تجويفات البشرية المظلمة
ولقد كتبت أنا في مقدمتي كمترجمة للكتاب أن
يستعرض كتاب انعدام الجنسية: تاريخ حديث لميرا إل. سيغلبيرغ تاريخ انعدام الجنسية منذ أن تجلى بوضوح كظاهرة سياسية، أممية، ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، تلك الحقبة التي شهدت تحولاً سياسياً وجغرافياً من عالم الامبراطوريات متسعة الرقعة إلى عالم الدول الأممية الحديثة محددة وموثقة الحدود. تركز المؤلفة على تأثير تفاعلات الحربين العالميتين الأولى والثانية، إضافة إلى تأثير فترة الهدنة بينهما، على تشكيل العالم الجديد، هذا العالم الذي فيما كان هو متجهاً نحو تشكيل منظومة حقوقية وإنسانية جديدة تحول الشعوب من رعايا إلى مواطنين مأخوذين بالفكرة السياسية الحديثة لحق تقرير المصير، كان كذلك آخذاً في خلق فئات أقلية غاية في الاستشكالية، أقليات تنهزم كل حقوقها الإنسانية أمام انتصار عملية تشكيل الحدود السياسية وتكوين الدول السيادية.
اليوم، ومع قيام حروب جديدة، كالحرب الروسية الأوكرانية، التي لا يفترض بها أن تقع في عالم حديث يدعي سعيه خلف تثبيت الحقوق الإنسانية والمدنية وتقليص العنف إلى أدنى حدوده، ومع استمرار جرائم دولية يتغافل عنها العالم كجريمة احتلال فلسطين وتهجير السوريين وقمع الروهينغا واضطهاد الإيغور وغيرها الكثير، مع تمادي البشرية في كل هذه الممارسات المناهضة للمفاهيم الإنسانية والمدنية سيستمر انعدام الجنسية كظاهرة عالمية مخزية، هذا إن لم ترتفع نسبته، وسيبقى مأزقاً خانقاً وتجويفاً مظلماً عميقاً يأكل كل من يقع فيه من البشر دون رحمة، ودون سبيل واضح وعادل للخروج والتحرر.
في زمن الحقوق المعاصر، يتعذب ما يزيد عن الاثني عشر مليون إنسان حول العالم بانعدام جنسيتهم، وهو حرمان ناتج عن أسباب عديدة، أوضحها الحروب التي خلفت وراءها شقوقاً عميقة وقع فيها البشر الذين كانوا مهجرين بين الدول، أو هاربين على الحدود، أو غير مالكين لأوراق هوياتية واضحة في حينها. إلا أن هناك أسباباً أخرى لا تقل فجوراً لانعدام الجنسية، أسباباً لا يمكن قبولها في عالمنا الحديث كالعنصريات العرقية والاضطهادات الدينية والطائفية والتمييزات اللونية (لون البشرة) وحتى الفروقات الطبقية والاقتصادية، كل هذه التمييزات الغابرة التي يفترض أننا تركناها كبشرية خلفنا مع ماض عنيف بدائي، ما زالت تلاحقنا، ما زالت تضرب عافيتنا الأخلاقية، متسببة في سقوط العديد من أبناء جنسنا ضحية غياب الهوية، لتتعاظم مع هذا الغياب العذابات الشخصية والجمعية، وليتوه عدد كبير من البشر على حدود الدول الحديثة، في مياه بحارها ومحيطاتها، وخلف قضبان سجون إبعادها.
يعاني ما يقترب من مئة وعشرين ألف إنسان في الكويت من انعدام الجنسية، وهي الظاهرة المنتشرة في كافة دول الخليج والدول العربية، إضافة، كما تمت الإشارة أعلاه، لبقية دول العالم. عديمو جنسية الكويت هم أهلها في الواقع، يعيش معظمهم على أراضيها منذ ما يزيد على الستين عاماً، يتكلمون لهجتها، يدينون بدينها، ويحيون على عاداتها وتقاليدها، هم مواطنون بكل ما تحمل الكلمة من معنى سوى بالورقة التي يحتاجها العالم الحديث ليثبت الانتماء. عديمو جنسية الكويت، أو البدون كما درجت التسمية الداخلية، يتعلمون على أرض الكويت ويعملون عليها كذلك، البعض منهم لم يغادرها مطلقاً ولا حتى لأداء فريضتي الحج أو العمرة نظراً لغياب الأوراق الثبوتية التي توفر حق التنقل الإنساني الأصيل. حقوق كثيرة مغيبة بدون الكويت، واضطهادات كثيرة يعانون منها، أبرزها حالياً التوجه القسري للدفع بهم للاعتراف بجنسية ما مقابل تجديد أوراقهم لتسري بهم الحياة بأقل درجاتها الإنسانية الممكنة. بدون الكويت يعانون، لكنهم قادرون، وإن بالكثير من الحذر، أن يتكلموا وأن يتكلم أهل الكويت معهم كذلك تعبيراً عن معاناتهم. عديمو جنسية بقية الدول الخليجية والعربية لا يتوفر لهم حتى هذا الحق الأساسي البسيط، حق التعبير عن الألم، حق استعراض المشكلة، حتى نطق الآه.
يعيش عديمو الجنسية بيننا في كافة دولنا ومجتمعاتنا دون أن ننتبه لعذاب أرواحهم، دون أن نستشعر ألم قلوبهم، وهل هناك من ألم أعظم من ألم غياب الهوية، هوية يستشعرها الإنسان في روحه وقلبه ويفتقدها على الورق؟ بكل تأكيد هذا المقال تسويقي لكتاب انعدام الجنسية، اقرأوه بالإنجليزية، أو بالعربية المترجمة عن المجلس الوطني، تحدثوا عنه وحدثوا من حولكم عن فحواه، اكتشفوا واكشفوا جرح البشرية الأعظم، الغائر في تاريخنا، المستمر في حاضرنا، ولتكن ثورة بشرية جمعية لإنهاء هذا الظلم الأكثر فحشاً في تاريخنا المليئ بالندبات. لاقتناء الكتاب تفضلوا بزيارة موقع المجلس .
قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم السبت .. أسماء
بيعة متجددة لا تنطفىء لها جذوة بإذن الله
نعم للحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية
هل يملك ترامب حق التدخل بأي سلطة
الحسين إربد الملكي حديث الساعة وعامر صاحب الإنقلاب
الأردن يدين حادث إطلاق النار في أوريبرو السويدية
ماذا رأى المحتضرون العائدون من الموت .. تفاصيل تقشعر الأبدان
الأونروا: سكان غزة يتعرضون لعملية منهجية من نزع الإنسانية
الفايز: علاقات الملك الإقليمية والدولية جنبت الأردن المخاطر
مهم بشأن إعفاءات رسوم تراخيص النقل العام
استشهاد طفل متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال شرقي طولكرم
عمان الأهلية تُثمّن موقف جلالة الملك برفض التهجير
التعادل يسيطر على مباراة الرمثا وشباب العقبة بدوري المحترفين
قرار هام من الضمان الإجتماعي يخص المتقاعدين
الحكومة تكشف سعر القطايف في رمضان 2025
الأمن يضبط سائق المركبة الاستعراضية في الزرقاء
إيعاز من مدير الأمن العام بشأن النزلاء الناجحين بالتوجيهي
المناطق التي قد تشهد تساقطًا للثلوج .. أسماء
منخفض ثلجي شديد البرودة قادم للأردن .. تفاصيل
تنقلات وتشكيلات بين كبار موظفي وزارة التربية .. أسماء
كتاب لاتحاد كرة السلة بخصوص مباراة الأردن وإسرائيل
الجيش يفتح باب التجنيد .. تفاصيل وشروط
موظفون حكوميون إلى التقاعد .. أسماء