البريطانيون ومشاكلهم اليومية الحارقة
الآن وقد انتهت مراسم الدفن المهيبة للملكة إليزابيث الثانية ونُـصّب شارل الثالث ملكا جديدا، ومع الانحسار التدريجي لأجواء التأثر والحزن، سيجد البريطانيون أنفسهم من جديد في مواجهة مشاكلهم الحياتية المختلفة التي يأملون أن تجد رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس حلولا سريعة لها، وهي التي تجنّبت، لأيام قليلة فقط، الضغط الشعبي الكبير عليها مع حدث موت الملكة وانصراف الناس والإعلام إلى متابعته المكثفة.
«هل تصغين رئيسة الوزراء؟».. هكذا اختارت مجلة بريطانية عنوان غلافها البارز لهذا الأسبوع والذي صادف أنه صدر قبل وفاة الملكة. هذه المجلة ليست ذائعة الصيت، فهي ليست «الإيكونوميست» مثلا، وإنما مجلة شديدة التواضع وقد يكون البعض ممن هم خارج بريطانيا يسمع بها لأول مرة.
مجلة «ذي بيك إسّو» أي المسألة الكبرى مجلة اجتماعية أسسها عام 1991 كل من جوردن روديك وجون بيرد وهذا الأخير من عائلة إيرلندية فقيرة في لندن تشرد في سن الخامسة ثم عاش جزءا من طفولته في دار للأيتام التي هجرها لاحقا وطرد من المدرسة ليعمل في أعمال بسيطة قبل أن يدخل عالم النشل.
هذه المجلة الفريدة من نوعها ترمي إلى إعطاء المشرّدين في المملكة فرصة الحصول من خلال مبيعاتها على دخل مالي يقيهم الجوع والبرد والمبيت في العراء على قارعة الطرقات أو في بعض الحدائق ومحطات الحافلات والقطارات. المجلة لا تتوفر في الأكشاك بل يتكفل ببيعها أكثر من تسعين ألفا تجدهم عادة في المفترقات الرئيسية وهم ينادون باسمها بكل حماسة، فمن خلال بيعها يوفرون بعض الدخل الذي يغنيهم عن التسوّل. وبعد تأسيس المحلة بأربع سنوات انطلقت مؤسسة تحمل نفس الاسم لمساعدة هؤلاء على التمتع بالرعاية الصحية اللازمة والحصول على عمل مما يساعدهم على الاندماج التدريجي في المجتمع.
هذا الطابع الإغاثي أو الخيري للمجلّة لا تعني أنها لا تتضمّن مواضيع صحافية جديرة بالاحترام ففي مقال مطوّل ومبوّب بشكل واضح ومدعوم بالأرقام استعرضت المجلة في عددها الأخير التحديات الكبرى التي تواجه رئيسة الوزراء الجديدة وأولها تكلفة المعيشة في البلد، منبهةً إلى أن نسبة التضخم ستبلغ العام المقبل 18٪ مما يضع الملايين في قلب أزمة كبرى حقيقية.
وفي هذا السياق تورد ما قاله مستشار لدى منظمة تعنى بالسياسيات ضد الفقر بأن «ملايين المواطنين سيواجهون فواتير لا يمكن دفعها وبيوتا لا يمكن تدفئتها وبطونا لا يمكن إشباعها».
وتشرع المجلة في تفصيل أبرز المشاكل من أزمة الطاقة وارتفاع تكلفتها على مختلف الأسر، إلى الأجور التي لم تعد قادرة على مجاراة الارتفاع المتواصل في الأسعار، مرورا حتى بمسألة الوجبات المجانية لتلاميذ المدارس حيث تورد رقما صادما، من مؤسسة «ريزلوشن فوندايشن» المعنية بجودة الحياة وتكاليفها المختلفة، يتمثل في أن 500 ألف طفل في بريطانيا يُنتظر التحاقهم بصفوف الأطفال الفقراء مع أبريل/ نيسان 2023 مما يستوجب توسيع مشروع الوجبات المجانية في المدارس ليشمل كل هؤلاء الجدد.
وتصل المجلة، بعد سردها المخيف لما هو آت، إلى أنه مع ارتفاع أثمان البيوت وإيجارها سيصبح السكن عصيّا على الملايين وأن هناك تخوّفا من أن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع عدد المشردين وهو ما قد يكون بدأ فعلا مع ازدياد أعداد الراغبين في الحصول على السكن الحكومي المخصص لضعاف الحال بعد أن أصبح هؤلاء عاجزين عن تأمين سكن عائلاتهم بإمكانياتهم الخاصة، لكن المشكل هنا أن عدد المساكن المخصّصة لهذا الغرض انخفضت بنسبة 39٪ وعدد الأسرّة بنسبة 26٪ مقارنة بما كانت عليه قبل 12 عاما.
ومع أن الكثير من الدول الأوروبية تعاني من أزمات اقتصادية مختلفة لاسيما مع التداعيات الخطيرة للحرب في أوكرانيا وأبرزها الطاقة والارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء والغاز والوقود إلا أن أزمات بريطانيا تبدو أكثر خطورة وتعقيدا فلندن اليوم وهي تواجه كل ذلك تجد نفسها دون ظهير أوروبي كان يمكن أن يكون سندا لها في مثل هذه المرحلة الصعبة، على غرار ما وجدته دول في ظروف أصعب بكثير مثل اليونان التي لم ينتشلها من الإفلاس الرهيب وويلاته الداخلية سوى مسارعة الاتحاد الأوروبي لنجدتها خوفا من امتداد الحريق اليوناني إلى باقي غرف بيت الاتحاد.
يقول أحد المتابعين الجيّدين للشؤون البريطانية منذ سنوات إن مشاكل بريطانيا ربما ما كان لها أن تكون بمثل هذه الحدة لولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 ولكن لا أحد من السياسيين ولا من وسائل الإعلام يمتلك الجرأة للتطرق إلى هذه الزاوية من الموضوع على أساس أن «البريكست» كان قرارا شعبيا اتخذ بشكل ديمقراطي عبر الاستفتاء ومن غير المناسب الطعن فيه. وفي انتظار أن يتأكد مثل هذا التقييم بشكل علمي دقيق، لا شيء يمنع من التساؤل عمّا إذا كان من المستحيل أن تخطأ أغلبية ما في خيار معين، ثم من قال إن الديمقراطية لا عيوب لها؟!.
«هل تصغين رئيسة الوزراء؟».. هكذا اختارت مجلة بريطانية عنوان غلافها البارز لهذا الأسبوع والذي صادف أنه صدر قبل وفاة الملكة. هذه المجلة ليست ذائعة الصيت، فهي ليست «الإيكونوميست» مثلا، وإنما مجلة شديدة التواضع وقد يكون البعض ممن هم خارج بريطانيا يسمع بها لأول مرة.
مجلة «ذي بيك إسّو» أي المسألة الكبرى مجلة اجتماعية أسسها عام 1991 كل من جوردن روديك وجون بيرد وهذا الأخير من عائلة إيرلندية فقيرة في لندن تشرد في سن الخامسة ثم عاش جزءا من طفولته في دار للأيتام التي هجرها لاحقا وطرد من المدرسة ليعمل في أعمال بسيطة قبل أن يدخل عالم النشل.
هذه المجلة الفريدة من نوعها ترمي إلى إعطاء المشرّدين في المملكة فرصة الحصول من خلال مبيعاتها على دخل مالي يقيهم الجوع والبرد والمبيت في العراء على قارعة الطرقات أو في بعض الحدائق ومحطات الحافلات والقطارات. المجلة لا تتوفر في الأكشاك بل يتكفل ببيعها أكثر من تسعين ألفا تجدهم عادة في المفترقات الرئيسية وهم ينادون باسمها بكل حماسة، فمن خلال بيعها يوفرون بعض الدخل الذي يغنيهم عن التسوّل. وبعد تأسيس المحلة بأربع سنوات انطلقت مؤسسة تحمل نفس الاسم لمساعدة هؤلاء على التمتع بالرعاية الصحية اللازمة والحصول على عمل مما يساعدهم على الاندماج التدريجي في المجتمع.
هذا الطابع الإغاثي أو الخيري للمجلّة لا تعني أنها لا تتضمّن مواضيع صحافية جديرة بالاحترام ففي مقال مطوّل ومبوّب بشكل واضح ومدعوم بالأرقام استعرضت المجلة في عددها الأخير التحديات الكبرى التي تواجه رئيسة الوزراء الجديدة وأولها تكلفة المعيشة في البلد، منبهةً إلى أن نسبة التضخم ستبلغ العام المقبل 18٪ مما يضع الملايين في قلب أزمة كبرى حقيقية.
وفي هذا السياق تورد ما قاله مستشار لدى منظمة تعنى بالسياسيات ضد الفقر بأن «ملايين المواطنين سيواجهون فواتير لا يمكن دفعها وبيوتا لا يمكن تدفئتها وبطونا لا يمكن إشباعها».
وتشرع المجلة في تفصيل أبرز المشاكل من أزمة الطاقة وارتفاع تكلفتها على مختلف الأسر، إلى الأجور التي لم تعد قادرة على مجاراة الارتفاع المتواصل في الأسعار، مرورا حتى بمسألة الوجبات المجانية لتلاميذ المدارس حيث تورد رقما صادما، من مؤسسة «ريزلوشن فوندايشن» المعنية بجودة الحياة وتكاليفها المختلفة، يتمثل في أن 500 ألف طفل في بريطانيا يُنتظر التحاقهم بصفوف الأطفال الفقراء مع أبريل/ نيسان 2023 مما يستوجب توسيع مشروع الوجبات المجانية في المدارس ليشمل كل هؤلاء الجدد.
وتصل المجلة، بعد سردها المخيف لما هو آت، إلى أنه مع ارتفاع أثمان البيوت وإيجارها سيصبح السكن عصيّا على الملايين وأن هناك تخوّفا من أن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع عدد المشردين وهو ما قد يكون بدأ فعلا مع ازدياد أعداد الراغبين في الحصول على السكن الحكومي المخصص لضعاف الحال بعد أن أصبح هؤلاء عاجزين عن تأمين سكن عائلاتهم بإمكانياتهم الخاصة، لكن المشكل هنا أن عدد المساكن المخصّصة لهذا الغرض انخفضت بنسبة 39٪ وعدد الأسرّة بنسبة 26٪ مقارنة بما كانت عليه قبل 12 عاما.
ومع أن الكثير من الدول الأوروبية تعاني من أزمات اقتصادية مختلفة لاسيما مع التداعيات الخطيرة للحرب في أوكرانيا وأبرزها الطاقة والارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء والغاز والوقود إلا أن أزمات بريطانيا تبدو أكثر خطورة وتعقيدا فلندن اليوم وهي تواجه كل ذلك تجد نفسها دون ظهير أوروبي كان يمكن أن يكون سندا لها في مثل هذه المرحلة الصعبة، على غرار ما وجدته دول في ظروف أصعب بكثير مثل اليونان التي لم ينتشلها من الإفلاس الرهيب وويلاته الداخلية سوى مسارعة الاتحاد الأوروبي لنجدتها خوفا من امتداد الحريق اليوناني إلى باقي غرف بيت الاتحاد.
يقول أحد المتابعين الجيّدين للشؤون البريطانية منذ سنوات إن مشاكل بريطانيا ربما ما كان لها أن تكون بمثل هذه الحدة لولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 ولكن لا أحد من السياسيين ولا من وسائل الإعلام يمتلك الجرأة للتطرق إلى هذه الزاوية من الموضوع على أساس أن «البريكست» كان قرارا شعبيا اتخذ بشكل ديمقراطي عبر الاستفتاء ومن غير المناسب الطعن فيه. وفي انتظار أن يتأكد مثل هذا التقييم بشكل علمي دقيق، لا شيء يمنع من التساؤل عمّا إذا كان من المستحيل أن تخطأ أغلبية ما في خيار معين، ثم من قال إن الديمقراطية لا عيوب لها؟!.
إحالة عدد من ضباط الأمن العام إلى التقاعد .. أسماء
محافظة أردنية تحتل المرتبة الأولى بكميات إنتاج زيت الزيتون
قرار حكومي يعمل به بعد 60 يومًا
مصر تستعد لنقل سفارة فلسطين .. تفاصيل
الأردن .. موعد المنخفض الجوي والكتلة الهوائية الباردة
الأردنيون على موعد مع عطلة رسمية .. تفاصيل
الملكة رانيا: إنجح والكنافة علي
خبر سار من الإعلامية الأردنية علا الفارس
فاجعة تهز الوسط الفني بوفاة نجم آراب آيدول
العين ذنيبات يهاجم عموتة ويقول:منتخب النشامى نمر من ورق
أمطار قادمة للمملكة في هذا الموعد .. تفاصيل
وظائف ومقابلات بالصحة والزراعة والأمانة ووادي الأردن
وفاة أيمن العلي الملقب بملك جمال الأردن