كثرة الحلف بالطلاق بين القصد والمنع

mainThumb

08-12-2022 05:28 PM

عادة اجتماعية قبيحة، ربما تكون قديمة، إلا أنها منتشرة بالمجتمع، تهدد الحياة الزوجية، وتستهين بالرباط المقدس، وتستهتر بالأسرة؛ التي تعد اللبنة الأساسية لبناء المجتمع، مما يعرضها للانهيار والدمار، بل هي عادة ذميمة تنتهك حق الله !! وهنا أتساءل هل كثرة الحلف بالطلاق أصبح ظاهرة مجتمعية ؟ أم أنه عادة ذميمة يمكن تغييرها ؟

ولما كان الطلاق آية من آيات الله، فقد أباحت الشريعة الإسلامية الطلاق ولم تحرمه؛ لحاجة الرجل والمرأة إليه في كثير من الأوقات، ولكنها جعلته أبغض الحلال إلى الله عز وجل؛ لذلك اتخذت الشريعة التدابير الواقية من الوقوع فيه، ومن أجل هذا جعلَته في أضيَق الحدود، ونهاية المطاف بعد محاولة التوفيق والإصلاح .

في حقيقة الأمر، إن ما يقوم به البعض من كثرة الحلف بالطلاق، سيما الحلف على أمور لا قيمة لها (تافهة) وتغليظ الأيمان فيها، ما هو إلا استهتاراً وجهلاً بل واستهزاءً بالأحكام الشرعية، وهو مخالف لقوله تعالى (وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم)، ومخالف أيضاً لقوله تعالى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ}.

في الواقع، إن البعض جعلوا الحلف بالطلاق على ألسنتهم نوع من القسم، وهم جاهلون أو متجاهلون الآثار المترتبة عليه، فعبارة «عليّ الطلاق» أن تفعلي كذا وكذا تعني بوضوح ودون أدنى شك «أن زوجتي طالق إن لم تفعل الأمر، وهنا تبدأ المشكلة؛ لبحث الرجل في النهاية عن ملاذ ينقذه من وقوع الطلاق بطريقة فعلية. والمشكلة الأدهى أن بعضهم يتساهل في البحث والتحري فلا يسأل أهل الاختصاص، وربما أصبح لا يعلم عدد المرات التي حلف فيها، ولا كيفية الحلف، واستمرفي علاقته الزوجية دون اكتراث لحلال أو حرام .

ومن المؤسف، أن البعض جعل من الحلف بالطلاق ذريعة لقهر الزوجة وإذلالها، أوتهديدها ومنعها من حقوقها، كقول الزوج (علي الطلاق ما بتوصلي أهلك ).. وهنا لا أقول بوقوع الطلاق أم لا؛ لأن في ذلك نظر، وإنما اقصد ما هي الغاية من حلف هذه الأيمان، التي تعني بوضوح إما طلاق الزوجه، أو حرمانها من حقوقها، وفي كلتا الحالتين ظلم وإهانة للزوجة المسلمة التي كرّمها الله .

مما لا شك فيه، إن كثرة الحلف بالطلاق من أخطر العادات التي يمكن أن يعتادها الزوج لما فيها من انتهاك لحقوق الله ، ومخالفة لنصوص الشريعة، وما يترتب على ذلك من هدم البيوت، وتفكيك الأسرة، فالحلف بالطلاق لا يخلو من : حلف اليمين، وضياع الزوجة، وخراب البيت، وتعريض الأولاد للضياع.

لكل ما سبق، لابد من وجود حلول تثقيفية؛ لتوعية الأزواج بالأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة، وكل ما يتعلق بها؛ كأهمية الزواج، وقدسيته، ومخاطر الطلاق، والآثار المترتبة عليه، ومن جهة أخرى، يجب إيجاد الحلول للحيلولة دون التساهل والاستهانة في الحلف بالطلاق وما ينتج عنه من تكرار الأيمان وتراكمها، كما يجب سؤال الجهات المختصة (الافتاء)؛ للحصول على فتوى شرعية تفيد وقوع الطلاق أم لا.

استخلاصاً لما سبق، إن كثرة الحلف بالطلاق بالرغم من كونه حق من حقوق الله التي لا يجوز الحلف بها إلا للضرورة، إلا أن بعض الأزواج يستعمل يمين الطلاق في أمور تدل على اللعب والاستهزاء بالطلاق، جاهلاً كونه حكمًا شرعيًا، لذلك يجب أن تكون الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة في مأمن من التلاعب والاستهزاء والجهل؛ حتى لا يصبح الطلاق ألعوبة يتسلى بها بعض المستهترين بأحكام الله، فيطلق ويرجع دون سبب أو حاجة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد