دولة القانون بين الواقع والمأمول

mainThumb

26-10-2022 10:32 PM

الحلقة (١)
دولة القانون، الدولة التي تسمح لمكونات المجتمع المدني من مؤسسات وافراد بالعمل العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمهني، وفق الدستور والقانون ولا تسمح لنفسها أو لغيرها من مؤسسات أو أفراد بالتجاوز عليه، مما يتسبب في تعطيل العدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص، ويعمق الهوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بمؤسساته وافراده، والواجب القانوني والاخلاقي يحتم على الدولة تطبيق القانون على الجميع بدون تحيزٍ أو تمييزٍ في الجنس أو الدين أو الفكر أو التنظيم بين أفراد الشعب ومؤسساته المدنية والتي هي جزء من الدولة، الأمر الذي يؤدي إلى تماسك المجتمع ومؤسساته، وتماسك القوى الوطنية بمختلف اطيافها الأيدولوجية (إسلامي، قومي يساري، شيوعي) وذلك لإلتقاءهم وتطابقهم على هدف المصلحة الوطنية، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
لكن ما يجري في الواقع السياسي بأن الحكومة ومؤسستها المختلفة، تُحيك لبعض الاحزاب والشخصيات المعارضة وتسعى للتدخل في الحياة المدنية مخالفةً القانون والدستور وتُمييز وتتحيّز للبعض على أساس الفكر والتنظيم والمصلحة التي تراها، لقوله تعالى -: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر: على سبيل المثال لا الحصر، حل الهيئة الادارية لجمعية المركز الإسلامي الخيرية، والتي تأسست على يد ثلةً من القامات الفكرية والابداعية السامقة والتي ما جعلها تبادر لمثل هذه المؤسسة الخيرية والتي تُقدم خدمات مهمة في مجال الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، الا لتقديم العون والمساعدة للمواطن الاردني على امتداد ساحات الوطن، ولا ترجوا من احدٍ الشكر، لأنها تعلم بأن الواجب الديني والوطني والاخلاقي يحتم عليها ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر أهم موجوداتها من البنية التحتية (مستشفيات، مراكز صحية، مدارس، معاهد وكليات، مراكز مهنية، مراكز أيتام وغيرها) قدمت منذ تأسيسها عام ١٩٦٣ خدمات في مجالات متعددة منها مجال الرعاية الصحية: (٢) مستشفى (٦٤) مركز وعيادة صحية، مجال التعليم: (٣٠)مدرسة كلية مجتمع جامعية واحدة (١٥) مركز تعليم مهني، مجال الرعاية الاجتماعية: (٢٠) الف يتم من خلال (٦٠) مركزاً للأيتام، سهمت بشكل مباشر وعملي في الحد من البطالة ووظفت ما يزيد عن (٣٥٠٠) موظف بمختلف التخصصات الطبية والتعليمية والمهنية والإدارية.
كل ما سبق من انجازات كبيرة ومميزة في المجالات التعليمية والصحية والرعاية اجتماعية والحد من الفقر والبطالة قدمتها الجمعية ممثلة بهيئتها الإدارية المنتخبة من هيئتها العامة، لم تشفع لها من الحل، حُلّت عام (٢٠٠٦) الهيئة الادارية للجمعية العملاقة بإنجازاتها الوطنية، بقرار سياسي، وضُرب بعرض الحائط مصالح كل المستفيدين منها من أطباء ومعلمين واداريين وعاملين وفقراء ومسكين وايتام، والتشابكات والاتفاقيات المبرمة مع جهات مختلفة، في عهد حكومة معروف البخيت، وتم تعيين أكثر من هيئةٍ إداريةٍ مؤقتةٍ للجمعية لإدارتها والإشراف على أعمالها وخدماتها المتشعبة والمتشابكة والمنتشرة في أرجاء الوطن، وعلى الرغم بأن دولة القانون والمؤسسات والمتمثلة بقانون الجمعيات الخيرية والذي وضح وبشكلٍ صريحٍ موجبات حل الهيئات الإدارية، والمدد القانونية للهيئات المؤقتة، بحسب القانون رقم (٥١) لسنة ٢٠٠٨ المادة (١٩) منه البند (ب/١) تسمح للهيئة المؤقتة الاستمرار لمدة (٦٠) يوما على الأكثر يتم من خلالها دعوة الهيئة العامة للجمعية للانعقاد لانتخاب هيئة إدارية جديدة وفقا لأحكام هذا القانون والانظمة الصادرة بمقتضاه، والبند(ب/٢) من نفس المادة يُجيز للوزير التمديد للهيئة الإدارية المؤقتة لمدةٍ مماثلةٍ في البند (ب/١) اي (٦٠) يوماً أخرى.
وأقول مع الحرص الشديد للالتزام بدولة القانون والمؤسسات استمرت الهيئة المؤقتة لهذه الجمعية المميزة (١٦) عاماً بدلا من (٤) اربعة شهور كحد أعلى، تخلله التراجع والعبث بمقدراتها التي قُدرت بحوالي مليار ونصف دينار أردني، تراجعت الخدمات الصحية في المستشفى الاسلامي على الرغم من انه كان من أفضل المستشفيات في الاردن ناهيك عن التراجع في جودة التعليم في مدارسها والرعاية الاجتماعية لم تنجى من هذا التخبط.
تم حسم المسألة قضائيا ولكن لم يصوب وضع الجمعية، كيف يمكن أن تلتزم الحكومات ومؤسستها المختلفة بالدستور والقانون، وتكررت مثل هذه الاعتداءات الدستورية على مؤسسات المجتمع المدني والأفراد، ليس إلا لأنها عارضت وطالبت بمحاسبة الفاسدين الذين اقحموا الدولة بالمديونية وباعوا مقدراته، وتعايشوا على معاناة وجراحات الوطن.
لن تقوم لنا قائمة ما لم يكن لدينا نية حقيقية وقرار سياسي للإصلاح الشامل، لنسير بخطى ثابتة نحو مستقبلٍ أفضل يُفضي بدولةٍ حقيقيةٍ بكل المعايير والمقاييس والتي تطمح لها جميع القوى الحزبية والشخصيات الوطنية ويكون الجميع فيها مواطنين من الدرجة الأولى.


Frihat1964@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد