مبادرات ظاهرها الخير وباطنها العذاب

mainThumb

19-10-2022 02:36 PM

الإصلاح السياسي والاقتصادي هاجس جميع القوى الحزبية والوطنية والشخصيات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن، ولا شك أن هناك بعض الخطوات والمحاولات الإصلاحية المرتجفة، والتي يتبعها تخوفات بتوصيات غير مبررة من رجالات الدولة العميقة -كما يسمها البعض- والتي لا تعتمد على أسس علمية في القياس والتقويم، إنما هي تجارب بعض الشخصيات والنُخب الفاشلة والتي أسهمت في تراجع الدولة الاردنية بمختلف مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا تريد مغادرة الحياة السياسية رغم هرم سنها وضحالة فكرها، وتخوفها من القادم، لإعتقادها بأن ما يجري من تغيير وإصلاح هو تهديد لواقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وللمحافظة على هذا الواقع يجري تزيف الحقائق لاصحاب القرار السياسي ووضع العصي بالدواليب لوقف أي مبادرة إصلاح - على مبدأ في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، ولا يعني ذلك أن أصحاب القرار لا يعلمون بماذا يفكر المطبخ السياسي، والذي يضم معظم الشخصيات السياسية والاقتصادية والامنية الحالية والمسابقة واللاحقة.

وعليه فإن القرار السياسي لا يخلو من المصالح الضيقة والشخصية والنفعية لبعض المحاسيب والمقربين، وللمحافظة على مكتسبات وميزات المواقع القيادية العليا في الدولة الاردنية لهم ولابناءهم على إعتبار أنها جزء لا يتجزأ من ممتلكاتهم الخاصة والتي لا يجوز التنازل عنها لغير الورثة الشرعيين.
وهنا تكمن المشكلة والتي على صاحب القرار إدراكها من اجل السير قُدماً بدولةٍ ينتفع منها جميع أبناءها الامناء والصادقين الحريصون على بقاءها، والمضحين من أجلها، لا أولئك الجاهزون والمتأهبين لحزم وحمل حقائبهم لمغادرة الوطن في حال لا سمح الله تعرضه لأي سوءٍ أو أذى، لأن مقدراتهم المادية والعينية التي يملكونها على حساب الوطن هي خارح الوطن.

ويُجمع المفكرون والساسة في الدولة الاردنية أن استمرار التضييق وقوننته، والاعتداء على الحريات العامة، والتدخل في الحياة المدنية ، يؤشر الى أزمة حقيقية في الحكم الذي لا يسمح بأي موقف أو رأي مخالف، مما يؤدي إلى زيادة الاحتقان الشعبي في الشارع، ويأتي تعاظم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الوطن، وتنعكس على المواطن وتسهم في زيادة الفقر والبطالة، وإرتفاع الأسعار، وانتشار المخدرات والجريمة، وتنامي الفساد في جميع مفاصل الدولة، وغياب الدور الدستوري والحقيقي لمجلس الأمة(الاعيان، النواب) بالرقابة على الحكومة، وكل ما سبق يزيد من حالة غياب الثقة وتصدع العلاقة بين الشعب والحكومة بحسب استطلاعات الرأي شبه الرسمية، الامر الذي يدفع المواطنين للتراجع عن المشاركة في الحياة السياسية سواء في الانتخابات البرلمانية أو المجالس البلدية ومجالس المحافظات، والتي أظهرت مشاركة الأردنيين بعمليات الاقتراع بنسب متدنية جداً في معظم الدورات الانتخابية بحسب الأرقام الرسمية.

والمبادرات التي تطرح من الحكومات والمؤسسات الداعمة لها والقوانين التي تتصل بالحريات والاحزاب والانتخاب قد تكون في ظاهرها مقبولة، وإن كانت لا تمثل طموح الطبقة السياسية، إلا أن المشكلة الحقيقية في النية والإرادة والبيئة المناسبة لإجراء أي فعالية أو نشاط سياسي، وتغيير النهج المتبع في التعامل مع كافة مكونات الشعب والوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
ويرى الفلاسفة والمفكرون والاصلاحيون ان نتائج السياسية الصالحة هي دولة صالحة، وعليه فإن النخبة الصالحة من إنتاج السلطة الصالحة.
frihat1964@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد