من ريان الفلسطيني إلى مهسا اميني الإيرانية

mainThumb

06-10-2022 01:20 PM

انتشر مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي خبر اختفاء واعتقال الفنان الإيراني شيروين حاجي بور، وقد تفاعل معه وبشكل كبير رواد وسائط التواصل، وذلك بعد أن كتب أغنية نقل من خلالها وجع آلاف المحتجين في الشوارع الإيرانية، عقب تعذيب ومقتل الشابة مهسا أميني التي أصبحت أيقونة ورمزاً للحرية ولمقاومة القمع، والتسلط والرجعية والاستبداد. وكأنها بموتها استحالت قرباناً على مذبح أرضها، فمنحت بشجاعتها قوة للمحتجين ليملأوا الشوارع غير آبهين بالعواقب، التي أودت بحياة الكثيرين منهم.
لقد جمع بور في أغنيته، التي حصدت ملايين المشاهدات، منذ لحظة صدورها، كل التعليقات التي انتشرت خلال الاحتجاجات: من أجل الرقص في الشوارع. من أجل كل المرات، التي حرمنا فيها من تقبيل من نحب في العلن. من أجل العقليات المتحجرة. من أجل الحرية.»
ذلك الانتشار الواسع للأغنية هز السلطات الإيرانية القامعة للحريات، فلم يكن أمامها سوى محاولة محو الفنان وأغنيته من الوجود في سلسلة اعتقالات لكل الصحافيين والمشاهير المتضامنين مع الاحتجاجات الشعبية أو من اعتبرتهم «قد ساهموا في تأجيج عمليات الشغب»، فاعتقلت الصحافية نيلوفار حامدي، التي سربت قصة تعذيب وموت مهسا الأميني إلى الرأي العام، بعد أن زارتها في المستشفى وهي في غيبوبة كاملة.
كما ألقت القبض أيضاً على لاعب كرة القدم الشهير كاوه رضائي، الذي لم يخف من إبداء رأيه في مواجهة النظام المتخلف.
ورغم كل الاعتقالات الظالمة والضرب والتعذيب لم يستسلم الشبان والشابات الشجعان، بل زادتهم تلك الاعتقالات إصراراً على الحرية واستمروا في المواجهات والصراخ بأعلى أصواتهم، مطالبين برفع الوصاية عن جسد المرأة، والتوقف عن تقييد للحريات العامة، وذلك رغم وصول حصيلة القتلى التي تزداد يومياً إلى أكثر من 133 قتيلاً، حسب منظمة الحقوق الإيرانية.
أكثر من أسبوعين والمواجهات بين الشعب والسلطة مستمرة، وتمتد في أغلب المدن الإيرانية، هكذا بات سير النساء من دون حجاب وقص الشعور في الشوارع والساحات مشهداً مألوفاً، فصوت الحق لا يقمع، وتلك الأغنية لشيروين حاجي بور ستبقى خالدة في ذاكرة الإيرانيين، لأنها محملة بآلامهم وحرقاتهم ونضالهم في وجه القمع والاستبداد والديكتاتورية.

دولة الاحتلال تخاف من طفل

ومن إيران إلى فلسطين وجع وقهر وموت مستمر. لقد لف الحزن كل الأراضي الفلسطينية، وانشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بموت الطفل ريان سليمان، البالغ من العمر سبع سنوات بسكتة قلبية في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم.

فما القصة؟

لا شيء جديد. إنها سلطات الإحتلال الإسرائيلية المجرمة. لقد جاءت إلى بيته الصغير لتعتقله وأخويه بتهمة إلقاء الحجارة على اسرائيليين يمرون في المنطقة، فشعر ريان بالفزع أمام بطش وظلم ووحشية العناصر. هكذا أصيب مباشرة بنوبة قلبية أدت إلى مصرعه .
يقول والد ريان والألم يعتصره: جاءوا الى البيت وأرادوا اعتقال أولادي، فقلت لهم إن أردتم اعتقالهم اصعدوا إلى البيت، ولكنهم أصروا على نزول أبنائي، ريان حاول الهرب فلحقوا به ومن خوفه سقط شهيداً.
وقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية أن الطفل ريان توفي بسكتة قلبية في مستشفى «بيت جالة» الحكومي، وأكدت في بيان رسمي أن «الطواقم الطبية تعلن استشهاد الطفل ريان سليمان، حيث لم تنجح كافة المحاولات في إنعاش قلبه بعد سقوطه من علو أثناء مطاردته من قبل قوات الاحتلال».
أما الجيش الإسرائيلي، وكعادته، فهو يسعى فاشلاً لتغيير الحقائق وتلوينها، حسب مصالحه، محاولاً تلميع صورته الشنيعة.
هكذا غرد المتحدث باسم جيش العدو أفخاي أدرعي، الشهير باستهباله ومحاولته الدائمة لاصطياد مطبعين جدد، بأن «عددا من المشتبه بهم قاموا بإلقاء الحجارة تجاه مواطنين على الطريق العام بالقرب من قرية تقوع، حيث أجرت قواتنا أعمال تمشيط بحثاً عنهم. لقد وردت أنباء عن وفاة قاصر فلسطيني، حيث يتضح من الفحص الأولى أنه لا توجد علاقة بين نشاطات القوات في المنطقة.»
هذه الجريمة، ليست الأولى في فصول تاريخ العدو الطويل المشبع بذبح الأطفال الفلسطينيين والمستمر و»المبارك» من الرأي العام الغربي والمطبعين العرب.
لقد ودع الشارع الفلسطيني ريان بدموع وحسرة، لكنهما لن تزيداه سوى قوة وإصراراً على استرداد أرضه المغتصبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد