ثلاثون دقيقة في رحاب الملك - د. محمد صالح المسفر

mainThumb

26-10-2011 09:00 AM

أعرف أن أهل القلم ورجال الإعلام والصحافة في كل مكان منشغلون هذه الأيام بنهاية معمر القذافي وأركان نظامه المستبد، وأنهم يتسابقون لتقديم النصح والمشورة عبر الصحافة عما يجب أن تفعله الثورة الليبية المباركة بعد الإطاحة بدولة معمر القذافي التي استمرت أربعين عاما ونيف. والحق أن هناك زحمة بالغة في هذا الشأن في كل وسائل الإعلام وعلى ذلك آثرت أن ابتعد بضعة أيام عن تناول الشأن الليبي حتى تخف وتختفي نشوة الحديث عن نهاية القذافي والمستقبل الليبي بقيادة ثورة الشعب المباركة

بدعوة كريمة من منتدى شومان الثقافي ومنتدى صحيفة الدستور في عمان ــ الأردن لإلقاء محاضرتين:
الأولى بعنوان "الأردن ومجلس التعاون الخليجي" والثانية بعنوان "العرب إلى أين؟"

في هذا الأسبوع الحافل حدد لي موعد للالتقاء بجلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية في ديوانه العامر، سألت كبير مساعدي الملك بأي هيئة أدخل على سيدنا؟ هل أرتدي " البشت "أم أدخل عليه بلبسي العربي البسيط ؟ أعطاني حرية الاختيار، لكنه أردف قائلا يرتدي سيدنا "بدلة بسيطة" ليست من البدل الرسمية، قررت إذا أن أدخل عليه من دون ارتداء "البشت".


دخلت على جلالة الملك في صحبة أحد رجال التشريفات الملكية، ووجدت جلالته منتصب القامة في وسط قاعة الاستقبال، يحيط به رئيس الديوان الملكي الصديق الدكتور خالد الكركي، وكبير معاوني جلالته لشؤون الإعلام الأستاذ أمجد العضايلة، استقبلني بكل ود واحترام، كعادة الإشراف أشعرني بأنه يعرفني منذ زمن، سألني عن الأهل وحالهم ـــ ذكّرني ذلك الموقف بمقابلة الشهيد صدام حسين رحمه الله ـــ ثم انتقل الحديث إلى هموم الأمة العربية، بدأ برغبة دول مجلس التعاون الخليجي بانضمام المملكة الأردنية الهاشمية إلى عضوية مجلس التعاون، نحن رحبنا بالدعوة ولكن نريد أن تكون عضويتنا في مجلس التعاون بإجماع قادة المجلس، انتابني شعور بأن هناك تحفظات على عضوية الأردن من بعض دول المجلس، وكأن الملك عبدالله الثاني التقط بريق عيناي فراح يؤكد متانة وعمق العلاقات القطرية الأردنية وأننا، قطر والأردن، على وفاق تام ودلل على ذلك تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في القطرين الشقيقين، وكأنه يريد أن يقول إن دولة قطر ليس لها تحفظات على انضمام الأردن إلى عضوية مجلس التعاون كما أشيع بين العامة، لكن هي عادة الملوك لا يبوحون بأسرارهم وهمومهم فلم يوضح من هي الدول الخليجية التي لها رأي في عضوية الأردن لمجلس التعاون، إنها عادة الملوك والأمراء لا يبوحون بأسرارهم وهمومهم إلا لذوي الحظوة العليا.


قلت يا صاحب الجلالة تناولت الصحف الخليجية تخوفات عديدة من انضمام الأردن إلى مجلس التعاون، منها على سبيل المثال انتقال العمالة الأردنية المدربة والمؤهلة إلى الخليج مما يفاقم البطالة بين المواطنين، وكذلك الخشية من انتقال جبروت المخابرات الأردنية إلى الخليج وعجز الموازنة في الأردن الأمر الذي سيؤدي إلى تحمل دول المجلس سد العجز في الموازنة وتحمل عبء المديونية الأمر الذي سيؤثر على رفاهة المواطن الخليجي.


قال جلالته: في شأن العمالة الأردنية كم سيذهب إلى الخليج من الأردنيين؟ وكل من يذهب سيكون بعقد عمل ولن يذهب أحد من دون موافقات جهات الاختصاص في دول الخليج فلماذا الخوف من العمالة الأردنية ؟ وراح جلالته يقول لن نحمل أحدا بأعبائنا المالية ولن تكون حائلا بيننا وبين إخواننا في الخليج العربي أما ما يتعلق بقواتنا ومخابراتنا فسوف تكون في خدمة أمتنا العربية والإسلامية في أي مكان تطلب ولن تكون هذه القوات في مواجهة مواطني أي دولة تستعين بنا، نحن حماة حدود لا حماة شوارع وكل من استعان بنا يعرف تلك القاعدة. لنا تواجد في أفغانستان ولنا تواجد في ليبيا ولنا تواجد في أماكن أخرى لم يسجل على تواجدنا أننا في مواجهة الشعب.


قلت يا صاحب الجلالة الفساد إمبراطورية عالمية ليس من السهل هزيمة هذه الإمبراطورية، لكن بالإمكان الحد من عنفوانها وتقليل مخاطرها ثم القضاء عليها وتثير وسائل الإعلام عندكم أن هناك فسادا مستشريا وفي تقديري أن جلالتكم تستطيعون كنقطة انطلاق نحو الإصلاح بتقديم عدد من المشار إليهم بالبنان بتهمة الفساد والإفساد إلى القضاء النزيه والمستقل ويصدر أحكامه في شأن المتهمين بالفساد والإفساد ولصاحب السيادة الحق في تنفيذ أحكام القضاء أو إصدار عفو عنهم.

 قال: نحن جادون في عملية الإصلاح وقد بدأنا بتعديلات دستورية ونعمل بكل جهودنا للقضاء على الفساد وأوكاره، ومحاربة الفساد ليست وقفا على الحكومة بل حتى الأفراد والمؤسسات عليهم دور يجب أن يؤدوه لخلق دولة ومجتمع خال من الفساد والمفسدين.

آخر القول: تتمة الحوار في الأسبوع المقبل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد