القروض .. تفاصيل
هام بخصوص إعلان نتائج التوجيهي التكميلي
إحالة مدير بلغ الستين للتقاعد وتعيين جديد 65 عامًا براتب 6 آلاف دينار
ياسمين صبري تقلد جورجينا بإطلالة استفزت الجمهور .. صورة
وزير الزراعة يفجّر مفاجأة بخصوص أسعار الدجاج
أسباب ارتفاع شراء الشقق في الأردن
لا تصاريح عمل لهذه الفئة إلا بعد موافقة الداخلية
العرموطي: ابن رئيس وزراء أردني أسبق معتقل .. من هو؟
فصل الذكور والإناث في باصات دمشق وإدلب وحلب وحمص